في بيته بحي لحبوس بمدينة الحسيمة، استقبلنا أحمد الزفزافي والد قائد حراك الريف ناصر الزفزافي المحكوم عليه بعشرين سنة سجنا. الزفزافي الأب يحكي لنا في هذا الحوار عن أصول عائلته وعلاقتها بمحمد بن عبدالكريم الخطابي، ويسرد لنا روايته لأحداث 1959 ثم 1984 كشاهد عيان، كما عرج للحديث عن تجربته السياسية وعلاقته بحزب الأصالة والمعاصرة، ثم حكى لنا عن طفولة ابنه الذي أصبح أيقونة حراك الريف، اهتماماته وتفاصيل عن نشأته وحياته… قبل سنة 2011، هل كان ناصر يخرج مع الحركات الاحتجاجية؟ كان ناصر يذهب حتى مدينة مراكش مع الحركة الأمازيغية للمشاركة معها في المسيرات، وكان يخرج مع النهج الديمقراطي أثناء توزيعهم منشورات مقاطعة الانتخابات. هل كان يحس بأنه قريب من حزب النهج الديمقراطي؟ لا، لم يكن قريبا من حزب النهج الديمقراطي ولم يكن نهجوي الهوى، كان يؤمن بفكرة مقاطعة الانتخابات، ولم يسبق له أن شارك أو صوت في الانتخابات، وكلما كان يجد حزبا أو هيئة تدعو إلى فكرة يؤمن بها، ساندها وخرج معها للتظاهر. هل كنت تشارك في الانتخابات وتدلي بصوتك؟ كنت أصوت لصالح مناضلي حزبنا. حين كنت عضوا في الاتحاد الاشتراكي، لم يكن ناصر يصوت آنذاك؟ لا، لم يكن يصوت، جرى تسجيله في اللوائح، وحصل على بطاقة الناخب، لكن لم يسبق له أن أدلى بصوته لصالح أي مرشح. في أي سنة بدأ ناصر يخرج في الاحتجاجات؟ بدأ يخرج في المظاهرات منذ سنة 2010، وقبل هذا التاريخ لم يكن يخرج بشكل نهائي. كيف كانت شخصية ناصر في احتجاجات 2011؟ كان مثل جميع أبناء الحسيمة المشاركين في الاحتجاجات. لماذا لم يبرز نجمه في تلك الأحداث؟ عشرين فبراير كانت موجة احتجاجات وطنية، وهو كان يخرج مثل جميع الناس، كان هناك منظمون للمسيرات، وكان هو يشارك فيها، لكن قضية محسن فكري لها سياق مختلف، كان هناك أناس يدعون التقدمية والنضال يقفون في مكان الحادث، لكن لم يتكلم أي أحد منهم في لحظة مقتله. كان هناك خوف من السلطات، لكن ناصر جمع الناس الذين كانوا موجودين في الساحة، وقال لهم: «إذا لم نحتج اليوم، سيحدث لنا مثل محسن فكري وسنطحن جميعا، لذلك، يجب أن نضع حدا للدولة التي تقتلنا ببطء»، فنجح في جذب الناس واستجابوا له، لأنه كان لديهم استعداد لذلك، والمواطن هنا في المنطقة وجد نفسه في الحراك، إلى درجة أنني شاهدت أساتذة وأطباء ومهندسين لم يسبق لهم أن شاركوا حتى في مظاهرة داخل مؤسساتهم، لكنهم كانوا يشاركون في المسيرات التي يدعو إليها ناصر. وشارك في المسيرات مناضلو حزب العدالة والتنمية والأحزاب الأخرى، رغم قول ناصر إن الأحزاب عبارة عن دكاكين سياسية. من كان ناصر ينظم الاحتجاجات في الحسيمة سنة 2011؟ كان اليسار هو الذي ينظم المسيرات، وأقصد النهج الديمقراطي والقاعديين. هل كان ناصر معهم في اللجنة التنظيمية؟ لا، لم يكن معهم في أي تنظيم، حين كانت المسيرة تنطلق، تجده وسطها مثل باقي الشباب، لا أقل ولا أكثر من ذلك. بعدما خمدت شرارة 2011، ألم يكن ناصر يدعو السكان إلى الاستمرار في الخروج للاحتجاج؟ حتى إذا قالها، فلا حياة لمن تنادي، لكن قضية محسن فكري هي قضية كبيرة، فأن يطحن إنسان أمام مخفر شرطة، وأمام المحكمة الابتدائية، وفي الشارع العام، وأمام الملأ، ويسمع الناس عبارة «طحن مو» يتفوه بها أحد المسؤولين، فهذه قضية كبيرة وليست قضية صغيرة. حين كان ناصر ينشر مقاطع الفيديو على موقع «يوتوب»، لم يأت إليه رجال السلطة ليستفسروه عن محتوى تلك الفيديوهات قبل موت فكري؟ هو لم يكن يهاجم النظام أو المؤسسة الملكية لكي تحذره أو تنبهه السلطات، كان يهاجم الأشخاص، ويتحدث عن القضايا الرائجة في الحياة السياسية الوطنية أو المتعلقة بالإقليم.