أدخل الصحافي والناقد الأدبي اللبناني عبده وازن جائزة “البوكر” في دائرة شك كبير، عندما أخبر بنتيجتها النهائية، ساعات قبل الإعلان عنها رسميا. غير أن وازن لم يكتف بإعلان تتويج الروائية اللبنانية هدى بركات عن روايتها “بريد الليل”، بل طعّم مقالته بمعلومات إضافية أو بما سمّاه ب”المفاجأة”، مفادها أن بركات لم تكن تنوي ترشيح عملها، لأنها كانت “زعلانة” من إدارة الجائزة، وأنها رشحت عملها هذا بعدما أقنعتها الناشرة رنا إدريس بأن الجائزة ستكون من نصيبها. وقد تأكد جزء كبير من هذه “المفاجأة” على لسان الفائزة نفسها خلال حفل التتويج. إذ قالت حرفيا: “أنا كما هو معروف كنت قد رفضت ترشيح رواية “بريد الليل” إلى جائزة “البوكر”، إلا أن دار الآداب للنشر طلبت منى أن أرشحها فقلت: “كلا أنا زعلانة منهم.. لأنني في عام 2013 كنت قد ترشحت للجائزة عن رواية “ملكوت هذه الأرض”، ولم تصل إلى القائمة القصيرة”. تفاعلا مع هذا السجال، كتب الناقد السعودي تدوينة على صفحته في الفايسبوك يقول فيها إن “ما كتبه عبده وازن، بنبرته الواثقة وعباراته الجازمة، إنما يعني أن البوكر العربية تنام منذ زمن مع أعدائها. وأنها صارت اليوم بحاجة إلى مخاطبة القارىء العربي بشفافية أعلى بعد صمت طويل على كل ما يحيط بها من أقاويل…”. كما انتقد ما سمّاه ب”مافيا” دور النشر ولجان التحكيم ومنابر الإعلام التي أودت بسمعة الجائزة، وهي تتحكم في طبخ نتائجها النهائية. بدورها، احتجت الروائية العراقية “إنعام كجه جي” على هذا التسريب، بامتناعها عن حضور حفل توزيع الجائزة. إذ كتبت على صفحتها في الفايسبوك: “الآن بدأ في أبو ظبي حفل الإعلان عن الفائز بجائزة “البوكر” للرواية العربية. وجدت أن من المناسب الامتناع عن حضور الحفل بسبب التسريبات التي سبقته وتضر بهذه الجائزة”. وأضافت قائلة إنه “لا يمكنني المشاركة في ما نسميه باللهجة العراقية عرس واوية. مبروك للعزيزة هدى بركات فوزها ب”البوكر”، وهي تستحق ما هو أفضل من هذه الجائزة التي كانت على حق يوم دعتني إلى مقاطعتها”. وقد أثارت هذه التعليقات سخط الكاتب الإماراتي حبيب الصايغ، الذي يرأس اتحاد الكتاب والأدباء العرب. إذ صبّ جام غضبه على “تصرفات عبده وازن الغريبة”، حيث جرّم ما كتبه قائلا: “ما قام به وازن هو عمل مجرم قانونا في الإمارات؛ لأنه أضر بمصالح الدائرة الوصية والجائزة وأمانتها العامة ولجنة تحكيمها”. ولم تسلم الفائزة من نقده اللاذع، حيث قال في حقها: “في كلمتها الغريبة، عبرت بركات، في لغة مرفوضة، عن ترفعها على الجائزة، وأنها كانت “زعلانة” على الجائزة؛ لأنها لم تصل إلى القائمة القصيرة في العام 2013، وأنها ترددت عندما طلبت منها لجنة التحكيم الترشح لنسخة هذا العام؛ لأنها ستكون حزينة و”تزعل” “إذا ما اختاروني”، فهل يعقل؟”، أضف إلى ذلك أنه شن هجوما قاسيا على انتقادات مرشحة أخرى في اللائحة القصيرة هي الروائية الأردنية “كفى الزعبي”: “كلام الزعبي البسيط والتافه والفج لا يستحق الرد، لكن تنبيه القائمين على الجوائز واجب. هل تدرس النصوص وحدها دون سير وشخصيات المتقدمين؟ ألم نتعلم من التجربة وفي المنطقة المعتمة من الذاكرة أمثال سعدي يوسف والشبرمي؟” ولم تتردد مؤلفة “شمس بيضاء باردة” في دخول هذه الحرب الكلامية، حيث قالت إن كلام رئيس اتحاد الكتاب والأدباء العرب “خطير ومسيء للكتاب العرب جميعهم، الموالين منهم للسلطات السياسية قبل المعارضين”، مشيرة إلى أن “شرط الحرية- حرية الكاتب، كإنسان ومواطن عربي، وحرية نصه- هو شرط رئيسي للكتابة.” وأضافت معتبرة موقف الصايغ بمثابة “فضيحة أخرى للجائزة، فبعدما فوّزوا عملا بأوامر عليا، يطالب الآن بشروط تقوم على فلترة أسماء المرشحين، حسب مواقفهم السياسية قبل النظر إلى أعمالهم!”.