بعد مرور أكثر من أسبوعين على اعتقال الجهادي المشتبه فيه، زهير البوحديدي (23 عاما)، المهاجر والطالب بجامعة إشبيلية، من قبل السلطات المغربية، يوم 9 أبريل الجاري بالدار البيضاء، بتهمة التخطيط لتنفيذ اعتداء إرهابي بمدينة إشبيلية بينما كان يقضي عطلة “عيد الفصح” بالمغرب، وفي ظل عدم تقديم توضيحات بخصوص السبب الرئيس الذي جعل السلطات الإسبانية تتجنب اعتقاله في إشبيلية وانتظارها سفره إلى المغرب وتطلب اعتقاله؛ لازالت السرية التامة تطبع التحقيقات الجارية التي تقوم بها الجهات المختصة المغربية والإسبانية، لكن مصادر أمنية إسبانية كشفت أنه يتم التحقيق مع المزيد من الأشخاص الذين لم يتم اعتقالهم ضمن الخلية الداعشية الجنينية للبوحديدي. معطيات نشرتها صحيفة “آ ب س” الإسبانية كشفت أنه بناء على خلاصات استنطاق المحققين المغاربة للمشتبه فيه زهير البوحديدي، لازال المحققون الإسبان يواصلون تحرياتهم في مدينة إشبيلية بعد توصلهم بمعلومات تفيد بأن الأمر يتعلق بخلية جهادية في مرحلتها الجنينية، لكنها لا تقل خطورة. التحقيقات ذاتها مكنت من اعتقال طالب مغربي جديد يدعى عبد الرزاق الطيبي (21 عاما) بمدينة إشبيلية صديق للمتهم الرئيس زهير البوحديدي. وهو الاعتقال الذي جاء بعد كشف البوحديدي أسماء شركائه المحتملين على هامش استنطاقه من قبل المحققين المغاربة، ولا يستبعد أن تحدث اعتقالات أخرى سواء في المغرب أو إسبانيا. غير أن القضاء الجالس الإسباني ارتأى متابعة الطالب عبدالرزاق في حالة سراح بكفالة مع حجز جواز سفره، رغم قرار النيابة العامة بالطعن في القرار. ووفقا لتقارير إعلامية إسبانية كان الولوج إلى صفحة عبدالرزاق في الفايسبوك مفتوحا للجميع، لكنها أغلقت بعد اعتقاله، حيث كان يظهر أنه يعشق الرياضة، كما كان يبدي عشقه لوطنه الأم المغرب. وتبرز التسريبات الإسبانية أن الطالب المغربي عبدالرزاق دخل إلى المغرب مع البوحديدي خلال الشهر الجاري، لكن إلى حدود الساعة لم تكشف الأسباب الرئيسة للزيارة. وإذا كان الأمن المغربي اعتقل البوحديدي قبل عودته إلى إسبانيا بطلب من الأمن الإسباني، فإن رفيقه في الجامعة عاد إلى إشبيلية بدون مشاكل. وبخصوص البوحديدي، تشير التحقيقات الأولية إلى أنه دخل في اتصالات، بداية هذه السنة، مع قيادي في التنظيم الإرهابي داعش في سوريا عبر تطبيق التواصل الاجتماعي “تيليغرام”، وهو التطبيق المفضل لدى الجهاديين للتواصل فيما بينهم. ووفقا لوكالة الأنباء الإسبانية “إيفي”، عرض القيادي الداعشي على الطالب البوحديدي، في البداية، تنفيذ اعتداء إرهابي على منوال “الذئاب المنفردة”، قبل أن يطلب منه التريث لسببين: أولا، طلب منه تشكيل خلية إرهابية؛ ثانيا، انتظار التعليمات الداعشية بخصوص أهدف بعينها يتوجب استهدافها. في السياق نفسه، عللت الحكومة الإسبانية اعتقال البوحديدي بإثارته انتباه المحققين بتفاخره بنواياه في المنتديات الجهادية. وأثناء استنطاقه من قبل المحققين المغاربة، اعترف أنه كان يرغب في تفجير نفسه خلال عيد الفصح المنصرم بإشبيلية، كما منح المحققين المغاربة أسماء الأشخاص الذي كان يتواصل معهم مثل الموقوف حديثا الطالب عبدالرزاق. ويرجح أن تكون المجموعة التي كشف عن أسمائها هي التي بدأ معها في تشكيلة اللبنة الأولى للخلية المستقبلية لتنفيذ اعتداءات إرهابية طبقا تعليمات “داعش”. ويبدو، كذلك، أن السلطات الإسبانية كانت تفضل اعتقال البوحديدي في المغرب بدل إسبانيا، وفي هذا تقول “آ ب س”: “غير أن الأمن الإسباني، وفي ظل خطر ما يروج له البوحديدي على الإنترنيت، استغلت إقامته في المغرب، حيث طلبت تعاون البلد الجار ليتدخل لاعتقاله، متجنبة عودته إلى إسبانيا”. على صعيد متصل، كشفت معطيات موازية أوردتها “آ ب س” ارتفاع عدد المتطرفين المغاربة المشتبه في انتمائهم إلى التنظيم الإرهابي داعش، إذ إنهم يمثلون 64 في المائة من مجموع الموقوفين سنة 2018. وأضاف المصدر ذاته أنه خلال السنة الماضية تم اعتقال 58 جهاديا بإسبانيا، وهو ثاني أكبر رقم مسجل في العقد الأخير بعد اعتقال 102 من المتطرفين سنة 2015. ويؤكد هذا الارتفاع اختراق داعش لبعض أفراد الجالية المغربية بالجارة الشمالية.