أبحاث قضائية تمهيدية فتحتها الشرطة القضائية بابن جرير، مؤخرا، في شأن شكايات تقدمت وكالة الخدمات الإقليمية التابعة للمكتب الوطني الكهرباء والماء الصالح للشرب بالرحامنة، إلى وكيل الملك لدى ابتدائية المدينة، حول ضبطها لأكثر من 200 تلبس باختلاس الكهرباء بالإقليم نفسه، خلال السنة المنصرمة لوحدها، وهي الحالات التي كلفت خسائر حدّدها مصدر مسؤول بالمكتب الوطني للماء والكهرباء في 7،15 مليون درهم (مليار و570 مليون سنتيم)، وهي القيمة المالية للطاقة الكهربائية المختلسة في سنة واحدة فقط. واستنادا إلى المسؤول نفسه، فإن سرقة الكهرباء بالرحامنة تهم 70 حالة تم ضبطها، خلال السنة المذكورة، بالمجال الحضري، ممثلا في مدينة ابن جرير، حاضرة الإقليم، فضلا عن أكثر من 130 حالة أخرى بالمجال القروي، في 21 جماعة ترابية، فيما أشار إلى أن 4 جماعات قروية بجنوب الإقليم (رأس العين، الطلوح، عكرمة، والجعيدات) تتبع لوكالة “تملالت” المجاورة، بإقليم قلعة السراغنة، بحكم القرب الجغرافي. وأوضح مصدرنا بأن النيابة العامة أمرت الضابطة القضائية المختصة، ممثلة في الشرطة القضائية بالمنطقة الإقليمية للأمن بابن جرير، بإجراء أبحاثها الأمنية في شأن الشكايات المذكورة، إذ وصلت الملفات التي فتحت في شأنها أبحاث تمهيدية إلى أكثر من 100 حالة، وهي الحالات التي قال إنها مضبوطة بالوثائق والأدلة، نافيا بأن يكون شابها أي تعسف أو شطط إداري. وتابع المسؤول نفسه بأن المكتب الوطني للماء والكهرباء، وعلى غرار باقي مناطق المغرب، أطلق حملة للتصدي لظاهرة اختلاس الكهرباء، منذ أكثر من ثلاثة أشهر، محدثا خلية تقنية وتجارية وقانونية إقليمية بالرحامنة، تعمل بتنسيق مع مختلف الجهات المسؤولة قضائيا وأمنيا وترابيا، مضيفا بأن بعض الحالات تمت تسويتها حبيا، بعد أن أدى المخالفون الفواتير التقديرية للكهرباء المختلس، والتي قال إن إحداها تجاوزت 600 ألف درهم (60 مليون سنتيم)، فيما أحالت الوكالة الإقليمية على القضاء ملفات الأشخاص الذي رفضوا التسوية الحبية. وبخصوص الطريقة التي يتم بواسطتها ضبط حالات اختلاس الطاقة الكهربائية، أوضح بأن شبكة التوتر المتوسط مجهزة بوسائل المراقبة والوقاية، إذ أن كل خط يتوفر على عداد للاستهلاك، والذي تتم مقارنته مع الطاقة الكهربائية الموزعة، وإذا كان هامش الفرق كبيرا، فإن ذلك يعني بأن الأمر يتجاوز حالات ضياع الطاقة بسبب الأعطاب المفترضة إلى وجود حالات سرقة، فضلا عن عمليات تحليل الاستهلاك بالنسبة للزبناء، والتي تمكن من الوقوف على أي اختلاس مفترض، بالإضافة إلى شكايات المواطنين، والمراقبة التي يقوم بها موظفو المكتب خلال معاينتهم للعدادات. واعتبر المصدر نفسه بأن الرحامنة من بين الأقاليم التي تشهد ارتفاعا في اختلاس الطاقة الكهربائية بالمغرب، مرجعا الأمر إلى شساعة الإقليم، التي تبلغ 5480 كلم مربعا (أكثر من نصف مساحة لبنان)، فضلا عن أن الشبكة الكهربائية فيه متفرقة. وأوضح بأن المكتب الوطني للكهرباء ضخ استثمارات كبيرة في الإقليم، الذي كانت فيه البنيات التحتية الكهربائية ضعيفة، حتى وقت قريب، إذ لم يكن عدد الزبناء يتجاوز 20 ألف شخص، في سنة 2010، قبل أن ينتقل عددهم إلى 54 حاليا. يشار إلى أن رئيس النيابة العامة، محمد عبد النبوي، سبق له أن وجّه كتابا إلى الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك بالمحاكم الابتدائية، يطالبهم فيها بالتعامل بصرامة مع جرائم اختلاس الطاقة الكهربائية، والاعتداءات التي تلحق بتجهيزاتها، كما طالبهم بفتح أبحاث قضائية واتخاذ التدابير الحازمة في حق مرتكبي هذه الخروقات، وهي الدورية التي جاءت على خلفية الشكاية، التي تقدم بها لديه المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، يدق فيها ناقوس الخطر من الخسائر الفادحة التي يتكبدها المكتب من جراء تنامي ظاهرة اختلاس الطاقة الكهربائية في مختلف المناطق، والتي تجاوزت 43 مليار سنتيم، خلال السنة الماضية، ناهيك عن تعرّض المستخدمين إلى الاعتداء، واستنزاف الطاقة الكهربائية، وإتلاف الأجهزة المتعلقة بها.