أمضى الأساتذة “المتعاقدون” أطر الأكاديميات الجهوية، ليلة بيضاء في شوارع العاصمة الرباط، بعدما تحول اعتصامهم الاحتجاجي أمام مقر البرلمان إلى مطاردات في شوارع العاصمة، من طرف قوات الأمن، عاش “اليوم 24” فصولها على مدى ساعات متواصلة. ورغم أن الأساتذة “المتعاقدون” كانوا يضعون احتمال تدخل أمني لفض اعتصامهم الليلي كما سبق أن وقع قبل أيام، إلا أن التدخل الأمني في حقهم ليلة أمس، فاق التوقع، بعدما رصدت له إمكانات بشرية مهمة وأكبر بكثير مما يرصد عادة لتفريق المتظاهرين في العاصمة، وتم تعزيز التدخل بشاحنتي ضخ مياه، وقوات التدخل بالدراجات النارية، التي طاردت “المتعاقدين” حتى في أزقة حي “ديور الجامع” الفاصل بين وسط المدينة ومنطقة “القامرة”. مطاردات الأمن ل”المتعاقدين”، والتي امتدت على طول شارع محمد الخامس وشارع الحسن الثاني، وهي المسافة التي تقدر بحوالي 8كيلومترات، حولت المنطقة إلى مسرح، أيقظ السكان لمتابعة أطواره، وتتبع مطاردة الشرطة ل”المتعاقدين” بالعصي والمياه. واستعملت قوات الأمن في هذه الليلة الماضية خراطيم المياه بشكل استثنائي، على طول شارع الحسن الثاني الممتد من ساحة باب الأحد بالمدينة العتيقة وإلى حدود المحطة الطرقية “القامرة” دون أن تنجح في تفريق “المتعاقدين بشكل كامل، حيث كانوا يتشتتون ثم يعودون للتجمع برفع الشعارات من جديد، ليعود التدخل بالقوة من جديد لتفريقهم. وكما عاين “اليوم 24” على مدى الليلة الماضية، وعلى كيلومترات شارع الحسن الثاني، تدخلت قوات الأمن بالضرب وخراطيم المياه، لتأتي بعدها سيارات الإسعاف لنقل المصابين إلى المستعجلات، ومع تزايد أعداد المصابين بدأت سيارات الإسعاف تنقل أعدادا كبيرة منهم في سيارة واحدة. مع كل موجة جديدة من الضرب وضخ المياه، كانت أصوات “المتعاقدين” ترتفع بالشعارات التي تتحدى المقاربة الأمنية التي تنتهجها الحكومة لوقف احتجاجاتهم، حيث كانوا يختارون الهرب من الضرب والركل، وكانوا يقاومون خراطيم المياه التي كانت ترش في كل الاتجاهات على طول الشارع، لتنتهي الليلة وجل الأساتذة بثياب مبللة. ليلة “المتعاقدين” اشتدت في حدود الساعة الثالثة من فجر اليوم الخميس، بعدما أجبروا بالقوة على التوزع على مجموعات مشتتة بين وسط المدينة ومحيط محطة “القامرة”، وهناك بدأت أصوات الكثير منهم تنادي بتعليق الاحتجاج لوقف تزايد أعداد المصابين بينهم، والذي كان قد تخطى عتبة 50 مصابا، وهو المقترح الذي تجاوب معه في تلك اللحظة عدد كبير من الأساتذة، المنهكين من الجري جراء مطاردة الأمن على مدى ساعات متواصلة. وبعد الساعة الثالثة، نجحت قوات الأمن في تقليص أعداد “المتعاقدين” في كل مجموعة معزولة، حيث اختاروا وقف شعاراتهم الاحتجاجية والاتجاه نحو نقاش ما سيقدمون عليه، كان عدد كبير منهم قد غادر، ليقرر الباقون تعليق الاحتجاج، إلى حين اتخاذ مجلسهم الوطني اليوم الخميس قرارا جديدا في مستقبل حراكهم. وبعدما علق الأساتذة “المتعاقدون” احتجاجاهم في حدود الساعة الثالثة من فجر اليوم الخميس، كانت مستعجلات مستشفى ابن سينا بالعاصمة الرباط قد غصت بالمصابين منهم، بكاء ودموع وخوف واتصالات بالأقارب والأهالي ومحاولات لتحديد هوية المغمى عنهم من الأساتذة. “المتعاقدون” كانوا قد وضعوا أحد منسقيهم لمتابعة أعداد الأساتذة المصابين في التدخل الأمني لهذه الليلة السوداء، وصرحوا ل”اليوم 24″ بأن أغلب الإصابات كانت على مستوى الأرجل والأيادي والرأس، كما سجلت وجود عدد من الاختناقات بسبب إصابات على مستوى الصدر وحالات دخلت في المستشفى في غيبوبة. وحسب معلومات ذات المصادر، فإن حصيلة الأساتذة المصابين في التدخل الأمني لهذه الليلة، انتهت بتوافد 64 حالة على المستعجلات، منها أساتذة “متعاقدون” وأربعة أساتذة من تنسيقية حاملي الشهادات العليا، بالإضافة إلى أستاذة من “الزنزانة 9″، فيما سجلت أخطر إصابة في هذه الليلة في حق أب أستاذة “متعاقدة”، جاء من آسفي وأصيب في رأسه ولا زال في قسم الإنعاش.