بعد قرار الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي فرض تلقي التقارير الطبية لتبرير الولادات القيصرية، واعتماد تعويضات الولادات العادية في الحالات غير المقنعة، والغليان الذي ساد المصحات الخاصة، والتي أصدرت قرارا بدورها عن الكف عن التعامل مع الحوامل بتعويضات “كنوبس”، وفرض تقاضي الواجبات المالية مباشرة من المرضى، أوضح ممثل “كنوبس” أحقية الصندوق في اللجوء إلى القرار المتخذ، في حين هاجم ممثل الشبكة الوطنية للدفاع عن الصحة الصندوق والأطباء هذا القرار، معتبرا أن المتضرر الأول منه هو المواطن. وأوضح عزيز خرصي، رئيس خلية التواصل لدى الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، أن المعركة بين “كنوبس” وأطباء التوليد، وصلت مرحلة كسر العظام، موضحا أن الصندوق لم يطلب من الأطباء سوى ما يجري على باقي العمليات الأخرى، مضيفا أن من حق الصندوق التدخل وطلب تقرير طبي، وفق المادة 26 من قانون 65.00 من مدونة التغطية الصحية، التي تقول: “يتعين على الهيئات المكلفة بتدبير التأمين الإجباري الأساسي على المرض تنظيم مراقبة طبية تهدف بصفة خاصة إلى فحص مدى مطابقة الوصفات لتقديم العلاجات المطلوبة طبيا، وفحص صحة الخدمات على المستوى التقني والطبي”. وأضاف خرصي في تصريح ل”أخبار اليوم” أن “كنوبس” يطلب التقارير الطبية في مجموعة من الخدمات، في حين يتم رفض تقديم تقارير بخصوص الولادة القيصرية، مضيفا أن هذا النوع من الولادة ارتفع بنسبة مهمة، والصندوق لا مشكل لديه في تعويض الولادة القيصرية إذا كانت الضرورة تحتم ذلك، مشيرا إلى أن بعض الحوامل يطلبن إجراء ولادة قيصرية دون أن يكون هناك سبب طبي لإجرائها، فالصندوق سيدفع قيمة الولادة العادية، وعلى المرأة الحامل أن تدفع الفرق، مؤكدا أن الصندوق كان يتراسل مع أطباء التوليد في 2014 و2014 حول الولادات القيصرية، وكان يتلقى تفاعلا مع الأطباء دون إشكال، مضيفا أن “كنوبس” يطلب فقط، التقرير الطبي عند الإدلاء بالفواتير، وليس قبل إجراء العملية القيصرية. وحول تطورات الموضوع وانعكاساته على المواطن، قال علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، إن قرار الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، مع أطباء التوليد، يعتبر تدخلا غير قانوني في شؤون ومهام الأطباء، الذين لهم السلطة التقديرية في إجراء العملية القيصرية، أو الولادة العادية، محددا أن الخيار في العملية القيصرية يعود لطرفين فقط، وهي الأم الحامل، والطبيب، مشيرا إلى أن هناك حالات تكون فيها الحامل مصابة بأمراض كالسكري وضغط الدم، وأمراض القلب والشرايين، وأمراض أخرى، مما يفرض على الطبيب إجراء ولادة قيصرية، كما أن الأم الحامل لها الخيار في نوعية الولادة، ولا أحد له الحق في التدخل في كيفية العلاج ولا كيفية الجراحة أو الولادة، ولو كانت إدارة المصحة نفسها، لأن المهنة لها قواعدها وأخلاقها المهنية، مؤكدا أن السلطة التقديرية تعود للطبيب والحامل نفسها. وأوضح علي لطفي في اتصال مع “أخبار اليوم” أن هاجس “كنوبس” هو مالي توازني فقط، ولا يفكر بتاتا في حالة الأم الحامل ولا في صحة الجنين ولا في احترام مهنة الطب التي لها سلطة القرار في العلاج والجراحة، مؤكدا على ضرورة تدخل الهيئة الوطنية للأطباء، من أجل حماية حقوق المريض، مؤكدا أن الولادات عبر العالم ارتفعت فيها الولادة القيصرية بنسب كبيرة جدا، كفرنسا وبريطانيا وجنوب إفريقيا والصين، مشددا على أن الهالة التي خلقتها “كنوبس” لا مبرر لها، وإذا كان لها هاجس مالي، فعليها اللجوء إلى الحكومة لتعويضها. وحول قرار أطباء ومصحات التوليد بعدم قبول ملفات الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، ابتداء من فاتح ماي المقبل، أوضح علي لطفي أن القرار غير منسجم مع أخلاقيات المهنة، وهو خارج الضوابط والقوانين، معتبرا أن الولادة في حالة استعجال، ورد الحامل، يعاقب عليها القانون، لأنه يدخل في إطار “عدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر”، وإذا رفضت المصحة، فإن المعنية بالأمر من حقها متابعة المصحة أمام المحاكم، مضيفا أن مواجهة “كنوبس” لا يجب أن يكون على حساب النساء الحوامل، وحرمانهن من الحق في الولوج لمصحات الولادة، مشددا على ضرورة تراجع الأطباء عن هذا القرار، مشيرا إلى أن المغرب مصنف في ترتيب سيئ جدا من حيث توفره على أكبر معدلات الوفيات في صفوف الأمهات الحوامل والرضع، حيث تحصل 112 وفات في كل 100 ألف ولادة حية، في حين أن في أوروبا تتراوح النسبة بين 3 و5 في كل 100 ألف ولادة حية، وأيضا، أكبر نسبة من الدول المغاربية والعربية، خاصة في العالم القروي.