في أول خروج واضح للحديث عن “اغتيال” الجنرال أحمد الدليمي، أحد أقوى رجالات عهد الملك الراحل الحسن الثاني، والذي تولى مهام أمنية كبرى خلال ما يُعرف بسنوات الرصاص؛ قال أخ الجنرال الراحل، فريد الدليمي: “إن الذين نفذوا اغتياله هم أشخاص داخل النظام من المدنيين، بتواطؤ مع بعض العسكريين، وكانوا جميعا يكنون له مشاعر الحقد والكراهية، وأعتبرهم أعداء للوطن وللحسن الثاني”. فريد الدليمي أوضح في حوار خص به مجلة “زمان” المختصة في المواضيع التاريخية، أنه يتحفظ على ذكر أسماء هؤلاء الذين يقول إنهم يقفون وراء اغتيال شقيقه. فريد الدليمي، الذي اشتغل إطارا في وزارة المالية، كمراقب في مديرية التأمينات والاحتياط الاجتماعي، ثم كرئيس لقسم مراقبة شركات التأمينات، قبل أن يستبعد عام 1987، بسبب اسم أخيه الجنرال، حسب تصريحه، قال إن والده تلقى نبأ وفاة أحمد الدليمي عن طريق القصر الملكي في مراكش، “فأرسل لي السائق إلى محل سكناي في الرباط لإبلاغي بالنبأ، فانتقلنا على الفور إلى مراكش في السيارة في حالة نفسية جد سيئة، وأؤكد لك أنه في تلك اللحظة لم نعد نثق في أحد، حتى في من كانوا معنا في السيارة، لذلك تحدثنا أنا ووالدي بالفرنسية”. فريد الدليمي تحدث عن تفاصيل ليلة 25 يناير 1983 التي وقعت فيها “الحادثة”، والتي مات فيها الجنرال القوي حينها، وقال إنه لحظة وصوله إلى بيت أخيه رفقة العائلة، “رأينا سيارته من نوع مرسيدس محترقة، وعلى بعد أمتار منها شاحنة ليس بها أي ضرر، وهنا تأكدنا أن الرواية الرسمية عن وفاته ملفقة”. أول المتصلين من القصر الملكي كان هو الجنرال مولاي حفيظ، رجل ثقة الحسن الثاني، حيث أبلغه برغبة الملك في دفن أحمد الدليمي في الرباط، وطلب من العائلة العودة فورا إلى العاصمة. ارتبطت الوفاة الغامضة للجنرال أحمد الدليمي بمهامه الحساسة التي كان يتولاها، حيث كان يقود الحرب العسكرية الطاحنة في الصحراء ضد انفصاليي البوليساريو، باعتباره قائدا للمنطقة الجنوبية. وفيما يتحدّث البعض عن وجود شبهة مشاركته في التخطيط للانقلاب على الملك، يصر آخرون على أن الرجل تعرض لمؤامرة من داخل النظام لكونه كان شديد الولاء للملك. وفيما أوضح فريد الدليمي أن العائلة لم تعاين جثة الراحل، نقل عن الكولونيل البرنيشي الذي قال إنه كان في عين المكان، قوله إنه رأى جثة الدليمي وهي مشوهة، “وقد تعرف عليه عبر ساعته المهشمة، والتي تعوّد دائما وضعها في يده. وبعدها بدقائق حضر عامل مراكش مصطفى طارق، الذي قام بتحية والدي وقال له “غسلتو بيديا آ الحاج”. وفيما حضر كل من الأمير مولاي عبدالله، شقيق الملك، وولي العهد الأمير سيدي محمد وشقيقه مولاي رشيد وعدد من مستشاري الملك مراسيم الجنازة، حضر الملك شخصيا إلى بيت الأسرة مساء اليوم نفسه لتقديم التعازي، حيث “رفع الحسن الثاني يديه إلى السماء قائلا: تاحاج لحسن الدليمي تانعرفك رجل شجاع، هادشي ديال سيدي ربي ما عندنا ما نديرو لو، بلغني مولاي حفيظ أنك صبرتي صبر المومنين”.