شهدت غابة العرجات بضواحي مدينة سلا، نهار أول أمس الأحد، توترا كبيرا بين فلاحين يبحثون عن مواشيهم المسروقة، وبين أصحاب ضيعة فلاحية يشتبه في إخفائهم قطعان الماشية المسروقة فيها، حيث كاد الصدام بين الطرفين أن ينتهي إلى عواقب وخيمة، لولا تدخل عناصر الدرك الملكي لتهدئة التوتر، وإجبار الفلاحين الغاضبين على الانسحاب من المكان، بعد إخطار السلطات القضائية التي أعطت تعليماتها بمباشرة التحقيقات. وقال شهود عيان، في اتصال هاتفي مع «أخبار اليوم»، إن منطقة العرجات تحولت، يومي السبت والأحد الماضيين، إلى محج لمربيي الأغنام والأبقار، والذين جاؤوا من عدة مناطق قروية، كسيدي يحيى زعير، دوار المعاكلة، أولاد سالم، تيط مليل، الدروة، الرماني، ثلاث سوق الغرب، الحاجب، سطات، إلى ضيعة فلاحية وسط غابة العرجات بحثا عن العشرات من رؤوس الأغنام والأبقار والعجول التي سرقت منهم، في فترات متفرقة منذ ثلاثة أشهر، وذلك بعدما تناهى إلى علمهم وجود «ضيعة سرية» تستغل لإخفاء قطعان المواشي المسروقة. وأضافت المصادر نفسها أن الرعاة الغاضبين جاؤوا إلى العرجات بعد تلقيهم اتصالات من رعاة آخرين ضحايا سرقات مماثلة، والتي نفذتها عصابة متكونة من أزيد من 10 أفراد بطريقة متشابهة في كل العمليات، حيث تقوم بتوزيع المواشي المسروقة على شبكة من الجزارين والكسابة في منطقة العرجات، إذ أكدت شهادات متطابقة عثور عدة رعاة على قطعانهم المسروقة في ضيعة غابوية، خلال الأسبوع الماضي، بينهم امرأة وجدت بقرة مسروقة منذ سنة 2016، وشخص عثر على 21 رأس غنم سرقت منه منذ 3 أشهر. شيوع هذه الأخبار وتوافد الضحايا من مختلف المناطق، استنفر السلطات الأمنية التي طوقت المسالك الغابوية المؤدية إلى الضيعة المثيرة للشكوك، ومع ذلك حاول الفلاحون الغاضبون اقتحامها ودخولها بالقوة، ومواجهة أصحابها الذين حملوا الفؤوس والهراوات الخشبية من أجل مواجهتهم، قبل أن تتولى عناصر الدرك الملكي مفاوضات ماراطونية بين الطرفين، انتهت بالسماح لمربيي الماشية الباحثين عن مواشيهم بولوج الضيعة وتفتيش إسطبلاتها، حيث عثر على أطنان من الأعلاف، وقطعان قليلة من المواشي. وقال «كساب» يبحث عن قطيع من أبقاره المسروقة منذ شهرين، إن سرية الدرك الملكي في العرجات منعتهم في البداية من التوجه إلى الضيعة المشبوهة، بدعوى عدم وجود إذن من النيابة العامة لاقتحامها والدخول إليها، غير أنهم هددوا بتشكيل حزام بشري وقطع الطريق الوطنية، وتنفيذ اعتصام احتجاجي بعين المكان، إذا لم يسمح لهم بولوج الضيعة الغابوية التي تمتد على مساحة أكثر من هكتار ومحاطة بسور تعلوه أسلاك شائكة. وأضاف المتحدث نفسه، في حديث هاتفي مع الجريدة، أنه بعد دخولهم إلى الضيعة تعرف أحد الرعاة ينحدر من إقليمبرشيد، على قطيعه المسروق المكون من 22 رأسا، وبقرة واحدة، حيث تمكن من استرجاعها بعدما أدلى بوثائقها لعناصر الدرك الملكي المرافقة لهم، غير أنها رفضت تحرير محضر بشأن واقعة العثور على الأغنام المسروقة. وكان ضمن الضحايا فلاحون رعاة من مناطق مختلفة، أحدهم يبحث عن 11 عجلا قيمتها حوالي 40 مليون سنتيم، سرقت من مزرعته في سيدي يحيى زعير، وعائلة جاءت من قيادة سيدي العيدي بإقليمسطات، تبحث عن 34 خروفا وكبشين وثلاثة رؤوس من الماعز وبقرة واحدة، سرقت منها قبل نحو شهرين في غارة ليلية انتهت باحتجاز أحد أفراد العائلة، والاعتداء عليه، ما أدى إلى إصابته بجروح تطلبت رتقها ب16 غرزة، وفق ما أكده أحد أفرادها في اتصال مع «أخبار اليوم». كما كان من بين الضحايا كساب من قيادة بني خيران بضواحي واد زم خريبكة، سرقت من 56 رأس غنم منذ شهر ونصف تقريبا، ورعاة جاؤوا من جماعة دار الكداري بإقليمالقنيطرة يبحثون عن ثلاثة رؤوس من البقر سرقت منهم منذ نحو عام. من جهة ثانية، قدم مصدر مسؤول من الدرك الملكي رواية مختلفة بشأن الأحداث التي حصلت بالعرجات نهار أول أمس الأحد، مشيرا إلى أن مصالح الدرك الملكي ضبطت قبل أربعة أيام شاحنة محملة بأزيد من 30 رأسا من الأغنام و6 أبقار و4 عجول، وجرى إيداع القطيع المحجوز في الضيعة الموجودة بغابة العرجات، كما جرى استدعاء عدد من الأشخاص الذين سبق لهم التبليغ عن تعرضهم للسرقة. وأضاف المصدر نفسه أنه بعد شيوع أخبار بشأن العثور على قطيع مسروق في منطقة العرجات، توافد الرعاة ومربو المواشي مشحونين بالغضب والتوتر، «وعندما حاولنا ضبط عملية البحث، فوجئنا باندفاعهم نحو استعمال العنف، في حين أن العملية تقتضي أن يطلعوننا على هوية مواشيهم المسروقة، لمعرفة ما إذا كانت هي نفسها التي تمكنت سرية الدرك الملكي من حجزها، ليتبين فعلا وجود قطيع من الماشية في ملكية أحد الأشخاص الذي تسلم قطيعه وغادر إلى حال سبيله، في حين أن الآخرين لم يجدوا ضالتهم وحاولوا إثارة المشاكل».