بحضور أكاديمي وأممي، انطلقت أمس الخميس، بالدار البيضاء، فعاليات المؤتمر الدولي حول “النوع والجامعة”، لتدارس إمكانيات إقرار التعليم والتكوين في مجال المساواة بين المرأة والرجل، وتعميمه بالجامعات، مع تبادل التجارب المتنوعة، في المجال، بين الدول المشاركة في المؤتمر. وينعقد المؤتمر الذي تنظمه، منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونسكو”، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، تحت شعارٍ يطمح للمساوة والإبداع من أجل التغيير، بمشاركة باحثين وأكادميين، من دول الشرق الأوسط وإفريقيا، وأوروبا، من بينها، تونس، ومصر، ولبنان، وفرنسا، وبلجيكا. وقالت رجاء نظيفي، عن كلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق، خلال افتتاح المؤتمر، صباح أمس، إن مأسسة وتعميم تدريس النوع في جميع الجامعات والتخصصات، “خطوة أساسية، ستلبي احتياجات المجتمع، رغم التحدي المتمثل في دور الجامعة لتلبية هذه الاحتياجات من جانبها”، وأضافت أن المؤتمر فرصة “لإثراء التفكير ومحاولة تقديم أجوبة بهذا الشأن، وبشأن تعميم دراسة النوع الاجتماعي”. ولفتت نظيفي، الانتباه إلى أن “دراسة النوع ليست شيئا قادما من الغرب نزل فجأة، وعلينا أن نطبقه، بل هو أقدم من تاريخ الاستقلال داخل المغرب”، مشيرة إلى دور عالمة الإجتماع الراحلة، فاطمة مرنيسي، والتي قادت كفاحا من أجل المساواة وحقوق النساء، مؤكدة أن الحديث عن النوع، “بدأ في المغرب كضرورة من أجل التنمية، قبل الحديث عنه ضمن المعاهدات الدولية”. وقال “فينيث شاثالنجسي”، ممثل ال”يونيسكو” بالرباط، في حديث مع “اليوم 24″، إن المنظَّمة تحقق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، من خلال العديد من البرامج، أولها “تخفيض تكاليف دراسة النوع في الجامعات، من أجل أن تستطيع هذه الأخيرة، تكوين الشباب، نساء ورجالا، حتى يتمكنوا من فهم إشكالية المساواة بين الجنسين”، مضيفا أن اليونسكو تحقِّق هذا المبدأ أيضا، من خلال ” برنامج الحفاظ على الموروث الثقافي، حيث تمنح قيمة لدور المرأة في الحفاظ على هذا الموروث”، بالإضافة إلى “برنامج التكوين و التواصل، من خلال الاشتغال مع الصحافيين ووسائل الإعلام، بالمغرب وتونس، لمحاربة الصور النمطية اتجاه النوع، وحماية حقوق الجنسين”. كما أشاد شاثالنجسي، بتجربة المغرب في تثبيت المساواة بين الرجل والمرأة، معتبرا أنه “عرف تطورات قانونية وسياسية كبيرة في التعامل مع هذا المبدأ، منذ مدونة الأسرة في 2004، ثم التعديلات الدستورية في 2011، بالإضافة إلى الخطة الحكومية “إكرام” من أجل المساواة في الحياة السياسية”، مؤكدا أن هذه الجهود غير كافية للحد من ظاهرة العنف ضد النساء، التي “يجب على الأكادميين والسياسيين والاجتماعيين، جردها من خلال معرفة مبدأ المساواة”، حتى يتجاوز المستوى السياسي والحقوقي، إلى تغيير الأفراد داخل المجتمع، بحسب تعبيره. وتواجه بلدان منطقة البحر الأبيض المتوسط، عموما،بحسب منظمي المؤتمر، “العديد من التحديات المتعلقة بعدم المساواة بين الجنسين، والتي لا تساعد على خلق ظروف التنمية المستدامة”، بينما تشيع أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، في الفضاء العام وفي البيئة الأسرية. من جانبها، قالت عائشة بركاوي، أستاذة باحثة في ماستر “مقاربة النوع، المجتمعات والثقافات”، في حديث مع “اليوم 24″، إن الكلام عن مقاربة النوع بالمغرب، لم يكن تقليدا للغرب، وإنما “بدأ في العالم العربي مع بداية الإسلام، وأن النبي محمد، عليه السلام، أتى بمقاربة النوع ضمن رسالته”، مشددة على أن “هذا الدين يتوفر على المفاتيح التي ترشد إلى فهم المساواة ومقاربة النوع، بصفة عامة، بحسب ما ندَرسّه”. وأشارت بركاوي، إلى أن تدريس ماستر “مقاربة النوع، المجتمعات والثقافات”، انطلق في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، منذ عام 2006، ويتخرج منه سنويا 25 طالب وطالبة، مضيفة أن من بين ما يكتسبه الطلاب، خلال الدراسة، “تغيير نظرتهم للعالم والمجتمع، والثقافات والتقاليد، وخصوصا العلاقة بين المرأة والرجل”. ومن المنتظر أن تستمر فعاليات، المؤتمر الدولي “النوع والجامعة”، اليوم الجمعة، بالعاصمة الرباط، حيث سيقدم المشاركون التطورات العلمية للوضع، والتوصيات الصادرة عن اليوم الأول بالدار البيضاء، كما سيتم عرض إصدارات ال”يونيسكو” وشركائها الجامعيين بكل من المغرب وتونس. وكان المغرب قد شهد، في 2015، أول مؤتمر دولي، يهتم بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، تنظمه ال”يونسكو” وكلية الاداب والعلوم الإنسانية عين الشق، والذي خلص من خلاله المنظمون، إلى “إيجاد ديناميكية بحث عالية حول النوع في المغرب، من خلال عدد المنشورات، والندوات، والاجتماعات، والحلقات والأيام الدراسية”، بالإضافة إلى تأسيس مركز للدراسات والبحث والتكوين حول النوع الاجتماعي والمساواة، بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.