ناقش المتدخلون في لقاء تواصلي، نظم أمس الخميس بالدار البيضاء، مصير الأبحاث والدراسات والتكوينات التي دأب الجامعيون والجامعيات والجهات المعنية على إنتاجها إسهاما منهم في ترسيخ ثقافة مقاربة النوع، وكذا عن آثار هذه الفلسفة وانعكاساتها في مختلف تجليات السياسات العمومية. وبهذه المناسبة، تم تقديم الاعلان المشترك الذي تمخض عن الاجتماع العام المتعلق بالبحث والتكوين في مجال مقاربة النوع بالمغرب، والذي نظم يومي 16 و17 أبريل الماضي بالدار البيضاء بشراكة بين مجموعة التربية والمناطق والثقافة والنوع، وماستر النوع والثقافات والمجتمعات بكلية الآداب والعلوم الانسانية بعين الشق، ومنظمة (اليونيسكو)، ومعهد الأبحاث والتنمية. وأكد إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان أن هذه المبادرة تلتقي مع المجلس من حيث الأهداف الرامية، بالأساس، إلى مناهضة العنف والتمييز ضد النساء مع العمل على تكريس ثقافة المساواة بين الجنسين، مستحضرا سلسلة من التحولات الايجابية التي يعيشها المغرب خلال الآونة الاخيرة في هذا المجال. وقال اليزمي إن هناك العديد من المظاهر السلبية التي تقتضي تجند الجميع من أجل مناهضتها في إشارة منه إلى أنه من الصعب بلورة أو تقييم أية سياسات عمومية أو معرفة لصميم الواقع المعاش بمعزل عن التعبئة الشاملة للمعرفة العلمية والبحث العلمي الذي يتقدم به الجامعيون، خاصة في مجال العلوم الانسانية والاجتماعية. ونوه رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان بمثل هذه اللقاءات التي اعتبرها دعامة أساسية في التئام الفرق الجامعية بحضور ممثلين عن المجتمع المدني والمنابر الاعلامية، وذلك من أجل إعداد أجندة لدعم البحث العلمي المشترك، وكذا البحث في أنجع السبل لتعميم النتائج المتعلقة بمقاربة النوع حتى تشمل أكبر عدد ممكن، علما بأن هذه التراكمات تشكل، يضيف السيد اليزمي، قضية أساسية ومحورية واستراتيجية لا يمكن التغاضي عنها. ودعا بالمناسبة، كافة الفاعلين إلى تقديم المزيد من الدعم والمساندة لهذه المجهودات المبذولة على مدى سنوات من قبل الجامعيين والجامعيات من ذوي المعرفة العلمية الذين يباشرون مسارهم العلمي بكل جدية وفعالية. وفي استعراض للرؤى التي تضمنتها محاور الاعلان المشترك حول النوع الاجتماعي بالمغرب، أشار المتدخلون إلى أن هذا الاعلان يلتزم في ثناياه بمضمون دستور 2011، وكذا بمقتضيات الوثائق التقنينية الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان المصادق عليها من طرف المغرب، وخاصة اتفاقية إلغاء جميع أنواع أشكال التمييز ضد المرأة. وعبروا عن قناعتهم بأن إدماج ثقافة المساواة في جميع مجالات المجتمع أضحى ضرورة ملحة من أجل مجتمع ديمقراطي وعادل، فضلا عن كونه عامل من العوامل المباشرة التي لا غنى عنها لتحقيق التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد، وذلك لازدهار حقوق وحريات جميع المواطنين. وعلى ضوء الدراسات الخاصة بالنوع الاجتماعي، خلص الاجتماع إلى تسطير 10 توصيات تؤكد، بالأساس، على ضرورة وضع تدابير ملموسة وعاجلة من أجل مواصلة التكوينات لأنشطتها وتزويدها بكافة الوسائل لتأدية وظيفتها ومسؤوليتها الاجتماعية، مع بذل المزيد من الجهد من أجل الاعلام والاعتراف والارتقاء بمستوى الثقافة العلمية والفكرية الخاصة بهذه القضية. كما أوصى المشاركون بإدماج دراسات النوع الاجتماعي في جميع المسالك والتكوينات التي تؤمنها الجامعة بشكل عام وتحديد جدع مشترك بين التكوينات المشتركة بين تخصصات الماستر والدكتوراه، مع التفكير في صياغة مرجعية مفاهيمية مشتركة من أجل التأسيس لحوار أفضل بين أنشطة البحوث والتكوين عن طريق إدماج دورة دراسية خاصة ب"النوع". وعبروا عن رغبتهم في مشاركة الجامعة في نشر وتطبيق تحليل النوع ومفاهيمه في مختلف المؤسسات والمنظمات غير الحكومية ودعم انفتاحها أيضا على بيئتها الاجتماعية المباشرة للنهوض بحياة جمعوية داخل الجامعة وتشجيع الدورات التكوينية للطلبة لدى المجتمع المدني، إلى جانب العمل على إنشاء بنية وطنية جامعة في إطار ملائم ومستقل لمتابعة هيكلة البحوث في ظل مقاربة تشاركية. كما تتطلع الجهات المعنية إلى العمل على إبراز الكتابات العلمية وإيلائها اعتبارا خاصا مع السعي إلى دعم برنامج البحوث ذات الصلة بمواضيع الساعة في ارتباط وثيق بمختلف المجالات الاجتماعية والسياسية الانمائية، لتكريس ثقافة حقوق الانسان ودعم التنمية البشرية، مع السهر على إعداد ونشر جداول قراءة وجداول مراقبة واستكشاف للميدان من قبل مختلف المؤسسات السوسيو-اقتصادية وغيرها لتسهيل البحث في مجال النوع الاجتماعي وتحديث المعلومات بشأن مدى استمرار أوجه اللامساواة.