دعا إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مساء أمس الخميس بالرباط، إلى وضع المقاربة الحقوقية في صلب إصلاح المنظومة التعليمية المنشود. وأكد اليزمي، في عرض حول موضوع "المدرسة وحقوق الإنسان"، أن تعميق الديمقراطية في المملكة لن يتأتى دون اضطلاع التعليم بدوره الاستراتيجي في هذا المجال، مطالبا بتسريع تنزيل مضامين الدستور المتعلقة بحقوق الإنسان، وتمكين المجتمع المدني من المساهمة بشكل فعال في دعم المسار الديمقراطي في البلاد. وشدد على الحاجة الملحة إلى خلق تعبئة وطنية من أجل التكريس الحقيقي للحق في التعليم لكافة الفئات الاجتماعية، موضحا أنه بالرغم من الطفرة التي حققها المغرب على مستوى الولوج للتعليم خلال العقود الماضية، فإن مجموعة من الفئات مازالت لم تنل حقها منه. وأشار، في هذا الصدد، إلى بلوغ 55 في المائة فقط من الفتيات القرويات إلى مرحلة التعليم الثانوي، وضعف تمدرس الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ومحدودية نسبة الأطفال الذين يحصلون على تعليم أولي لائق قبل ولوج سلك التعليم الأساسية، بالإضافة إلى تدني نسبة الطلبة الجامعيين. ولفت رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى ضرورة استحضار أربعة نصوص أساسية في مقاربة ثنائية التعليم وحقوق الإنسان، مشيرا في هذا الصدد إلى الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وديباجة الدستور المغربي التي تنص على حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان. كما دعا إلى استحضار المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أنه "لكل شخص الحق في التعلم، ويجب أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان، وأن يكون التعليم الأولي إلزاميا وينبغي أن يعمم التعليم الفني والمهني، وأن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة"، وأن التربية يجب أن تهدف "إلى إنماء شخصية الإنسان إنماء كاملا، وإلى تعزيز احترام الإنسان والحريات الأساسية وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية، وإلى زيادة مجهود الأممالمتحدة لحفظ السلام". وأبرز اليزمي الأهمية الكبيرة التي يكتسيها إعلان الأممالمتحدة للتثقيف والتدريب في مجال حقوق الإنسان، الذي تم تبنيه في دجنبر 2011، والذي تنص مادته الخامسة على ضرورة استناد التثقيف والتدريب في مجال حقوق الإنسان على "مبدأ المساواة، وبخاصة المساواة بين الفتيات والفتيان، والمساواة بين النساء والرجال، وكرامة الإنسان والإدماج وعدم التمييز"، وأن يكون التثقيف والتدريب "ميسرين ومتاحين لجميع الأشخاص، وينبغي أن يراعي التحديات والحواجز الخاصة التي يواجهها الأشخاص الذين يعيشون أوضاعا هشة ويعانون من الحرمان وبعض الفئات، بما يشمل الأشخاص ذوي الإعاقة، واحتياجاتهم وتوقعاتهم، من أجل تعزيز قدراتهم وتحقيق التنمية البشرية والإسهام في القضاء على أسباب الإقصاء أو التهميش وتمكين كل فرد من ممارسة جميع حقوقه". يذكر أن هذا العرض جاء بمناسبة توقيع اتفاقية شراكة بين اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرباط-القنيطرة والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الرباط-سلا-زمور-زعير في مجال نشر قيم حقوق الإنسان بالمؤسسات التعليمية بالجهة. وتشمل الاتفاقية، التي تمتد لأربع سنوات قابلة للتجديد، تشجيع دور المؤسسات التعليمية في تشريب الناشئة قيم حقوق الإنسان في شموليتها، ولاسيما من خلال الأندية التربوية، والمساهمة في دعم البرامج والأنشطة المبرمجة والمنجزة من لدن الأندية التربوية في مختلف المؤسسات بالجهة، والمساهمة في تقوية قدرات مختلف الفاعلين والمتدخلين في هذه المجالات، وتعزيز وتقوية التعاون والعمل المشترك بين الأكاديمية واللجنة الجهوية، بالإضافة إلى تبادل المعلومات والخبرات والوثائق والمنشورات الصادرة عنها حول مختلف قضايا نشر ثقافة حقوق الإنسان.