قال رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي، إنّ الحقّ في التمدرس في المغرب ما يزال يكتنفه التمييز وعدَمُ المساواة، يطالُ، بالأساس، أطفال العالم القروي، خاصّة الفتيات، إذ لا تتعدّى نسبة التمدرس في العالم القروي 50 في المائة، بينما تصل في المدن إلى 91 في المائة، والأشخاصَ ذوي الاحتياجات الخاصّة، الذين لا يزالون ضحيّة التمييز، لعدّة أسباب، يقول اليزمي إنها تستدعي تضافر جهود الجميع من أجل تجاوزها. وشدّد اليزمي، خلال كلمة ألقاها مساء الخميس، في حفل توقيع اتفاقية شراكة بين الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباطسلا زمور زعير، واللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لجهة الرباطالقنيطرة، حول موضوع "المدرسة وحقوق الإنسان"، (شدّد) على أنّ ضمان الولوج الحقيقي والفعلي لجميع أبناء الوطن إلى التعليم، لا يقتضي فقط تلقي المعرفة، وتحضير المواطنين لسوق الشغل، بل التنمية الكاملة لشخصية الإنسان، وتربية المواطن على ثقافة حقوق الإنسان، كما ينصّ على ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادّة 26. وبخصوص الوضع في الجامعات المغربية، أشار رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى حادث مقتل الطالب عبد الرحيم الحسناوي في جامعة فاس قبل أيام، متسائلا "كيف يمكن أن يتحوّل الفضاء العلمي والمعرفي إلى فضاء للقتل؟"، وأشار إلى أنّ المجلس كلف فريقا من الباحثين لدراسة ظاهرة العنف في الجامعات المغربية، وتوصّل بالمسوّدة الأولية للدراسة، يومان فقط قبل مقتل الطالب الحسناوي؛ ولخّص اليزمي حديثه عن الجامعة المغربية بالقول "هناك أزمة حقيقية في الجامعة المغربية". من جانبه تحدّث محمد أضرضور، مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباطسلا زمور زعير، عن مكانة حقوق الإنسان في المنظومة التربوية، قائلا إنّ مفهوم المواطنة مفهوم مركّب يشمل بُعْدي الحق والواجب، وأضاف أنّ المنظومة التربوية يجب أن تواكب الطفرة التي عرفها المغرب على الصعيد الحقوقي، "لأن الواقع متغير ومتحول على الدوام". وأضاف أضرضور أنّ الأكاديمة الجهوية للتربية والتكوين، راكمت تجربة مهمّة في مجال ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان، من خلال الأنشطة الحقوقية، والأندية الحقوقية، التي وصلت إلى 165 ناديا، إلا أنّ هذه المجهودات، يضيف المتحدث، يُلازمها سؤال "أيّ سبيل لتطوير التجربة"، لافتا إلى أنّ هناك حاجة ماسة ومتزايدة لتكثيف ونشر ثقافة حقوق الإنسان، في أوساط تلاميذ وتلميذات المؤسسات التعليمية. من جهته قال عبد القادر أزريع، رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لجهة الرباطالقنيطرة إنّ النهوض بنشر ثقافة حقوق الإنسان مهمّة تاريخية تقتضي شراكة متعددة، وتعبئة أطر التعليم، وأولياء وآباء وأمهات التلاميذ، مشيرا إلى أنّ الحملة التحسيسية التي تقوم بها اللجان الجهوية لحقوق الإنسان مع مختلف الأكاديمات تسعى إلى بناء إنسان مغربي بقناعاته وقناعات التعدد والتنوع والتواصل مع الآخر أيا كانت ديانته أو عرقه أو لونه أو جنسه. وأكد رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان أنّ انخراط الإطار التربوي في الفلسفة المؤطرة لحقوق الإنسان، واحتلال رجال ونساء التعليم موقعا متقدما، في أداء رسالتهم الوطنية، أمر لا محيد عنه، "لأنّ المواطنة لن تستقيم بدون احتلالهم موقعا رياديا، لتكون ثقافة حقوق الإنسان حاضرة على مستوى منهج التعليم، لتفادي الوقوع في العنف الأسود، كما حصل في مدينة فاس مؤخّرا".