يسلط خالد الصمدي، كاتب الدولة المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، في هذا الحوار الضوء على خطة إصلاح نظام الإجازة في الجامعة. يجري الحديث عن سعي الوزارة الوصية إلى إصلاح نظام الإجازة. ما هي توجهات هذا الإصلاح؟ كما تعلمون أطلقت الوزارة ورش الإصلاح البيداغوجي في لقاء حول: “الجامعة المتجددة” في 2 و3 أكتوبر 2018 بمراكش، من أجل إفراز نموذج بيداغوجي جديد بنظام الإجازة، وخاصة بالمؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح. وقد شارك في هذا الملتقى أكثر من 700 أستاذ من جميع الجامعات المغربية، فضلا عن ممثلي النقابات، وشركائنا الاقتصاديين والاجتماعيين. وخرجنا من هذا الملتقى بخلاصات وتوجهات مهمة أحيلت على الهياكل في الجامعات من مجالس كليات ومجالس جامعات، لمناقشتها وتعميق النظر فيها واقتراح الإجراءات العملية لتنزيلها. ما هو هذا النموذج الجديد؟ يتم الاشتغال اليوم، على دراسة الطرق العملية للانتقال من نظام الإجازة المعمول به حاليا إلى نظام أنغلوساكسوني، هو نظام “الباكلوريوس” BACHLOR، ومن نظام “الوحدات الدراسية” إلى نظام “الوحدات المرصدة”، الذي يعطي مرونة أكثر للطالب في مساره الدراسي. ومن نظام ثلاث سنوات دراسية، إلى نظام “سنة تأسيسية” زائد ثلاث سنوات. هل سيقع تغيير على مستوى الهندسة البيداغوجية؟. النموذج البيداغوجي الذي نشتغل عليه، يتضمن هندسة بيداغوجية من ثلاثة مستويات، الأول هو الحقول المعرفية، والثاني هو المسارات الدراسية، والثالث التخصصات. ما هي الحقول المعرفية المقترحة؟ وهل سيتم إعادة تنظيم الكليات؟ في إطار توسيع وتنويع وإعادة هيكلة العرض البيداغوجي الجامعي وتنظيمه، تم اقتراح عدة حقول معرفية من قبيل حقل “العلوم والتقنيات”، وحقل “العلوم القانونية”، وحقل “الاقتصاد والتدبير”، وحقل “العلوم الإنسانية والاجتماعية”، وحقل “علوم الدين وقضايا المجتمع”. وكل حقل معرفي يمكن أن تسهم فيه عدة مؤسسات جامعية، وكل حقل بدوره يتضمن مسارات. وداخل كل مسار هناك إمكانية لاقتراح مسالك للتكوين متخصصة من طرف الهياكل البيداغوجية للمؤسسات الجامعية، على أن ينتمي المسلك إلى الجامعة أو إلى مؤسسة جامعية وتسهم فيه شعب متعددة. وكل هذه الاقتراحات لازالت قيد الدرس من لدن لجن تحضيرية مختصة منبثقة عن ندوة رؤساء الجامعات. هل صحيح أنه سيتم تغيير تسمية شعبة «الدراسات الإسلامية»، لتصبح «علوم الدين»؟ هذا غير صحيح، لأن الحقل المعرفي الذي اقترح أن يحمل اسم “حقل علوم الدين وقضايا المجتمع”، يتوقع أن يضم كليات أصول الدين والشريعة واللغة العربية أي الكليات التي كانت تابعة لجامعة القرويين سابقا، وغيرها من المؤسسات المحدثة في هذا الحقل المعرفي، أما شعب الدراسات الإسلامية، فتنتمي كغيرها من شعب العلوم الإنسانية والاجتماعية إلى كليات الآداب والعلوم الإنسانية. لكن لا بد من التوضيح بأن هذا التصور لازال مشروعا، في طور النقاش ولم يحسم أي شيء بشأنه.. لكن هناك بعض الأساتذة في شعبة الدراسات الإسلامية، فهموا أن شعبة الدراسات الإسلامية، ستسمى «علوم الدين»؟. هذا أمر غير صحيح، وربما وقع تأويل وسوء فهم من خلال تقديم عرض في ندوة رؤساء الجامعات – وهو عرض داخلي في طور النقاش – حول الحقول والمسارات الأكاديمية الكبرى وليس في الشعب والتخصصات، وقد كان عرضا أوليا من أجل المناقشة والتعديل والتطوير. وكما سبق وأن وضحت لك، فهناك فرق كبير بين الحقل المعرفي كإطار عام يضم عدة مؤسسات جامعية والشعبة، والتي هي بنية بيداغوجية وإدارية داخل مؤسسة جامعية ولا يمكن الخلط بينهما. وما أؤكد عليه، هو أن كل ما نهيئه من نموذج بيداغوجي وهندسة بيداغوجية، سيتم تقاسمه مع الأساتذة كما اتفقنا معهم في ملتقى مراكش، وفي ملتقى وطني آخر سينعقد قريبا وسيكون عليهم بعد ذلك اقتراح مسالك جديدة في إطار نظام موحد لا يفرق بين الإجازة الأساسية والإجازة المهنية. وكما تعلمون فنحن نهيئ على مستوى الوزارة التوجهات الكبرى ودفاتر الضوابط البيداغوجية العامة، أما مسالك التكوين، فتدخل في إطار استقلالية الجامعات والمؤسسات الجامعية عبر هياكلها البيداغوجية، وهي التي ستقترحها للاعتماد من طرف لجنة تنسيق التعليم العالي لاحقا. ما هي الأجندة التي وضعتموها لتطبيق هذا الإصلاح؟ أمامنا مواعيد في أجندة دقيقة للتحضير. يتوقع أن ننظم نهاية شهر أبريل المقبل بحول الله، يوما وطنيا مع شركائنا في الجامعات، لعرض الخطوط العريضة لدفتر الضوابط البيداغوجية. وسيكون أمام الجامعات بعد ذلك إعداد مقترحات المسالك ما بين أكتوبر إلى نهاية دجنبر 2019. وستعمل الوزارة على دراستها وتقويمها واعتمادها قبل نهاية شهر أبريل 2019، على أساس الشروع في تطبيق الإصلاح البيداغوجي الجديد في الدخول الجامعي 2020- 2021، بحول الله. هل يمكن أن توضح بدقة ما الجديد الذي سيواجهه الطالب الحاصل على الباكالوريا، والذي يلج الجامعات ذات الاستقطاب المفتوح في موسم 2020-2021؟ كما ذكرت، فإن الهندسة البيداغوجية المقترحة ستتكون من “سنة أولى تأسيسية” لجميع الطلبة، ستخصص لدعم تكوين الطلبة في المهارات الذاتية واللغات، كما أنها تتضمن إطلالة على مداخل الحقول المعرفية المختلفة من آداب وعلوم وحقوق واقتصاد وغيرها. وبعد ترصيد وحدات هذه السنة التأسيسية، سيكون على الطالب اختيار المسار الأكاديمي الذي يناسب مؤهلاته عبر التوجيه، والذي تستمر فيه الدراسة لمدة ثلاث سنوات، باعتماد نظام “الوحدات المرصدة”. هل سيكون بإمكان أي طالب حاصل على الباكالوريا أن يلج التكوين الأساسي في الكليات ذات الاستقطاب المفتوح؟ طبعا، علما بأن التسجيل سيتم بالجامعة التي ستوفر عرضا بيداغوجيا واسعا ومتنوعا، وسيتم تمكين الطلبة من فرصة لإجراء مقابلة لتحديد مستوياتهم ومؤهلاتهم في الحقل المعرفي العام الذي سيختارونه بناء على شهادة الباكالوريا المحصل عليها، وسيتم توجيههم بناء على نتائج هذه المقابلة إلى المسارات التي تناسب مؤهلاتهم، تفاديا للاختيار المفتوح وغير الخاضع للتوجيه الذي نعاني منه اليوم، وهذا من شأنه أن يخفف من نسب الهدر الجامعي، ويساعد الطالب على التوجيه الصحيح والمناسب وسيرفع من عدد الطلبة الذين سيتمكنون من إنهاء مسارهم الدراسي بنجاح. هل الإمكانيات متوفرة للجامعات للقيام بمقابلات مع أعداد كبيرة من الطلبة؟ هناك فريق عمل مختص يشتغل على إعداد النظام المعلوماتي المناسب لهذا المنظور البيداغوجي، بالإضافة إلى الاشتغال على تحديد الموارد البشرية والمادية واللوجستيكية اللازمة لنجاحه، وحتى البرنامج الزمني لتنزيله، وهناك تجارب دولية يمكن الاستفادة منها في هذا المجال. كيف سيتم توفير الإمكانيات المادية والبشرية لمواكبة هذا الإصلاح؟ هل من خلال مراجعة النظام الأساسي للأساتذة الباحثين؟ نحن ننتظر المصادقة على القانون الإطار بشأن إصلاح التعليم، وبعدها سنمر نحو تعديل القانون الإطار 00/01، والذي يتضمن مقتضيات تتعلق بالنظام الأساسي لأساتذة التعليم العالي، كما أننا بصدد دراسة تفويت العديد من الصلاحيات للجامعات ذات الصلة بتدبير مواردها البشرية، علما بأن الجامعات اليوم، تستقطب عدة كفاءات من المغرب أو من خارجه للإسهام في الرفع من جودة التكوين والبحث بها. بالإضافة إلى هذا، فقد تم تزويد الجامعات خلال السنتين الأخيرتين بما يقارب 3000 منصب جديد. كما أننا نسجل بتقدير كبير الطلبات المتكررة التي تصلنا من أجل تمديد سن الحصول على التقاعد من طرف العديد من الأساتذة الجامعيين، الذين يفضلون الاستمرار في تقديم خبراتهم وخدماتهم للجامعة المغربية العمومية، كما أن الاعتمادات المالية تعرف ارتفاعا لا بأس به، سواء في ميزانية الاستثمار أو التسيير. بخصوص الطلبة الذين يدرسون أصلا في سلك الإجازة القديمة في 2020-2021، كيف سيتم التعامل معهم؟ سيضم المشروع تدابير للمرحلة الانتقالية بين النظامين، علما بأن الطلبة المسجلين في النظام الحالي سيستمرون في الخضوع لمقتضياته، وسيخضع الطلبة الجدد لمقتضيات النظام البيداغوجي الجديد، حينما سيدخل حيز التنفيذ في 2020.