بعد الجريمة الإرهابية الشنيعة التي أودت بحياتي سائحتين أجنبيتين، بمنطقة “إمليل” بضواحي مراكش شهر دجنبر الماضي، وفي ظل ارتفاع عدد الأشخاص الذين يرافقون السياح والزوار الأجانب في مختلف المدن المغربية السياحية دون أن تكون لديهم صفة “مرشد سياحي”؛ يبدو أن السلطات المغربية تتجه إلى القضاء على ظاهرة المرشدين السياحيين المزيفين وفرض سلطة القانون في هذا القطاع، الذي ظل لسنوات عدة مهنة من لا مهنة له ممن يرطنون ببعض الكلمات باللغات الأجنبية، وفق شكاوى العديد من المرشدين السياحيين المعتمدين لدى وزارة السياحة. في هذا الصدد، كشفت وكالة الأنباء الإسبانية “إيفي”، نقلا عن مصادر أمنية، أن عناصر الشرطة السياحية اعتقلت خلال يناير وفبراير المنصرمين حوالي 735 مرشدا سياحيا مزيفا بمدينة مراكش لوحدها، حيث يواجهون تهمة حيازة صفة الغير، وفي هذه الحالة صفة مرشد سياحي. ورغم أن حملة توقيف كل المنتحلين لصفة “مرشد سياحي” جاءت بعد الاعتداء الإرهابي بإمليل الذي هز القطاع السياحي بالمغرب، باعتبار أن ضحيتي الاعتداء كانتا من السياح الأجانب، إلا أن المصادر الأمنية أكدت أن الاعتقالات تمت بعد عقد اجتماع بين الشرطة السياحية والجمعيات المحلية الممثلة للمرشدين المعتدين؛ علما أن المرشدين المعتمدين ظلوا لسنوات ينددون ويشكون اختراق هذا المهنة من قبل أناس لا علاقة لهم بها من قريب ولا من بعيد. وأشارت “إيفي” إلى أن ظاهرة المرشدين المزيفين متجذرة في القطاع السياحي المغرب، مما يؤثر سلبا على القطاع، وهو الأمر الذي يفسر انخفاض عدد السياح الذين لا يعاودون زيارة المغرب بعد التجربة الأولى. إذ أنه في مدن سياحية مثل فاس وطنجة من السهل معاينة مرشدين سياحيين في محيط المواقع السياحية يرافقون السياح في جولاتهم مقابل أجر هزيل، مقارنة مع المبلغ الذي يدفع إلى المرشد السياحي. أحد المرشدين السياحيين المعتمدين بفاس أوضح ل”أخبار اليوم” أن بعض المرشدين المزيفين يكونون متواطئين مع أرباب محالات تجارية تقليدية بعينها، إذ يرافقون السياح إلى تلك المحلات مقابل عمولات يحصلون عليها من أرباب المحلات. الجريدة عاينت، كذلك، في مدينة مراكش خلال قمة الهجرة ما بين 5 و11 يناير الماضي كيف أن بعض الأشخاص يتربصون ويتحرشون بالسياح الأجانب لعرض خدماتهم كمساعدة، لكن عند نهاية الجولة السياحية يصرون على الحصول على مقابل الجولة، إلى درجة أن أحدهم قال لسائحة من أمريكا اللاتينية: “دامي بروبينا”، أي أعطيني مقابل قهوة. ولازال قطاع الإرشاد السياحي يعيش على صفيح ساخن، رغم أن الوقفات الاحتجاجية ونداءات مهنييه ليس لها صدى إعلامي كبير، مقارنة مع احتجاجات الأطباء أو الأساتذة أو التجار أو السائقين. العديد من المرشدين السياحيين يرفضون القانون الذي صادقت عليه الحكومة سنة 2012، والذي يقضي بأن الترشح للحصول على صفة مرشد سياحي لا يحتاج إلى شهادة جامعية فقط، بل يمكن من له تجربة مهمة في الميدان الاستفادة من الاعتماد الرسمي. هذا الإشكال وغيره، دفع المئات من المرشدين السياحيين المعتمدين إلى تنظيم وقفات احتجاجية أمام مقرات الجهات المعنية بمختلف المدن السياحية. ورغم الموقع الاستراتيجي للمغرب، وكذا للمدن والمواقع السياحية والمآثر والمعالم التاريخية التي يزخر بها، إلا أنه يستقطب 5 ملايين سائح أجنبي فقط، في حين أن الخمسة ملايين أخرى يمثلها المغاربة المقيمون في الخارج، والذين يُعرجون سنويا على المملكة لقضاء العطل والأعياد مع ذويهم.