مر أسبوع على بدء الخطوات الاحتجاجية التي تخوضها شغيلة قطاع الصحة في مدينة طنجة، رفضا لقرار الوزير الوصي على القطاع، أنس الدكالي، الذي وقع على تعيين طبيب سبق أن تم عزله مرتين من إدارة مستشفيين في عهد وزير الصحة الأسبق الحسين الوردي، إذ أصر على تثبيته في منصب المندوب الإقليمي بعمالة طنجةأصيلة، على الرغم مما أثاره من استنكار واستياء شديدين وسط الأطر الطبية والهيئات التمريضية، قبل عام، عندما كلفه الدكالي بتولي نفس المهمة بالنيابة مؤقتا. وخاضت هيئتان نقابيتان تابعتان لكل من المنظمة الديمقراطية للشغل، والجامعة الوطنية لقطاع الصحة، يوم الثلاثاء الماضي، وقفة إنذارية أمام المديرية الجهوية لوزارة الصحة بجهة طنجةتطوانالحسيمة، مستنكرين ما اعتبروه “إصرار” الوزير التقدمي في حكومة سعد الدين العثماني، “على التمسك بمسؤول سبق إعفاؤه من مناصب إدارية بسبب تورطه في خروقات إدارية وتدبيرية”، معتبرين أن هذا القرار لا يمكن تفسيره بشيء آخر “غير كونه مكافأة غير مشروعة”، على حد وصفهم. وردد أطباء وممرضون وإداريون يشتغلون بمستشفيات “محمد الخامس”، “دوق دي طوفار”، “القرطبي”، و”محمد السادس”، شعارات غاضبة من قبيل “صامدون صامدون للتعيين رافضون”، “هذا عيب هذا عار تعيين الداودي في خطر”، و”علاش جينا واحتجينا الكفاءة لي بغينا.. مسؤول فاشل يمشي علينا”، وهذا “مات هذا عاش الصحة في الإنعاش”. وكان عزالدين الفيلالي بابا، الكاتب الإقليمي للجامعة الوطنية لقطاع الصحة بطنجة، وجه في كلمة له في ختام الوقفة الاحتجاجية، عتابا شديدا لوزير الصحة أنس الدكالي، قائلا “إن الشغيلة الصحية تلقت بصدمة خبر ترسيم الدكتور محمد عبدو الداودي، مندوبا على عمالة طنجةأصيلة، التي يتواجد ضمن مجالها الترابي أزيد من 40 مؤسسة استشفائية ووقائية، مضيفا بأن العاملين في قطاع الصحة يعتبرون هذا القرار وبالا عليهم”. وأوضح الفيلالي بابا أن عشرات الأطر والعاملين لم يتمكنوا من الالتحاق بالوقفة الاحتجاجية، نظرا لالتزاماتهم المهنية وعدم وجود أطر تقوم بتعويضهم بسبب الخصاص المهول والنقص الفادح في الموارد البشرية، وبالتالي لم يتمكنوا من مغادرة المؤسسات الاستشفائية وترك المرضى والمواطنين الوافدين دون استقبال، لكن الوقفة الاحتجاجية نقلت عنهم رسائل الاستنكار رفضا لتعيين عبدو الداودي مندوبا على عمالة طنجة. وتابع المسؤول النقابي، مؤكدا على أن شغيلة قطاع الصحة بطنجة ليس لديها أي مشكل شخصي مع الدكتور محمد عبدو الداودي، وليس لها أي اعتراض على انتمائه الحزبي والسياسي، لكن لديها اعتراض شديد على ما وصفه ب “التدبير الفاسد” الذي طبع فترة نفس المسؤول، ما أدى لعزله من طرف الوزير السابق الحسين الوردي، في مناسبتين، الأولى من إدارة مستشفى مدينة الخميسات، والثانية إعفاؤه من منصب مدير مستشفى محمد الخامس بطنجة أواخر سنة 2015، على إثر تقرير لجنة تفتيش مركزية من الوزارة”. من جانبه، استغرب مصطفى جعا، الكاتب الجهوي وعضو المجلس الوطني للمنظمة الديمقراطية للصحة، أنه “في الوقت الذي يعيش فيه قطاع الصحة نقصا خطيرا في الموارد البشرية واللوجيستية، يتم تعيين مسؤول أثبت فشله خلال فترة إدارته لمستشفى محمد الخامس، فضلا عن كونه دائم الغياب عن مكتبه، مما ضيع مصالح المواطنين وموظفي قطاع الصحة، وعوض أن يتم استبداله بكفاءة تعيد الروح للقطاع المريض، تتم مكافأته ضدا على مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. وحمل جعا في كلمة قوية خلال نفس الوقفة الاحتجاجية، رئيس الحكومة ووزير الصحة كامل المسؤولية، داعيا إياهما للتدخل والضرب على أيادي الفساد في قطاع الصحة، والمتاجرين بأرواح المواطنين، مذكرا بأن تحرك الأطر الطبية والتمريضية، ما هو إلا استجابة لنداء الضمير الذي يرفض التطبيع مع مظاهر العبث والاستهتار، في الوقت الذي توجد أطر كفأة ونظيفة اليد يمكنها أن تتحمل مسؤولية تدبير قطاع الصحة بعمالة إقليمطنجةأصيلة. وليست الأطر الصحية وحدها من تشتكي من المندوب الصحي الذي عينه أنس الدكالي، بل حتى المجالس المنتخبة لديها مآخذ كثيرة على فترة تعيينه المؤقت، طيلة السنة الماضية، حيث كان يتغيب عن الحضور إلى دوراتها من أجل مساءلته عن الاختلالات المتراكمة في مؤسسات صحية واستشفائية، تقع ضمن المجال الترابي التابع لإدارته، وفي بعض المرات كان يبعث موظفين “يحرقهم” أمام المسؤولين، كما سبق أن وقع مع أحدهم مع الوالي السابق محمد اليعقوبي عندما اعتذر عن الجواب عن الأسئلة نظرا لعدم توفره على المعطيات. هذا وتجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئيسي مجلسين منتخبين في جلسة عمومية، لمجلس عمالة طنجةأصيلة، ومجلس الجماعة الحضرية اجزناية، أن وجها رسالة شديدة اللهجة إلى وزارة الصحة، تم تدوينها في المحاضر الرسمية لدوراتهما، مستنكرين بشدة التغيب المتكرر للمندوب الإقليمي لوزارة الصحة، معتبرين عدم حضوره استخفافا بمصالح المواطنين، واستهتارا بأدوار مؤسسات دستورية.