نسبة ملء السدود تقارب 40 %.. المغرب ينتقل إلى "إجهاد مائي طفيف"    فرنسا تطرد 12 موظفا دبلوماسيا جزائريا    بيان الخارجية الفرنسية: فرنسا تجدد تأكيد موقفها الثابت الداعم لسيادة المغرب على الصحراء    وزير التجهيز والماء: السدود تفقد 50 مليون متر مكعب من الماء سنويا بسبب التوحل    تقدم به الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب .. المصادقة بالإجماع على مقترح يعزز حقوق كافلي الأطفال المهملين    العلوي: منازعات الدولة ترتفع ب100٪ .. ونزع الملكية يطرح إكراهات قانونية    اتفاقيات "جيتيكس" تدعم الاستثمار في "ترحيل الخدمات" و"المغرب الرقمي"    تحفيز النمو، تعزيز التعاون وتطوير الشراكات .. رهانات الفاعلين الاقتصاديين بجهة مراكش أسفي    توقيع اتفاقية شراكة بين وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة ومجموعة بريد المغرب لتعزيز إدماج اللغة الأمازيغية    أرسين فينغر يؤطر مدربي البطولة الوطنية    إشعاع النسخة 15 من سباق النصر بالرباط يتجاوز حدود الوطن    بسبب تنامي العنف المدرسي الذي ذهبت ضحيته أستاذة بمدينة أرفود    ولد الرشيد يستقبل ريني هيرنانديز    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    توقيف سائق استعراضي لدراجة نارية في حالة عود    مصرع سائق وطفل في حادثتين متفرقتين بإقليم الحسيمة    خريبكة تفتح باب الترشيح للمشاركة في الدورة 16 من المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي    فاس تقصي الفلسفة و»أغورا» يصرخ من أجل الحقيقة    دي ميستورا.. طيّ صفحة "الاستفتاء" نهائيا وعودة الواقعية إلى ملف الصحراء المغربية    شهادة أممية تزعزع رواية الانفصاليين.. الروسي إيفانكو يفضح أكاذيب بوليساريو والجزائر    عمر هلال.. آمل أن تكون الذكرى ال50 للمسيرة الخضراء نهاية نزاع الصحراء    الاتحاد الأوروبي يؤازر المغرب في تسعير العمل المنزلي للزوجة بعد الطلاق    "الاستقلال" يفوز برئاسة جماعة سمكت    لقاء تشاوري بالرباط بين كتابة الدولة للصيد البحري وتنسيقية الصيد التقليدي بالداخلة لبحث تحديات القطاع    إدريس علواني وسلمى حريري نجما الجائزة الكبرى للدراجات تافراوت    من يسعى الى إفساد الاجواء بين الجماهير البيضاوية وجامعة الكرة … !    إخضاع معتد على المارة لخبرة طبية    التامني تنتقد السعي نحو خوصصة الأحياء الجامعية وتدعو لإحداث لجنة تقصي الحقائق حول أوضاع الطلبة    عمال الموانئ يرفضون استقبال سفينة تصل ميناء الدار البيضاء الجمعة وتحمل أسلحة إلى إسرائيل    حرس إيران: الدفاع ليس ورقة تفاوض    "ديكولونيالية أصوات النساء في جميع الميادين".. محور ندوة دولية بجامعة القاضي عياض    وفاة أكثر من ثلاثة ملايين طفل في 2022 بسبب مقاومة الميكروبات للأدوية    دراسة أمريكية: مواسم الحساسية تطول بسبب تغير المناخ    فايزر توقف تطوير دواء "دانوغلبرون" لعلاج السمنة بعد مضاعفات سلبية    محمد رمضان يثير الجدل بإطلالته في مهرجان كوتشيلا 2025    إدريس الروخ ل"القناة": عملنا على "الوترة" لأنه يحمل معاني إنسانية عميقة    الكوكب المراكشي يؤمّن صدارته بثنائية في مرمى "ليزمو"    توقيع اتفاقيات لتعزيز الابتكار التكنولوجي والبحث التطبيقي على هامش "جيتكس إفريقيا"    الهجمات السيبرانية إرهاب إلكتروني يتطلب مضاعفة آليات الدفاع محليا وعالميا (خبير)    فليك : لا تهاون أمام دورتموند رغم رباعية الذهاب    نقل جثمان الكاتب ماريو فارغاس يوسا إلى محرقة الجثث في ليما    فاس العاشقة المتمنّعة..!    قصة الخطاب القرآني    المغرب وكوت ديفوار.. الموعد والقنوات الناقلة لنصف نهائي كأس أمم إفريقيا للناشئين    وقفة احتجاجية للمحامين بمراكش تنديدا بالجرائم الإسرائيلية في غزة    اختبار صعب لأرسنال في البرنابيو وإنتر لمواصلة سلسلة اللاهزيمة    تضمن الآمان والاستقلالية.. بنك المغرب يطلق بوابة متعلقة بالحسابات البنكية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    غوتيريش: نشعر "بفزع بالغ" إزاء القصف الإسرائيلي لمستشفى المعمداني بغزة    أمسية وفاء وتقدير.. الفنان طهور يُكرَّم في مراكش وسط حضور وازن    ارتفاع قيمة مفرغات الصيد البحري بالسواحل المتوسطية بنسبة 12% خلال الربع الأول من 2025    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان: بين الفرص والتحديات الأخلاقية    خبير ينبه لأضرار التوقيت الصيفي على صحة المغاربة    إنذار صحي جديد في مليلية بعد تسجيل ثاني حالة لداء السعار لدى الكلاب    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب، من وعد بلفور إلى الصفقة
نشر في اليوم 24 يوم 01 - 03 - 2019

وسط نشوة عربية، وقّعت منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل، في أواخر 1993، ما يُعرف باتفاق أوسلو، المتعلق بالحكم الذاتي للفلسطينيين، بوعد إقامة دولة لهم، مقابل التخلي عن معاداة إسرائيل، والاعتراف بشرعيتها، ومشروعية وعد بلفور. ومنذ ذلك التوقيع تناقصت مساحة خريطة الضفة الغربية الفلسطينية بفعل تسريع «زرع» المزيد من المستوطنات الإسرائيلية. فهل كان الاتفاق مجرد مقدمة لما أضحى يُعرف اليوم ب»صفقة القرن»؟
جُنّد لهذه الصفقة أكثر من 60 دولة في «عرس» إسرائيلي بامتياز، برعاية أمريكا، تحت مسمى «مؤتمر وارسو للسلام في الشرق الأوسط»، بتاريخ 13-14 فبراير 2019، وبحضور جل الدول العربية. أما الفلسطينيون فقاطعوا هذا المؤتمر، بسبب رفضهم تصفية قضيتهم؛ فناب عنهم العرب مرة أخرى، كما نابوا عنهم في تحقيق وعد بلفور منذ 100 سنة خلت.
يومها كان إرث الخلافة العثمانية تقاسمه التفاهمات الفرنسية الإنجليزية، (سايكس بيكو) بشأن مصير الشرق الأوسط. أما العرب فكانوا منتشين بما سموه «الثورة العربية الكبرى» على حكم الأتراك. ولم يكن يخطر ببالهم أنهم يقومون بمجرد عملية التحول من السيد التركي إلى السيد الأوروبي، وأنهم يوافقون على قرار إسرائيل بإنكار الهوية الفلسطينية السياسية حين اعتبروا استعمار اليهود لفلسطين «صراعا عربيا إسرائيليا».
أما مهمة «مؤتمر وارسو»، فترمي إلى تصفية القضية الفلسطينية نهائيا، والتأكيد أن الصراع كان بين القوميتين العربية والإسرائيلية فقط. والآن، وبعدما تحول «وعي» العرب من «تحرير فلسطين قضية العرب الأولى»، إلى «إيران أخطر من إسرائيل» لا معنى لاستمرار عدائهم لإسرائيل. هكذا كانت معاداة تركيا العثمانية الحل السحري ل»تفهم العرب» لوعد بلفور. واليوم، أضحى خطر إيران كقوّة إقليمية، هي حصان طروادة صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية.
والواقع، أن المتتبع لمواقف الأنظمة العربية نحو قضية فلسطين، خلال قرن من الزمن، لا يحد فيها غير شعارات لإقناع شعوبها بالدكتاتورية مقابل تحرير فلسطين، ووصف إسرائيل ب»دويلة» وب»الكيان الصهيوني»، اعتقادا منها بأن ذلك سيحط من قيمتها ويُذلّها. لكنها لم تجد ما تبرر به هزائمها العسكرية المتكررة أمام «دويلة إسرائيل». أما بالنسبة إلى نعت الإسرائيليين ب»الصهاينة»، فجهلوا، أو تجاهلوا، أن تلك الصفة تشريف لمؤسسي إسرائيل ولورثتهم؛ ف»أبواب صهيون»، حسب معتقداتهم، أحب إلى «الرَّبّ… مِنْ جَمِيعِ مَسَاكِنِ يَعْقُوبَ». (مزمور 87). ثم إن كلمة «صهيون» تكررت أكثر من 150 مرة في الكتاب المقدس. واتسع معناها في عهد النبي سليمان ليشمل الهيكل، الذي بناه، قبل أن يدل على كل مدينة أورشليم وما حولها. أما في العصر الحديث، فإن عبارة «صهيون» تشير إلى جبل يقع في الجزء الجنوبي الغربي من القدس خارج أسوار المدينة القديمة.
ويُستخلص مما تقدم أن الإسرائيليين يعتبرون صفة «صهيوني» فخرا لهم، وتأكيدا لارتباطهم بتراثهم الديني والثقافي والجغرافي، على عكس ما يعتقد به العرب. وتذكرني استعمالات العرب القدحية لعبارتي «صهيون» و»صهاينة» بحكاية أخري حكاها الكاتب المصري أنيس منصور حينما كان متطوعا في الجيش المصري أثناء العدوان الثلاثي (فرنسا وإنجلترا وإسرائيل) سنة 1956، فقد حكى: كنا نجتهد في إيجاد ما نُغيض به الجنود الإنجليز الذين كانوا متقابلين معنا على الضفة الشرقية لقناة السويس بعد أن توقفت المعارك. وعرفنا يومذاك أن بريطانيا يتولى فيها العرش امرأة، وكنا نستصغرهم بذلك. أما هم فكانوا يشكروننا، «لأننا نعرف من يتولى عرش بريطانيا».
والنتيجة أن العرب والفلسطينيين انخرطوا معا في إنكار الهوية الوجودية والسياسية للشعب الفلسطيني، حين وافقوا على أن ما يجري في فلسطين مجرد «صراع عربي إسرائيلي»، طبقا لما خططت له إسرائيل لإقناع العالم بذلك، وما على العرب إلاّ أن يحتووا الفلسطينيين، كما احتووا ذات يوم عرب الأندلس المعروفين بالمورسكيين. ولا ندري على وجه اليقين إن كان محمود درويش يشارك العرب والإسرائيليين الذين حرموه من هويته الفلسطينية، أو يسخر منهم، حين صرخ: «سجل أنا عربي… أنا اسم بلا لقب… صبور في بلاد كل ما فيها… يعيش بفورة الغضب».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.