رغم حديث مصطفى المنصوري، السفير المغربي في السعودية، عن “سحبٍ باردة” تمر بها العلاقات المغربية السعودية، إلا أن وزير الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، قال في تصريح لوكالة “سبوتنيك” الروسية إن “الخبر غير مضبوط”، مؤكدا أن لوزارة الخارجية “قنوات خاصة لإعلان القرار”، وهو تطور جديد يشير إلى رغبة المغرب في التهدئة وعدم التصعيد مع السعودية والإمارات كذلك. وزير الخارجية لم ينف استدعاء السفير المغربي بوضوح، وقال إن “الخبر غير مضبوط” ردّا، فيما يبدو، على الخلط الذي وقعت فيه بعض وسائل الإعلام الدولية والوطنية بين من تحدث عن “سحبِ السفير”، و”استدعاء السفير للتشاور”، وهما إجراءان في الأعراف الدبلوماسية يدلان على توتر العلاقات، لكن سحب السفير يعد إجراء أشد في قائمة الإجراءات التي تلجأ إليها الدول للتعبير عن عدم رضاها واستيائها من بعضها البعض، والتي قد تصل في الحد الأقصى إلى “القطيعة الدبلوماسية”، ويعد “استدعاء السفير للتشاور” أحد الإجراءات الأخف في هذا السياق. غير أن استدعاء السفير للتشاور يتطلب أن يعلن عنه بشكل رسمي في بلاغ موجه للرأي العام الوطني والدولي، وهو ما لم يفعله المغرب حتى الآن، بل إن تصريح الوزير بوريطة يشير إلى أن العلاقات تتجه نحو التهدئة من الجانبين، ومن مؤشرات ذلك أن الأخبار التي خرجت من وزارة الخارجية، مؤكدة استدعاء السفير المغربي في الرياض، وأن “بلاغا سيصدر في الموضوع”، قد تم التراجع عنه، كما جاء على لسان بوريطة، بالتزامن مع القصاصة التي نشرتها جريدة “الرياض”، المقربة من دوائر الحكم في السعودية، عنونتها ب”الصحراء المغربية.. بين الشرعية التاريخية والمشروعية القانونية”، نوهت فيها بالمقاربة المغربية لحل النزاع، الذي وصفته ب”المفتعل”، في الوقت الذي أكدت أن “دعاوي الانفصال تستند إلى حجج قانونية واهية”. وتشير هذه التطورات، بحسب سفير مغربي سابق، إلى الرغبة المتبادلة من الطرفين: السعودية والمغرب، في الوصول إلى “تسوية دون مزيد من التصعيد”، موضحا أن “استدعاء السفير المغربي في السعودية، وإن كان الخبر أكده السفير نفسه، مصطفى المنصوري، فهو يبقى غير رسمي مادامت وزارة الخارجية لم تعلن عنه في بلاغ للرأي العام الوطني والدولي”، ورجج المصدر أن “يتم احتواء المشكل، دون مزيد من التصعيد”. غير أن ميل الدبلوماسية المغربية إلى التهدئة، لا يعني عدم وجود توتر في العلاقات، التي تدل عليها مؤشرات عديدة ظهرت بعد الحديث عن استدعاء السفير، خصوصا على المستوى الإعلامي، إذ لازالت القناة الثانية “دوزيم” منخرطة في الهجوم على السعودية، مستعملة في ذلك قضية خاشقجي، حيث كتبت القناة على حسابها في “تويتر” قائلة إن “الأدلة التي تم تجميعها عقب زيارة المبعوثة الأممية الخاصة بالتعذيب خارج القانون، تؤكد مقتل “خاشقجي” بشكل وحشي على يد مسؤولين بالنظام السعودي”، في حين ردّ نشطاء سعوديون على المغرب بعبارات عنيفة ومسيئة بسبب ذلك. وكان رئيس الحكومة سعد الدين العثماني قد صرّح، أول أمس السبت، بالقول إن “هناك من يحاول الإضرار بأمن المغرب واستقراره وقضاياه الوطنية الكبرى”، القول الذي فُهم منه بأنه تفسير للتوتر المغربي السعودي. في المقابل، لم يصدر أي تعليق رسمي سعودي حتى الآن حول الانزعاج المغربي، الرسمي والشعبي، بسبب المسّ بمغربية الصحراء. ورجح محمد مصباح، مدير المعهد المغربي لتحليل السياسات، أن يلجأ البلدان إلى احتواء الأزمة سريعا، بالنظر إلى عمق العلاقات بينهما، متحدثا في الوقت ذاته عن “تغيّر” في العلاقات لم يصل بعد إلى درجة “التحول”، وقال إن الحكام الجدد في السعودية والإمارات باتوا يزنون علاقاتهم بالدول، ومنها المغرب، بالمصالح الاقتصادية أساسا، وهو مصدر التوتر الحالي بين البلدين.