بعد فضيحة اعتراف الحكومة اليمنية الإسبانية سنة 2017، بأن عملية منح تأشيرة شينغن للمغاربة في بعض قنصلياتها في المغرب شابتها بعض الاختلالات، وعودة الفضيحة نفسها إلى الواجهة سنة 2018؛ يبدو أن الحكومة الإسبانية لم تستطع تفكيك كل البنيات التحتية للشبكة الإجرامية المحتملة بين موظفيها القنصليين والمتخصصة في تزوير التأشيرات و”البيع والشرا” في المواعيد، رغم تأكيد الدبلوماسية الإسبانية أنها اتخذت الإجراءات الضرورية لتجنب تكرار هذه الاختلالات في المستقبل. آخر هذه الفضائح هزت القنصلية الإسبانية بالدارالبيضاء، إذ ندد العديد من المتضررين بوجود “فساد كبير يتمثل في “البيع والشرا” في مواعيد التأشيرات”، حيث إن “الحصول على موعد يتطلب شهورا، غير أن من يدفع 3000 درهم يحصل على الموعد في الحين”، وفق ما أوردته صحيفة ” البويبلو دي سبتة”، يوم الثلاثاء الماضي. المعطيات ذاتها كشفت، كذلك، أن “التأشيرات الوطنية التي تتوفر على رخصة الإقامة لفترة شهرين ليست لديها مواعيد؛ كما أن طالبي تأشيرات الإقامة يجهلون منذ خمسة شهور مكتب الإجراءات الذي تتواجد فيه ملفاتهم”. أكثر من ذلك، فالمواطنون الذين “دفعوا مقابل الحصول على موعد تأشيرة السياحة، يطالبون منذ أكثر من شهر ونصف بموعد دون أن يتلقوا أي جواب”. مصادر رسمية إسبانية، أكدت ل”أخبار اليوم”، أن الشكاوى المزعومة لبعض المواطنين المغاربة والإسبان بخصوص المواعيد وظروف الاستقبال وجودة الخدمات، لا أساس لها من الصحة. كما أرجعت بعض التأخر في الاستجابة أو الرد على بعض الطلبات، إلى “الضغط الكبير” في الشهور الأخيرة على “القنصليات الإسبانية في الدارالبيضاء والرباط وطنجة والناظور للحصول على تأشيرة شينغن”. مصدر آخر أكد للجريدة أن ضعف جودة الخدمات في القنصليات الإسبانية، يرتبط في جزء منه بعودة ظاهرة الهجرة السرية للشباب المغاربة إلى الفردوس الأوروبي، إذ ارتفعت الطلبات على التأشيرة الإسبانية. ومن بين المشاكل الأخرى التي يواجهوها المواطنون في القنصلية الإسبانية في الدارالبيضاء، يبرز غياب تحديد مواعيد طعون إعادة النظر في رفض التأشيرات، إذ يؤكد المتضررون أنه مرت 5 شهور دون أن يحصلوا على أي جواب من القنصلية حول استفساراتهم. كما يعاني زبناء القنصلية من ضعف الخدمات التواصلية، حيث يمكن أن تمر ساعات بين توقيت الاتصال بالقنصلية والرد، كما أنه بعد ساعات من الانتظار على الخط “لا يقدم لهم أي حل”. ويعتقد بعض المتضررين الإسبان من خدمات القنصلية بالدارالبيضاء، أنه “منذ مغادرة القنصل السابقة، صوليداد فوينتس غوميث، للقنصلية قبل خمسة شهور، يبدو أنها أخذت معها الموظفين أو أن وزارة الخارجية الإسبانية لا تهتم بمصالح مواطنيها”. على صعيد متصل، حذرت المصادر ذاتها من تكليف موظفين مؤقتين جدد بالإشراف على خدمات التأشيرات، مما يطرح أكثر من سؤال حول “حماية البيانات الشخصية، والسرية والخبرة في محاربة الهجرة السرية؟”. الكثير من المواطنين الإسبان بالمغرب اشتكوا، أيضا، من الوضع “الكارثي”، على حد قولهم، للقنصلية العامة الإسبانية بالدارالبيضاء. إذ يؤكدون أن “القاطنين الإسبان يضطرون إلى انتظار شهور من أجل تسجيل المواليد الجدد أو الزواج أو أي إجراء من هذا القبيل”. وأردفوا أن “واحدة من المسائل الخطيرة هي أن مكتب التوثيق لا يحترم قانون حماية البيانات الشخصية، وذلك باستقبال المرتفقين في غياب ظروف السرية”. هذا وكانت وزارة الخارجية الإسبانية فتحت السنة الماضية “تحقيقا ثانيا داخليا”، بعد التحقيق الأول سنة 2017، على مستوى قنصلياتها بالمغرب، بخصوص تزوير التأشيرات، بعد تفكيك شبكة واعتقال 13 شخصا، من بينهم موظفون قنصليون. التحقيقات الأولية كشفت حينها معلومة خطيرة عن وجود سوق سوداء في القنصليات الإسبانية بالمغرب، لابتزاز الشباب المغاربة الراغبين في الهجرة إلى أوروبا مقابل مبالغ مالية مرتفعة.