بعد أيام من قرار سلطات مدينة الدارالبيضاء حل جمعية “جذور” الثقافية، بسبب تعليقات نقدية، أدلى بها ضيوف في برنامج حواري، استضافه مقرها، دخلت منظمات دولية مهتمة بالدفاع عن حقوق الإنسان على الخط، مطالبة السلطات المغربية بالتخلي فورا عن مساعيها، الرامية إلى حل الجمعية. وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، و”منظّمة العفو الدولية”، في بلاغ لهما، اليوم الجمعة، إن جمعية جذور، التي يوجد مقرها في الدارالبيضاء، استهدفت بسبب استخدام مكاتبها لتصوير حلقة من برنامج “عشاء أغبياء”، في 5 من شهر غشت الماضي، حيث كان أحمد بن شمسي من “هيومن رايتس ووتش”، أحد الستة ضيوف، الذين تمت دعوتهم للتعليق على أخبار المغرب خلال الحلقة، التي تم بثها على “يوتيوب”، في 24 غشت، وخلال الحلقة، انتقد بعض الضيوف خطابات الملك محمد السادس، وسياساته، في سياق قمع الشرطة المتزايد لاحتجاجات الشوارع، وهي الحلقة، التي حصلت على أكثر من نصف مليون مشاهدة. من جانبها، قالت “سارة ليا ويتسن”، مديرة قسم الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا في “هيومن رايتس ووتش”، إن البرنامج الحواري “عشاء الأغبياء” من الفضاءات الحرة القليلة، حيث يمكن التعبير عن آراء نقدية من دون رقابة في المغرب، معتبرة أنه “من خلال سعيها إلى حل الجمعية، التي استضافته، تبعث السلطات رسالة قاتمة إلى ما تبقى من صحافيين، ومعلقين أحرار في البلاد؛ والرسالة مفادها: الصمت!‘”. وفي السياق ذاته، قالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط، وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن “قرار حل جذور ضربة هدفها واضح: ترهيب المنتقدين من أجل إسكاتهم. لا يجب أن يعاقَب أحد للتعبير السلمي عن آرائه، أو انتقاده للمؤسّسات. إذا كانت السلطات المغربية جادة في التزامها الدستوري والدولي بضمان حرية التعبير، والعمل الجمعوي، عليها التخلي فورا عن جميع محاولاتها لإقفال جذور”. ومن جهته، قال “ريمون بنحايم”، رئيس جذور، في تصريح لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” إن جمعيته “لم تقدم سوى مقرها في الدارالبيضاء كموقع لتصوير البرنامج، بناء على طلب من مؤسسَيْه، الصحافيَّيْن أمين بلغازي، ويوسف المودن”. وتعود فصول القصة إلى 9 أكتوبر الماضي، حيث كتب عامل الدارالبيضاء – أنفا إلى الوكيل العام في الدارالبيضاء طلبا لحل جمعية جذور، على أساس أنها نظمت “نشاطا تضمن حوارات تخللتها إساءات واضحة إلى المؤسسات.. كما تم التعبير فيه عن آراء سياسية بعيدة كل البعد عن الأهداف، التي أُسست من أجلها هذه الجمعية”، وهي الرسالة، التي أشارت إلى حلقة برنامج “الأغبياء” في 5 غشت، قبل أن تقرر المحكمة في 26 دجنبر الماضي، الحكم لصالح النيابة العامة، والأمر بحل جذور، وهو القرار الذي استأنفته الجمعية. “ملحمة العدميين”، برنامج حواري على “يوتيوب”، يستضيف خلاله مقدّمان، يصفان نفسيهما ب”الغبيين”، صحافيين، وفنانين، وغيرهم خلال عشاء لمناقشة مجموعة من المواضيع السياسية، والاجتماعية المثيرة للجدل، بطريقة حرة، وجريئة، تسودها خفة اللسان، وهو البرنامج، الذي يبث منذ عام 2016 على الأنترنت، وهذه المرة الأولى، التي تتخذ فيها السلطات إجراءات قانونية ردا عليه. ويظهر في الحلقة، التي أدت إلى حل الجمعية، المُعَنونة ب”ملحمة العدميين”، والمُتوفرة على الأنترنت في 3 أجزاء، مدير التواصل والمرافعة في الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا في “هيومن رايتس ووتش”، أحمد بن شمسي، والصحافي عمر الراضي، والمغنّي باري، والمدافع عن الحريات الدينية، جواد الحامدي، والناشط الثقافي، والعضو في جذور عادل السعداني، والخبير الاقتصادي رشيد أوراز.