قال الصحافي لحسن أوسيموح، عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، إن اعتقال بوعشرين قد تكون محاولة لإخراسه. كيف تعرفت على توفيق بوعشرين؟ لم أعرف توفيق بوعشرين الإنسان. لكنني تعرفت على بوعشرين الصحافي عبر مقالاته في مختلف المنابر الإعلامية التي اشتغل بها، وبالخصوص في مجلة وجهة نظر التي كان يديرها الصديق الراحل الدكتور عبد اللطيف حسني. كانت مقالات رصينة لمهني جمع بين التكوين الأكاديمي الرصين وبين التمكن من الكتابة الصحافية بل والبلاغة اللغوية. التقيته بشكل مباشر حين جالسته ذات يوم لأناقشه في عقد للالتحاق بيومية «أخبار اليوم»، وتشاء الصدف أنه نفس اليوم الذي التقيت فيه الزميلة مرية مكريم، وعرضت علي تولي مسؤولية رئاسة تحرير موقع «فبراير. كوم». لم يغرن صراحة عرض توفيق رغم أن أحد كبار أصدقائي المحامين من توسط بيننا، وترددت كثيرا في القبول، وتكلف زميل آخر هو المختار العماري للتوفيق بين العرض المقدم وما اقترحه على المؤسسة كراتب شهري. ولأنني أقدر الصديق المختار كثيرا قبلت العرض، لكن تشاء الظروف ألا ألتحق بالمؤسسة الجديدة لأنني لم أستكمل إجراءات المصادقة على العقد لدى السلطات المحلية. هذا من الأمور التي أتأسف عليها اليوم. وآخر لقاء يجمعني بتوفيق كان في اجتماع بين قيادة النقابة الوطنية للصحافة المغربية وقيادة فيدرالية الناشرين بفندق شيراتون بالدار البيضاء. غادرت الاجتماع مبكرا، لأنني اعتبرته حينها مجرد لقاء عاد لن يخرج بأية نتيجة ملموسة تلبي تطلعات فئات واسعة من الصحافيين الذين يعانون الهشاشة والبؤس والحكرة. كيف تجد تجربته الصحافية؟ هي تجربة فريدة ومتميزة بكل المقاييس، وكما قلت سابقا فالزميل بوعشرين ذو تكوين أكاديمي رصين وهو ما تفتقده الكثير من الأقلام ببلدنا، ولا يقتصر الأمر على ذلك، فهو محلل سياسي من طينة رفيعة، وهو ما تجسد في عموده اليومي. قد نختلف معه في كثير من المواقف أو الاصطفافات، لكن ذلك شأنه. وأظن أن ديمقراطيتنا الناشئة بحاجة لثقافة الاختلاف والتعددية أكثر مما هي بحاجة إلى ثقافة التوافق والتراضي. إنها أيضا بحاجة إلى قول الحق ونصرة المظلومين ومعانقة هموم الطبقات المسحوقة. لن يفيد الديمقراطية بالمغرب ثقافة التطبيل و»العام زين» كما يقال ولا محاباة أية جهة كيفما كانت، بل يفترض في الإعلامي فضح الفساد والاستبداد وترسيخ قيم المواطنة والدفاع عن الحقوق والحريات والكرامة والعدالة الاجتماعية. كيف تنظر إلى اعتقاله والحكم الابتدائي الصادر في حقه؟ كنت من الصحافيين الأوائل الذين تأسفوا لمتابعة توفيق بوعشرين الصحافي، وتمنيت أن تأخذ العدالة مجراها لإنصافه إن كان مظلوما، بالمقابل إن كان مذنبا فيجب إنصاف المشتكيات أو الضحايا المفترضات في ملفه. وهذا أمر يتحمل فيه القضاء مسؤوليته أمام الشعب وأمام الله في الآخرة. ولا أخفيكم أنه كانت لي مؤاخذات على شخص بوعشرين ومسار حياته، وتأسفت لسوء تدبير علاقاته بالأمس مع أقرب المقربين منه. لكن متابعته كان لي فيها رأي آخر. أعرف أنه صحافي فوق العادة وأنه مزعج للسلطة ولرجالات الدولة الذين يعتبرون أنهم فوق القانون. لكن في ملف المتابعة الحالي وبعيدا عن الجانب القانوني، فإنني أستحضر فرضيات كثيرة، قد تكون المتابعة محاولة إخراس من يجد فيه المغاربة لسانا لهم، وفي هذه الحالة فإنني شخصيا ضد الانتقام من أي كان بسلاح القانون. دولة ما بعد 2011 بحاجة إلى رجالات يقولون الحق ولو في أنفسهم. إنها بحاجة إلى رجالات يقولون الحق ولا يخافون في الله لومة لائم. وأتمنى ألا تكون المتابعة انتقاما سياسيا من قلم مزعج.