وسط استمرار شد الحبل بين وزارة الصحة ومهنيي قطاع الصحة حول مجموعة من النقاط الخلافية بين الطرفين، أصدرت الجمعية المغربية لعلوم التمريض وتقنيات الصحة، تقريرا جديدا ضمنته ما اعتبرته المشاكل التي يتخبط فيها القطاع، والمتمثلة أساسا في الموارد البشرية، عنونته ب “تدبير الموارد البشرية الصحية السياقات، المرجعيات والحصيلة”. وأبرز التقرير أن النظام الصحي الوطني لا ينتج كفايته من القوة العاملة الصحية، خاصة مقدمي العلاجات من الأطباء والممرضين، وأن الرقم المتوفر حاليا لا يتوزع ترابيا بشكل عادل، وأنه يواجه تحدي هجرة مهنيي الصحة إلى دول أخرى وإلى القطاع الخاص، أو تغيير المهنة من الأصل عبر ممارسة مهن أخرى. وأبرز التقرير أن هنالك هوة متزايدة بين الحاجات الصحية للسكان والمهارات المكتسبة لدى مهنيي القطاع خلال فترة التكوين.. التقرير الذي ساهم فيه مجموعة من مهنيي الصحة من اختصاصات ومناطق مختلفة، أورد أن الحكومة لم تنفذ سياسة مجال تدبير الموارد البشرية الصحية بالشكل الكامل واكتفت بتنفيذ جزئي فحسب، “إذ لا تزال هنالك العديد من الإجراءات المعلقة، منها مصنف الكفاءات والمهن والتدبير التوقعي للكفاءات والمهن والهيئات المهنية وتعميم منحة المردودية”. كما أن تنفيذ بعض الإجراءات تسبب في احتجاج اجتماعي وإنهاء السلم الاجتماعي في القطاع، بدل تلبية المطالب على غرار مراجعة النظام الأساسي للممرضين والقابلات وتقنيي الصحة ومراجعة النصوص القانونية لمعاهد تكوين الممرضين. مبرزا أن بعض الإجراءات المقترحة لم تكن مدرجة في البرنامج الحكومي ولا في استراتيجية وزارة الصحة على غرار مشروع الخدمة الوطنية الصحية. وللخروج مما اعتبره أزمة الموارد البشرية، قدم تقرير الجمعية المغربية لعلوم التمريض وتقنيات الصحة مجموعة من التوصيات، أولها بلورة مخطط وطني حول الموارد البشرية الصحية فوق قطاعي وتشاركي، وتنظيم مناظرة وطنية حول الموارد البشرية الصحية، ثم تخصيص يوم وطني حول الموارد البشرية الصحية، إلى جانب تأسيس مرصد وطني حول الموارد البشرية الصحية بتعاون مع منظمة الصحية العالمية. كما رأى التقرير ضرورة رفع أعداد مهني الصحة وتوزيعهم بشكل عادل من أجل استبقائهم في الوظيفة العمومية خاصة في المناطق المعزولة، بالإضافة إلى ضمان التكوين الجيد طيلة المسار المهني، وتعميم التكوين المستمر ودمقرطته، خاصة عبر التعليم عن بعد. ورأى التقرير أيضا ضرورة تحفيز مهنيي الصحة، عبر رفع الدخل والإنصاف في التعويض عن الأخطار المهنية، ومراجعة شروط امتحان الكفاءة المهنية، خاصة عبر رفع نسبة النجاح التي تبلغ 13 في المائة وشرط 6 سنوات، من أجل اجتياز المباراة والإعفاء من الثلث المؤدي لفائدة موظفي وزارة الصحة، ودعم مؤسسة الأعمال الاجتماعية، وتكافؤ الفرص في الولوج لمناصب المسؤولية. ينضاف إلى ما سبق، تعزيز آليات الإنصاف لأصوات المهنيين، عبر تنشيط الحوار الاجتماعي القطاعي مركزيا وجهويا وإقليميا، وإنشاء الهيئات المهنية للممرضين والقابلات وباقي الفئات، علاوة على تأسيس تحالف منظمات المجتمع المدني، من أجل دعم مهنيي الصحة، ثم تشجيع برامج التبادل والتعاون جنوب-جنوب بين مهنيي الصحة، خاصة مع دول القارة الإفريقية، ودعم التحالفات الإفريقية لمهنيي القطاع وأنشطتهم. وأشارت الجمعية في تقريرها إلى أن الأخير، يرمي إلى تسليط الضوء على الأهمية المتزايدة للموارد البشرية في الصحة، “وإلى قياس الصدع بين التخطيط والتنفيذ، واقتراح مجموعة بدائل من أجل تدبير أفضل للموارد البشرية، حتى تواجه التحديات الصحية الحالية والمقبلة”.