قدمت فرق الأغلبية والمعارضة، أمس، تعديلاتها على مشروع القانون المتعلق بالخدمة العسكرية، في آخر إجراء من نوعه في مسطرة دراسة المشروع قبل المصادقة عليه في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، يتوقع أن تثير جدلا إضافيا حول مشروع القانون، وخاصة اشتراط الولوج إلى الوظيفة العمومية بأداء الخدمة العسكرية. وتقدمت فرق الأغلبية بتعديلات مشتركة من أهمها ربط الولوج إلى الوظيفة العمومية بأداء واجب الخدمة العسكرية الإجبارية، بحيث يُشترط ضمن وثائق المترشح للوظيفة العمومية وثيقة خاصة تفيد أداء المترشح للخدمة العسكرية، كما اقترح ممثلو فرق الأغلبية في لجنة العدل والتشريع في اجتماع لها إعفاء باقي أعضاء المجالس الدستورية، – مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي وغيرها من المؤسسات الدستورية-، من الخدمة العسكرية خلال فترة انتدابهم بهذه المجالس. كما اقترح ممثلو الفرق نفسها مادة إضافية أخرى تقضي بمنع المجنسين بالجنسبة المغربية من الخدمة العسكرية إلا بعد مرور خمس سنوات على حصولهم عليها. وفي الوقت الذي ترى فرق الأغلبية بأن هذه المقترحات “مهمة” وتكمل نقائص مشروع القانون، لم تقدم أي شيء لفائدة الرافضين للخدمة العسكرية لأسباب ضميرية، كما تدعو إلى ذلك هيئات حقوقية وشبابية، علما أن القبول بالمقترحات التي قدمتها تلك الفرق من عدمه يبقى بيد الحكومة، وممثلها الوزير المنتدب المكلف بالدفاع الوطني. ويرتقب أن تصادق اللجنة في الاجتماع المقبل لها على مشروع القانون، في الوقت الذي يرى الشباب وبعض الحقوقيين أن المشروع لم يحظ بنقاش عمومي كاف، وتميّز تمريره من البرلمان بطابع الاستعجال. والدليل على ذلك اعتراض مكتب مجلس النواب على قرار إحالته على المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. ذلك أن مكتب لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان كان قد قرر بالإجماع إحالة مشروع القانون على المجلسين، بمبرر الحاجة إلى إبداء الرأي والمشورة وتوسيع النقاش العمومي حول مشروع القانون، لكن مكتب مجلس النواب اعترض على قرار مكتب اللجنة، ولم تُعرف أسباب الاعتراض، علما أن قانونا مماثلا يخص الجيش الملكي، يتعلق بالضمانات الأساسية الممنوحة للعسكريين سبق وأن أحيل على المجلس الوطني لحقوق الإنسان سنة 2012، كما أحيل مشروع قانون العدل العسكري سنة 2014، وهما أكثر حساسية من مشروع القانون الحالي. وبرّر قرار عدم الإحالة من قبل مكتب مجلس النواب بأن المجلس الوطني لحقوق الإنسان في حالة “عطالة” منذ انتهاء انتداب أعضائه قبل نحو ثلاث سنوات، بحيث لا يمكنهم مناقشة مشروع القانون ولا إبداء الرأي حوله، ما يعني إحالة المشروع حقيقة على رئيس المجلس وأمينه العام وباقي موظفي المجلس من الإداريين. لكن مصادر مطلعة قالت ل”أخبار اليوم” إن هذه الحجة كانت شكلية فقط، وغطت على موقف حقيقي مفاده أن “مشروع القانون قد صودق عليه في المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك”، في إشارة إلى أن القضايا العسكرية مجال محفوظ للملك، ويجب أن تبقى كذلك. وقال أحمد الهايج، رئيس الجمعة المغربية لحقوق الإنسان، ل”أخبار اليوم” إن “القرار بخصوص الخدمة العسكرية اتُخذ مسبقا، وما تبقى مما نراه في البرلمان مجرد شكليات لن تؤثر في جوهر القرار”، وأضاف الهايج أن “الاستعجال بمشروع القانون ينطوي على رسالة مفادها أن القضايا العسكرية يجب أن تبقى ضمن المجال المحفوظ لرئيس الدولة، ونقاشها في البرلمان الهدف منها إضفاء الشرعية فقط، وليس من باب حق البرلمان في التشريع، باعتباره ممثلا للأمة”. وكانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى جانب هيئات أخرى قد عبّرت عن موقف من مشروع القانون، ودعت “إلى ملاءمته مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وخصوصا الاعتراف بحق المواطنين في رفض الخدمة العسكرية لأسباب ضميرية، تتصل بقناعاتهم الإنسانية أو الدينية”.