مازالت الفضيحة المالية التي هزت مؤخرا مؤسسة “روح فاس” والتي أسسها محمد القباج، المستشار الملكي السابق، تعد بالمزيد من التطورات الجديدة، حيث دخلت على خط هذه القضية، والتي أثارت ضجة كبيرة بالعاصمة العلمية والروحية للمغرب، الجماعات الترابية المانحة بعمالة فاس وجهتها، والتي ظلت على مدى الدورات ال24 من عمر مهرجان الموسيقى العالمية العريقة، تدر كل سنة في حساب المؤسسة المنظمة، مساهمات مالية مهمة من المال العام. وفي هذا السياق، علمت “أخبار اليوم” من مصدر قريب من الموضوع، بأن مقر مجلس عمالة فاس، احتضن نهاية الأسبوع المنصرم، اجتماعا طارئا حضره القيادي بحزب العدالة والتنمية إدريس الأزمي بصفته عمدة فاس، وزميلاه بنفس الحزب الحسين العبادي رئيس مجلس عمالة فاس، وإدريس الداودي رئيس مجلس جماعة المشور، فيما اعتذر عن الحضور محند العنصر رئيس جهة فاس- مكناس، وعن مؤسسة “روح فاس” التي تواجه حاليا فضيحة مالية، مثلها رئيسها عبد الرفيع الزويتن الرئيس المدير العام السابق للمكتب الوطني للسياحة، والمتابع أمام غرفة جرائم الأموال بفاس بمعية 12 متهما من المكتب المسير للمؤسسة، بتهم جنائية ثقيلة تخص: “تبديد واختلاس أموال عمومية، وأخذ منفعة من مشروع يتولون إدارته”، كما رافقه لنفس الاجتماع الكاتب العام للمؤسسة المحامي بهيئة فاس، عبد الحميد بنمخلوف، والذي فاجأ المحققين بتنازله عن البلاغ الذي تقدم به للوكيل العام للملك بخصوص الاختلالات المالية التي تعرفها الجمعية المنظمة للمهرجان العالمي للموسيقى العريقة، فيما تمسك بنفس البلاغ زميله بمكتب مؤسسة “روح فاس” المستشار البرلماني الاستقلالي حسن سليغوة، والذي رفض الحضور في هذا الاجتماع، تورد مصادر الجريدة. وبحسب المعلومات التي استقتها الجريدة من مصدر حضر الاجتماع الذي انعقد وسط ارتدادات الزلزال الذي هز مؤسسة “روح فاس”، فإن رؤساء الجماعات المانحة والداعمة ماديا للمؤسسة، أعلنوا عن تعيين لجنة هم أعضاؤها الرئيسيون، يُعهد لها الاطلاع على الوثائق المالية لجمعية “روح فاس” ووضعها المالي منذ سنة 2006 حتى 2018، أي المرحلة التي شكلت موضوع الاختلالات المالية التي تُحقق فيها غرفة جرائم الأموال بفاس، فيما طالب رؤساء الجماعات الترابية لعمالة فاس ورئاسة جهتها، يردف ذات المصدر، بالاستعانة بمكتب مختص في المحاسبة العمومية لإجراء خبرة و”أوديت” مالي، من شأنه أن يرصد اختلالات أخرى لم تصل إليها يد المحققين، حيث لم يخف رؤساء الجماعات الترابية المانحة، مطالبتهم بمحاسبة أي متورط في اختلاس الأموال العامة لمؤسسة “روح فاس”، والتي ظلت تتلقى أموالا طائلة من المال العام والخاص، تدرها في حسابها كل سنة مؤسسات رسمية وخاصة، بغرض تنظيم مهرجان الموسيقى العالمية العريقة المشهور عالميا، والذي يحظى بالرعاية الملكية، تقول مصادر الجريدة. آخر المعطيات التي تسربت عن الأبحاث والتحقيقات الجارية في الفضيحة المالية لمؤسسة “روح فاس”، تفيد بأن هذه القضية تحولت إلى كرة ثلج مع تقدم عمل المحققين لكشف لغز الفضيحة المالية بقيمة ملياري سنتيم، بعد أن تعرض هذا المبلغ الضخم لعملية تبديد واختلاس من مالية مهرجان الموسيقى العالمية العريقة، حيث بات، بحسب ما نقله للجريدة مصدر جد قريب من الموضوع، عدد من المسؤولين بالمجلس الإداري للمؤسسة ومكتب جمعيتها، يضعون أيديهم على رؤوسهم، خوفا من أن تصلهم نيران الفضيحة المالية، وعلى رأس هؤلاء شخصيات وازنة سبق لها أن تحملت مسؤولية تدبير شؤون مؤسسة “روح فاس”، إضافة إلى المخرج الفرنسي والمدير الفني لمهرجان فاسAlain Weber، والذي ينتظر أن يخضع هو الآخر لأبحاث المحققين، بعدما ظل طيلة عمر المهرجان في دوراته ال24 الماضية حتى الآن، يتكلف بإنجاز العرض الفني الإبداعي للمهرجان، يقدمه فنانون يختارهم المدير الفني الفرنسي من جميع أصقاع العالم وبتكاليف مالية جد باهظة لا تخضع لأي مراقبة مالية أو محاسباتية، حيث كان العرض الفني المكلف جدا، تقول مصادر “أخبار اليوم”، يهيئ كل سنة لحفل افتتاح المنتجع الروحي لمهرجان فاس، في مراسيم تترأسه بفضاء “باب الماكينا” التاريخي، إحدى أميرات القصر، وتحضره شخصيات مغربية ودولية رسمية وأخرى من عالم السياسة والعلم الاقتصاد والفن. يذكر أن قاضي التحقيق المختص بجرائم الأموال بجنايات فاس، حدد جلسة ال24 من شهر يناير من العام المقبل، لإجراء تحقيقاته التفصيلية مع المشتبه بهم ال13، الممنوعين من مغادرة التراب المغربي والمتابعين بتهم جنائية ثقيلة تخص: “تبذير واختلاس أموال عمومية”، و”الحصول على منفعة من مشروع يتولون إدارته”، وعلى رأسهم رئيس المؤسسة عبد الرفيع الزويتن، المطالب بتبرير صرفه لمبلغ يزيد عن 70 مليون سنتيم صرفها من مال المؤسسة، لكراء طائرة خاصة نقلته معية نجلته من فاس إلى ميلانو الإيطالية، فيما صرف مبلغ 20 مليون سنتيم على ضيوف المهرجان من الشخصيات العالمية والمغربية، فيما يواجه مستثمر شهير في السياحة إدريس فاصح، كان مكلفا بتسويق صورة مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، صعوبات في تبرير صرفه لمبلغ ضخم حدد في أزيد من 960 مليون سنتيم، أما المدير العام السابق للمؤسسة، فوزي الصقلي، على عهد رئيسها ومؤسسها محمد القباج، فإن قاضي التحقيق ينتظر أجوبته حول تبديد واختلاس مبلغ يزيد عن 300 مليون سنتيم، وتشغيله لابنته بدون مباراة كمهندسة بالمؤسسة براتب محترم، فيما تورط في الفضيحة المالية لمؤسسة “روح فاس”، المسؤول المالي المتابع في هذه القضية، محمد إيشوي، في مبلغ 320 مليون سنتيم، وزميله المسؤول الإداري عبد القادر الوزاني في مبلغ يزيد عن 250 مليون سنتيما، أما باقي أسماء لائحة المشتبه بهم المتابعين، فضمت عددا من العاملين بالمؤسسة تورطوا هم أيضا في بيع “تذكرات” الولوج للمهرجان بالسوق السوداء، والتصرف في هيبات عينية تبرعت بها شركات عملاقة، من بينها مياه معدنية وأجهزة من اللوجيستيك، باعها المشتبه بهم واختلسوا أموالها، بحسب ما كشفت عنه الأبحاث والخبرة المحاسباتية التي اعتمد عليها المحققون لتوجيه التهم الجنائية الثقيلة للمتهمين بالتورط في الفضيحة المالية لمؤسسة “روح فاس”.