ظهرت فكرة الجمعة السوداء في الولاياتالمتحدةالأمريكية، منذ أكثر من 50 سنة بصيغتها الحديثة، لتنتشر فكرة يوم التخفيضات منذ ذلك الحين، في أمريكا وأوروبا، فيما بدأت في المغرب بداية “مأساوية” بسبب أشهر حادث تدافع حول معروضات “البلاك فرايداي” في الرباط،. ورغم هذا الانتشار لا زال المستهلكون منقسمون حوله، بين من يرى فيه فرصة حقيقية للتسوق، ومن يرى أنه لا يمثل انخفاضا حقيقيا في الأسعار، وإنما دعاية إعلانية فقط. نشأة “البلاك فرايداي” والعبيد يعود الكثيرون في تفسيرهم لأصل “البلاك فرايداي”، إلى رواية تقول إنه كان يرمز في البداية إلى اليوم الذي يحدده البائعون لتصفية العبيد السود الذين لم يتم بيعهم بعد، قبل المغادرة مجددا إلى إفريقيا من أجل القبض على مجموعة جديدة من العبيد وترحيلهم إلى مريكا. أما الصيغة التاريخية الاكثر تداولا لنشأة “البلاك فرايداي”، فتعيد تسمية الجمعة السوداء إلى القرن التاسع عشر، حيث إرتبط ذلك مع الأزمة المالية عام 1869 في الولاياتالمتحدة، والتي شكلت ضربة كبرى للإقتصاد الأمريكي، حيث كسدت البضائع وتوقفت حركات البيع والشراء مما سبب كارثة إقتصادية في أمريكا، تعافت منها عن طريق عدة إجراءات منها اجراء تخفيضات كبرى على السلع والمنتجات لبيعها، بدل من كسادها، وتقليل الخسائر قدر المستطاع. ومنذ ذلك اليوم أصبح تقليد في أمريكا تقوم كبرى المتاجر والمحال والوكالات بإجراء تخفيضات كبرى على منتجاتها، تصل إلى 90في المائة من قيمتها لتعاود بعد ذلك إلى سعرها الطبيعي بعد انقضاء الجمعة السوداء أو الشهر الخاص في هذا اليوم. “البلاك فرايداي” ..بداية الإطلاق في العالم العربي “البلاك فرايداي” رغم أنه قديم في أمريكا وانتقل منها إلى أوروبا، إلا أنه وصل حديثا إلى العالم العربي، حيث اقترحت إحدى مواقع التسوق العربية سنة 2014 صيغة عربية لمنافسة المواقع الأوروبية في التخفيضات، مطلقا عليه إسم “الجمعة البيضاء” أخذا بعين الاعتبار خصوصية يوم الجمعة عند المسلمين. غير أن دخول “البلاك فرايداي” في البداية للعالم العربي ولو بصيغة جديدة، كان في السنوات الأولى محط جدال كبير، حيث رأى فيه الكثيرون في البداية تشجيعا على تبني النمط الأمريكي في الاستهلاك، غير أنه خلال السنوات الأخيرة، وطن نفسه في عدد من البلدان العربية، كمناسبة سنوية للتسوق. “بلاك فرايداي” المغرب .. “جعجعة بدون طحين” ورغم أن “البلاك فرايداي” أصبح تقليدا عريقا في أمريكا ودول أوروبية، وأصبح ذائع الصيت في العالم العربي، إلا أنه في المغرب، لا زال عدد كبير من المستهلكين يرون فيه “جعجعة بدون طحين”، أي أنه حملات إعلانية دون تخفيضات حقيقية. ففي الوقت الذي تطلق فيه كبريات المحلات في أمريكا وأوروبا، وحتى المواقع الالكترونية المتخصصة في البيع، تخفيضات حقيقية، لدرجة أنها تعرض بعض المنتجات بأثمنة أقرب للرمزية، لا زالت أثمنة المحلات التي تعلن عن “البلاك فرايداي” في المغرب، رغم الحملات الإعلانية، تكتفي بخصومات رمزية، مماثلة لتخفيضات نهاية السنة أو مرحلة تصفية المنتجات، دون عروض تظهر بشكل واضح أنها تحمل تخفيضات حقيقية للأثمان. هكذا تحول أول “بلاك فرايداي” في المغرب إلى دراما سنة 2017، نظمت شركة “جوميا” للتجارة الإلكترونية أول نسخة لها من “البلاك فرايداي”، بمدينة الرباط، شهدت أحداث تدافع، رغم أنها لم تخلف أي خسائر في الأرواح، لكنها خلفت خسائر مادية في ذلك الحين، بسبب التدافع القوي بين المستهلكين من أجل الوصول للمنتوجات التي عرضها المحل بأثمنة مخفضة جدا. ومنذ ذلك الحين، قرر “جوميا” أكبر المتاجر الإلكترونية للبيع في المغرب إلغاء “بلاك فرايداي” العام الماضي، خوفا من التدافع، خصوصا لتزامنه مع فاجعة التدافع بين النساء في مدينة الصويرة التي أودت بحياة أزيد من عشر نساء، وهو التوجه الذي لا زال ينهجه الموقع خلال العام الجاري، حيث أعلن هذه السنة عن “بلاك فرايداي” رقمي، عبر تطبيقه الإلكتروني.