حوالي شهرين عن الاحتجاجات التي شهدتها مدينة سلا بخصوص الانفلات الأمني الذي تعيشه، قرّرت المديرية العامة للأمن الوطني تحويل المدينة من منطقة إقليمية إلى أمن إقليمي، والرفع من الإمكانيات المادية واللوجستيكية المخصصة لها، بعدما ظل هذا المشروع معلقا منذ سنوات. وانسجاما مع التنظيم الهيكلي الجديد، سيضم الأمن الإقليمي بمدينة سلا مصالح إقليمية متخصصة، وهي المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، والمصلحة الإقليمية للاستعلامات العامة، وقيادة الهيئة الحضرية، والمصلحة الإقليمية الإدارية. كما تم تقسيم المدينة إلى أربع مناطق أمنية، وهي منطقة سلاالجديدة، ومنطقة سلاالمدينة، ومنطقة العيايدة، ومنطقة بطانة تابريكت، وستضم دوائر للشرطة وفرقا للشرطة القضائية والاستعلامات العامة والهيئة الحضرية. ووضعت رهن إشارة الأمن الإقليمي بسلا مجموعات حضرية للمحافظة على النظام والأمن العمومي، تتكون من فرقتين للسلامة المرورية، وأربع فرق للهيئة الحضرية، بالإضافة إلى المجموعة المتنقلة للمحافظة على النظام والتي ستضم في حصيصها 210 عنصرا، سيضطلعون بمباشرة العمليات النظامية لحفظ الأمن والنظام العامين. وستضم المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بمدينة سلا فرقة متخصصة في مكافحة الشبكات الإجرامية، تضم 168 عنصرا يعملون بالتناوب لتنفيذ التدخلات الأمنية في القضايا الإجرامية الخطيرة، وملاحقة الأشخاص المبحوث عنهم. وتفجرت احتجاجات ساكنة سلا، بعد جريمة قتل مروعة راح ضحيتها شاب في 27 من عمره بحي قرية أولاد موسى الهامشي، على أيدي إخوة من ذوي السوابق القضائية وأحد أصدقائهم، وذلك بسبب خلافات تفجرت قبل ذلك بين أخ الضحية والجناة. هذه الجريمة التي خلفت حالة من الاستنفار داخل الحي، دفعت العشرات من السكان للتعبير عن سخطهم إزاء تردي الأمن وعودة شبح الإجرام إلى الواجهة. محمد أكضاض، المسؤول الأمني السابق في مدينة سلا، والخبير في المجال، قال ل”أخبار اليوم”، هذا مشروع قديم لم يتم تنزيله لأسباب غير معروفة، مضيفا أنه ليس مرتبطا بالاحتجاجات التي شهدتها المدينة قبل أسابيع، دون أن يستبعد أن تكون هذه الأخيرة قد عجّلت بتنزيله على أرض الواقع. وأوضح أكضاض أن عودة مدينة سلا لتصبح منطقة أمن إقليمي، لن يجعلها ذلك مستقلة بشكل كامل عن ولاية الأمن بالرباط، نظرا للتقسيم الجهوي بالمملكة، وأضاف قائلا: “لكن ستتوسع مصالح أمن سلا، وستعطى لها إمكانيات مادية ولوجيستية أكبر بالشكل الذي يسمح لها بسد جميع الثغرات”. واعتبر المتحدث أن هذا التحول سيؤدي إلى خفض معدلات الجريمة، شريطة أن يصاحب ذلك تنزيل مشروع اجتماعي، يتدارك ارتفاع نسبة البطالة وتعاطي المخدرات وباقي المشاكل الاجتماعية التي تعيشها المدينة. وعاد الإطار السابق في المعهد الملكي للشرطة، إلى تاريخ التنظيم الأمني بمدينة سلا، مشيرا إلى أن المدينة لم تكن تتوفر خلال فترة السبعينيات إلا على مفوضية صغيرة، تضم قسما صغيرا للشرطة القضائية وفرقة للاستعلامات العامة، وبعض الموظفين لتدبير اللوجستيك. ومع التطور الحاصل في المدينة، من حيث الكثافة السكانية والنشاط الاقتصادي، ومعدلات الجريمة، وعندما دعت الحاجة لتحويل سلا إلى منطقة أمن إقليمي، تم ذلك في بداية التسعينيات، يبرز أكضاض. لكن، بعد الأحداث الإرهابية الأليمة التي شهدتها الدارالبيضاء سنة 2003، ستتم إعادة هيكلة الأمن بمدينة سلا، لتصبح منطقة أمنية، أي أنها لم تعد تتوفر على مصلحة للاستعلامات العامة والشرطة القضائية.