عاد الجدل مجددا بين فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب ووزارة التربية الوطنية حول تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية في مستوى الثانوي والإعدادي، حيث اعتبر الأول أن ما يجري في الواقع التعليمي “نكوص” و”إهانة للغتين الرسميتين”، بينما ردّ الوزير سعيد أمزازي بأن ما يجري تنزيله ينسجم ورؤية إصلاح التعليم 2015-2030. الوزير أمزازي أوضح جوابا عن سؤال شفوي لفريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، أول أمس، أن “استراتيجية الوزارة في مجال تنزيل اللغات ترتكز على ثلاثة مرجعيات: دستور المملكة، والخطب الملكية، واستراتيجية إصلاح التعليم 2015-2030″، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن مشروع قانون الإطار المعروض على مجلس النواب، حاليا، “يشتمل بدوره على تصور متكامل، سواء بالنسبة إلى اللغات المدرَّسة، أو بالنسبة إلى إرساء هندسة لغوية ترتكز على اعتماد اللغتين الرسميتين، أي العربية والأمازيغية”، لكن إلى جانب “إرساء تعددية لغوية في التعليم، من خلال تدريس اللغات الأجنبية الأكثر تداولا، وتنويع لغات التدريس، لا سيما في المواد العلمية والتقنية”، وكشف أنه خلال الموسم الدراسي الفائت أطلقت الوزارة الوصية مبادرة إمكانية فتح مسالك دولية بالسلك الإعدادي كلما توفر أساتذة متمكنون من اللغات تساعدهم على تدريس المواد العلمية بلغات أجنبية. وانتقد رشيد القبيل، برلماني عن الحزب الذي يقود الحكومة، هذه الاختيارات التي تسهر على تنزيلها وزارة التربية الوطنية، وقال إن “اللجوء إلى تدريس المواد العلمية والتقنية باللغة الفرنسية يتم دون أساس قانوني واضح لحد الآن”. واعتبر القبيل، وهو أستاذ جامعي بكلية العلوم بالدار البيضاء، أن التدريس بالفرنسية “كان خيارا معتمدا منذ الاستعمار إلى حدود الثمانينيات، غير أنه لم يسعف في الحد من الاختلالات التي يعاني منها التعليم”، وأضاف أن “من يجرب المجرب عقله مخرب” على حد قول المثل، مؤكدا أنه “يربأ بالعقل الجماعي للمغاربة أن يكون مخربا بالفعل”. وزاد القبيل قائلا: “إن اعتماد تدريس مواد علمية باللغة الفرنسية هو نكوص لغوي، وإهانة للغتين دستوريتين”، أي العربية والأمازيغية، منتصرا للغة العربية التي “حملت على الدوام العلوم والفنون والحضارة قبل غيرها، وأن قرار اعتماد الفرنسية يغلب السياسي على البيداغوجي والاقتصادي وله كلفة مالية وانعكاسات تربوية كارثية”. خصوصا وأن “20 دولة الأولى في سلم التنمية البشرية تدرّس العلوم باللغة الوطنية”، وقال إن “التحجج بالانفتاح لا أساس له، لأن التدريس بالفرنسية اليوم، هو انغلاق وغربة عن العصر”، في إشارة إلى أن منطق العصر يقتضي التدريس بالإنجليزية. فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف المغربي من أجل اللغة العربية، اعتبر أن “خيار التدريس بالفرنسية لا علاقة له بالحكومة، ولا بوزير التربية الوطنية، بل مفروض من قبل فرنسا”، وأضاف أن “مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ماضون في تكريس أمر واقع، وهو تعميم تدريس المواد العلمية والتقنية باللغة الفرنسية”، واعتبر بوعلي أن “ما تفعله الوزارة لا أساس قانوني له”، فضلا عن أنه “سيخلق تمايزات ويكرس تفاوتات بين التلاميذ داخل المدرسة المغربية”. وبينما تقول الوزارة إن تدريس بعض المضامين بالفرنسية يندرج في إطار “إقرار مبدأ التناوب اللغوي”، ردّ عبدالإله دحمان، الكاتب الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، بالقول إنه “من الزور القول بأن تدريس المواد العلمية بالفرنسية كما يتم في الواقع المدرسي، هو تطبيق لمبدأ التناوب اللغوي”، وأضاف أن “ما يجري في الثانويات والإعداديات هو سعي حثيث إلى تعميم تدريس المواد العلمية بالفرنسية، والوزارة متحمسة لهذا التوجه، إنها تريد خلق واقع تربوي وبيداغوجي قبل اعتماد القانون الإطار من قبل البرلمان، وقبل دخوله حيّز التنفيذ”، وختم بالقول: “ما يقع هو مخالف للقانون الإطار”.