هاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السبت، الإدارة الأمريكية حيال تعاطيها مع ملف حزب العمال الكردستاني التركي، وملف الأكراد السوريين، ملمحًا إلى أن سياسات هذه الإدارة تتصف ب" الخداع والنفاق". وقال أردوغان في كلمة بمناسبة ذكرى وفاة مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في أنقرة، إن "الذين يستهدفون زعماء الإرهاب في قنديل من جهة، ويسيرون الدوريات مع عناصر التنظيم نفسه في سوريا، والذين وجهوا أفواه أسلحتهم نحو بلدنا يعتقدون أنهم سيخدعوننا". وقنديل منطقة جبلية نائية، شديدة الوعورة تقع في المنطقة الحدودية بين تركياوالعراق، وتضم مقرات ومعسكرات لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض "معارك متقطعة" ضد الجيش التركي منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي؛ لانتزاع حقوق أكراد تركيا البالغ عددهم نحو 20 مليونًا. وأوضح أردوغان: "نعلم كيف يتعامل الذين رصدوا مكافأة مالية لاعتقال زعماء الإرهاب في شمال العراق، مع الإرهابيين أنفسهم من خلف الستار". وكانت واشنطن أعلنت، الثلاثاء الماضي، عن تخصيص مكافآت ماليّة بنحو 12 مليون دولار مقابل "معلومات تقود إلى التعرّف على، أو تحديد مكان وجود 3 من قادة حزب العمال الكردستاني وهم: مراد قره إيلان، وجميل بايك، ودوران كالاكان". ورأى الرئيس التركي أن "تسيير القوات الأمريكية لدوريات مشتركة مع وحدات حماية الشعب الكردية على الحدود السورية مع بلاده أمر غير مقبول". وتحاول أنقرة إقناع الولاياتالمتحدةالأمريكية، أن وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، هي امتداد لحزب العمال الكردستاني، المدرج ضمن قائمة الإرهاب الأمريكية، لكن واشنطن تصر على الفصل بين التنظيمين، إذ تواصل دعم الوحدات الكردية، مقابل التضييق على قادة العمال الكردستاني. وكان محللون سياسيون رجحوا أن الإعلان الأمريكي بتخصيص المكافآت المالية لأجل القبض على قادة في حزب العمال الكردستاني، جاء إرضاء لأنقرة، وترجمة لجزء من الصفقة الأمريكية التركية التي أفضت، مؤخرًا، إلى إطلاق سراح القس الأمريكي أندرو برانسون، وأعادت بعض الدفء المفقود إلى علاقات البلدين المتوترة. ويُنظر إلى قره إيلان وبايك على أنّهما زعيما حزب العمال بحكم الأمر الواقع بعد اعتقال تركيا مؤسس الحزب وزعيمه عبدالله أوجلان عام 1999، والذي يقضي حاليًا، عقوبة السّجن المؤبّد في سجن بجزيرة إيمرالي التركية. ويأتي تصعيد أنقرة للهجتها حيال واشنطن؛ عشية قمة مرتقبة تجمع أردوغان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذلك على هامش منتدى باريس للسلام، المقرر أن يُعقد في 11 نونبر الجاري، ويستمر3 أيام. ويعتقد أن الرئيس التركي يسعى من خلال هذه الانتقادات الحادة الجديدة إلى تليين الموقف الأمريكي والحصول على بعض التنازلات إزاء الملفات الخلافية. ويرجح مراقبون أن أردوغان سيثير مع نظيره الأمريكي ملف شرق الفرات، كما سيجدد محاولاته لإقناع الطرف الأمريكي بأن وحدات الحماية هي جزء من العمال الكردستاني، فضلًا عن الوضع في محافظة إدلب السورية.