يشهد الملف الكردي في تركيا تسارعا ، بعد ضغوط دولية من أجل دفع الحكومة للعودة إلى طاولة الحوار مع «حزب العمال الكردستاني»، على رغم استمرار اعتراض الرئيس رجب طيب أردوغان، وتأكيده استمرار العمليات العسكرية «حتى تحقق أهدافها». ونفى الناطق باسم الرئاسة إبراهيم كالن إعلان القائد العسكري ل «الكردستاني» جميل بايك عن اتصالات بين الحزب وواشنطن، قائلا: «الحزب مصنف تنظيما إرهابيا في الولاياتالمتحدة، ولا وجود لهذه الاتصالات. ولكن لافت جدا أن نرى الجهة التي يسعى الكردستاني إلى الاستعانة بها في هذا الوقت». واتهم بايك الرئيس أردوغان ب «تصعيد حربه» على الأكراد، وتابع: «يريد استسلامهم. إن لم يفعلوا يريد قتلهم جميعا. يقول ذلك علنا ولا يخفيه إطلاقا». وأضاف في مقابلة مع «هيئة الإذاعة البريطانية» ان «الأكراد سيدافعون عن انفسهم حتى النهاية»، مشيرا إلى استعداد «حزب العمال الكردستاني» لتصعيد القتال «لا في كردستان فحسب، بل في سائر أنحاء تركيا». واستدرك: «لا نريد الانفصال عن تركيا وتأسيس دولة. لا نريد تجزئة تركيا، نريد أن نعيش ضمن حدودها وعلى أرضنا بحرية. نضالنا مستمر حتى الاعتراف بحقوق الأكراد». ونفى أردوغان مجددا وجود تفاهمات مع «حزب العمال الكردستاني» لحل سلمي، مؤكدا أن اتفاق فبراير 2015 الذي أُعلِن في حضور يالتشن أكدوغان، نائب رئيس الوزراء مسؤول الملف الكردي، ونواب من «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي، «ليس موجودا ولا يمكن العودة إليه، اذ لا سبيل لإبرام اتفاق بين الدولة وحزب إرهابي». لكن صحيفة «حرييت» سربت خمسة بنود زعمت أنها شروط حكومة أحمد داود أوغلو للعودة إلى «مسيرة السلام» مع «الكردستاني»، تستثني شرط إلقاء السلاح الذي يشدد عليه أردوغان. وورد في مقال للكاتب عبد القادر سيلفي، المقرب من داود أوغلو، أن السبيل الوحيد للعودة إلى «مسيرة السلام» ممكن في حال «أعلن الكردستاني وقفا أحاديا للنار، وأوقف كل هجماته وسحب جميع مقاتليه من تركيا، وأعلن التزامه العودة إلى مسيرة السلام، وحدد موعدا لاجتماع قيادات الحزب من أجل إعلان ترك السلاح». وكان لافتا أن يأتي هذا التسريب قبل زيارة لداود أوغلو إلى واشنطن مطلع الشهر المقبل، للقاء الرئيس باراك أوباما، خصوصا أن أنباء تفيد بضغوط أميركية وغربية على أنقرة، للعودة إلى مسيرة الحل السلمي، كما تسعى جماعات ضغط في واشنطن إلى رفع اسم «حزب العمال الكردستاني» من قوائم الإرهاب الأميركية، من بوابة التعاون الأميركي مع حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي السوري وقوات الحماية الكردية، الجناح السوري ل «الكردستاني»، في الحرب على تنظيم «داعش». وكان رئيس «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي صلاح الدين دميرطاش الذي عاد من واشنطن وزار جبال قنديل شمال العراق، معقل «الكردستاني»، أعلن استعداد الأخير لوقف النار والعودة إلى الحوار، مشيرا إلى رفض الحكومة وأردوغان. ويبدو أن الخلاف بين داوود أوغلو وأردوغان حول شروط العودة إلى «مسيرة السلام»، ما زال قائما، اذ يؤكد محللون أتراك أن الرئيس بات يعول على التيارات القومية، من أجل تنظيم استفتاء على تعديل الدستور وتحويل النظام رئاسيا، ولو دفعه ذلك إلى تنظيم انتخابات مبكرة، تمكن حزب «العدالة والتنمية» الحاكم من تعزيز وضعه في البرلمان، بفضل أصوات القوميين. لكن داوود أوغلو يرى أن استمرار الحرب مع «الكردستاني» يضعف الموقف التركي داخليا، ويقوض إمكانات تدخل أنقرة في سوريا، مع انعكاس هذه الحرب على علاقتها مع التنظيمات الكردية في سوريا.