هاجمت طائرات مقاتلة وقوات برية تركية مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا ومعسكرات لحزب العمال الكردستاني في العراق ليلة السبت في حملة قالت أنقرة إنها ستساعد على إقامة "منطقة آمنة" في أجزاء من شمال سوريا. ووسعت تركيا بشكل كبير دورها في تحالف تقوده الولاياتالمتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية منذ أن قتل انتحاري يشتبه بانتمائه للتنظيم المتشدد 32 شخصا الأسبوع الماضي في بلدة قريبة من الحدود مع سوريا كما تعهدت أيضا باستهداف المقاتلين الأكراد. وأثار الأمر مخاوف بشأن مستقبل عملية السلام الهشة مع الأكراد. ويتهم منتقدون منهم ساسة معارضون الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بمحاولة اتخاذ الحملة على التنظيم المتشدد ذريعة لقمع الأكراد. وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو في مؤتمر صحفي إن العمليات الأمنية المكثفة سوف تستمر ما دامت تركيا تشعر بالتهديد. وسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على أجزاء واسعة من شمال سوريا وشرقها بعد أربع سنوات على نشوب الحرب الأهلية. وقال "هذه العمليات ليست مجرد عملية واحدة وسوف تستمر ما دامت تركيا تواجه تهديدا". وظلت تركيا لوقت طويل عضوا غير فعال في التحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية وأثار موقفها ضيق حليفتها واشنطن التي لم تنجح غاراتها الجوية ضد التنظيم حتى الآن في "الحد من قدراته وتدميره" على حد تعبير الرئيس الأمريكي باراك أوباما. واضطلعت أنقرة وللمرة الأولى بدور بارز في المعركة بعد التفجير الانتحاري في بلدة سروج الحدودية. وأسفر التفجير عن مقتل عدد كبير من الأكراد وأثار موجة من العنف في منطقة جنوب شرق تركيا التي تقطنها أغلبية كردية تتهم إردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم بدعم الدولة الإسلامية سرا ضد أكراد سوريا. وتنفي أنقرة هذا الاتهام. وشنت تركيا أولى ضرباتها الجوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا في وقت مبكر من صباح الجمعة فيما ألقت الشرطة القبض على المئات ممن يشتبه بانتمائهم للمتشددين الأكراد والإسلاميين في مدن وبلدات تركية. واعتقل قرابة 600 شخص. وقال حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد في بيان "من غير المقبول أن يجعل إردوغان وحكومة العدالة والتنمية حربهما ضد الشعب الكردي جزءا من حربهما ضد الدولة الإسلامية." * مناطق آمنة.. وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو في مؤتمر صحفي إن الأراضي التي تم تطهيرها من مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في شمال سوريا ستصبح "مناطق آمنة" بطبيعة الحال. وأضاف "أيدنا دائما وجود مناطق آمنة ومناطق حظر طيران في سوريا. الأشخاص الذين نزحوا يمكنهم الانتقال لتلك المناطق الآمنة." وسعت تركيا منذ وقت طويل لإقامة "منطقة حظر طيران" أو "منطقة آمنة" في شمال سوريا لكن سعيها قوبل باعتراض من واشنطن التي تقول إن الضغط العسكري المباشر على الدولة الإسلامية هو السبيل الأمثل لإنهاء القتال في المنطقة وأزمة اللاجئين وليس إقامة "منطقة آمنة". واتفقت أنقرة مع واشنطن الأسبوع الماضي على السماح لقوات التحالف باستخدام القواعد التركية في شن الغارات على تنظيم الدولة الإسلامية مما يقصر كثيرا من المسافات وقد يجعل الحملة الجوية أكثر فاعلية. ولم يعرف على الفور إن كان الاتفاق يتضمن إقامة منطقة آمنة أو عازلة. وقال مكتب داود أوغلو في بيان إن الغارات الجوية الليلة الماضية أصابت مواقع للتنظيم المتشدد في سوريا وأخرى تابعة لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق بما في ذلك مستودعات ومناطق معيشة. وأضاف أن القوات البرية التركية هاجمت الدولة الإسلامية وحزب العمال الكردستاني بالتزامن. وقد تقوض الهجمات على الحزب الذي يخوض تمردا منذ ثلاثة عقود ضد تركيا محادثات السلام مع أنقرة التي بدأت عام 2012 لكنها تعثرت في الآونة الأخيرة. وقال الحزب في بيان على موقعه الالكتروني "لم يعد للهدنة أي معنى بعد هذه الضربات الجوية المكثفة للجيش التركي المحتل." وأقدم إردوغان على مخاطرة سياسية بالبدء في محادثات سلام عام 2012 مع الأكراد الذين يمثلون حوالي 20 بالمئة من سكان تركيا لكنهم يتهمونه الآن بعدم الوفاء بوعوده. * احتجاجات في أنقرةوباريس.. وتسببت الأعمال العسكرية في اندلاع احتجاجات داخل تركيا حيث استخدمت الشرطة في أنقرة قنابل الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لتفريق مظاهرة من نحو ألف شخص كما شهدت باريس مظاهرة شارك فيها نحو 1500 شخص دعما للأكراد. وقال صالح مصطفى وهو طبيب كردي شارك في المسيرة "تركيا تلعب دورا مزدوجا. تحاول إقناع الإعلام الدولي بأنها تضرب داعش لكن الواقع أنها تضرب الأكراد هناك في شمال العراق" مستخدما الاسم القديم لتنظيم الدولة الاسلامية. وقالت السلطات التركية يوم السبت إنها لن تسمح لمتظاهرين بتنظيم مسيرة سلام في اسطنبول مقررة يوم الأحد مشيرة إلى أن قرارها يرجع إلى مخاوف من "الأعمال الاستفزازية" و"التكدس المروري". وأوردت وسائل إعلام محلية أنباء عن هجمات ضد ضباط شرطة في حي يسكنه أكراد في اسطنبول. وأصبحت هذه الهجمات شائعة مؤخرا حيث قتل ضباط آخرون الأسبوع الماضي. واتهم حزب العمال الكردستاني الشرطة بالعمل مع الدولة الإسلامية.