في وقت مبكر سبق انطلاق فصل الشتاء، والذي أعاد أذهان سكان الأطلس إلى سنوات بعيدة، تساقط ثلج كثيف منذ نهاية الأسبوع الماضي، خصوصا بالمرتفعات التي تزيد عن 1200 مترا، مما تسبب في تراكمات ثلجية بدرجات متفاوتة، عزلت السكان بالمناطق الجبلية، كما شلت عدة محاور طرقية، خصوصا بأقاليم إفران وميدلت وبولمان والحوزوورزازات وأزيلال وبني ملال، والتي كانت موضوع النشرة الإنذارية لمديرية الأرصاد الجوية الوطنية، والتي توقعت تعرض هذه المناطق خلال نهاية الأسبوع الأخير لموجة التساقطات الثلجية القوية والنزول الحاد في درجات الحرارة، حيث يُنتظر أن يستمر هذا الاضطراب حتى يوم الجمعة المقبل. وخلف البياض الذي لبسته مدينة إفران مبكرا هذه السنة حالة من الارتياح وأدخلت البهجة والسعادة وسط أهلها وعشاقها الذين يطلقون عليها لقب "سويسرا العرب"، حيث تعطرت أجواء المدينة وضواحيها بعد تساقط الثلوج بنسمات البرد القارس، بعد أن سجل محرار مدينة إفران نزولا حادا في درجات الحرارة هوى عشرين درجة، أي درجتين تحت الصفر، أعقبه نزول كثيف للثلوج بلغ 25 سنتيمترا بالمدينة، وأزيد من 30 سنتيمترا بمرتفعات “ميشليفن” والتي تشتهر محطتها الخاصة بالرياضات الشتوية والتزحلق على الجليد، فيما تسببت الثلوج بحسب المدير الإقليمي للتجهيز والنقل واللوجيستيك بإفران، محمد الحفيان، في محاصرة العديد من السيارات وحافلات النقل العمومي على الطريق الرابطة ما بين أزرو وتميحضت، بحسب ما صرح مدير التجهيز والنقل واللوجستيك بإقليمإفران، محمد الحفياني، كما أجبرت الثلوج العشرات من سائقي السيارات والشاحنات وحافلات للنقل العمومي منها حافلتان للسياح الأجانب، على قضاء أزيد من ثماني ساعات من الجحيم وسط البياض وانخفاض حاد في درجات الحرارة، بمرتفع “احجيرت” على الطريق الوطنية رقم 13، بالمنطقة الواقعة جنوب مدينة أزرو وعلى بعد 26 كلم من “تمحضيت”، حيث ذاق خلالها المسافرون لحظات عصيبة بسبب الانزلاق على الطريق، مما زرع الرعب بين مستعملي هذا المحور الطرقي الخطير، مما دفعهم إلى الاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي لإطلاق نداءات الاستغاثة. ونفس الصورة رسمت على الطريق الرابطة بين إفران وفاس عبر إيموزار، وبين إفرانوالحاجب، بعد أن امتلأ الطريقان الوطنيان، بطابور من السيارات المتجهة إلى إفران، خصوصا أن تساقط الثلوج تزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، حيث يزداد عدد زوار إفران القادمين من المدن المجاورة لها، كفاس ومكناس والبعيدة كذلك كالرباط والدار البيضاء وغيرها، والذين شدوا الرحال نحو إفران، عقب سماعهم لنشرات الأرصاد الجوية والتي تنبأت بسقوط الثلوج، وذلك للاستمتاع بمشهد البياض، غير أن كمية الثلوج التي تهاطلت أربكت بشكل كبير حركة السير وتسببت في قطع الطرق بالمحور الرابط بين إفران وفاس وبين إفران ومكناس عبر الحاجب، ونفس الحالة عاشها سكان إقليم بولمان، بعد أن أجبر عدد من مستعملي الطريق الرابطة ما بين صفرو وبولمان وميسور، على قضاء أزيد من خمس ساعات على الطريق، بعد أن عمدت مصالح مندوبية التجهيز والنقل ببولمان وصفرو، إلى رفع حواجز الثلج ومنع الشاحنات والسيارات وحافلات النقل العمومي من مواصلة رحلتها، قبل حضور الشاحنات المزيلة للثلوج لفتح الطريق، تطلبت وقتا طويلا بسبب الكمية الهائلة من الثلوج. وبمنعرجات “تيزي ن تيشكا” الواقعة بين مدينتي ورزازاتومراكش، تسببت الثلوج وفيضان الأودية بفعل الأمطار الغزيرة التي تهاطلت على المنطقة يوم أول أمس الأحد في محاصرة عدد من السيارات وحافلات للنقل العمومي كانت في طريقها إلى مراكش أو عائدة إلى ورزازات، حيث ظلت عالقة بمنعرجات “تيشكا” لأزيد من خمس ساعات، تورد مصادر “أخبار اليوم” بإقليمالحوز، فيما ذاق نفس المعاناة جيرانهم القريبون منهم بمنطقة “اغبالة' بإقليمبني ملال، بعد أن حولت الثلوج غاباتها إلى بساط من البياض، وعزلت سكان الجبال والمرتفعات وحاصرت العابرين. انطلاق موسم سقوط الثلوج مبكرا هذه السنة وما تسبب فيه من نزول حاد في درجات الحرارة إلى درجات تحت الصفر، عجل بتحرك لجان اليقظة والتنسيق بين مختلف المصالح العمومية بالأقاليم والعمالات، والتي كانت موضوع النشرة الإنذارية الأخيرة لمديرية الأرصاد الجوية، وذلك لإعداد برامج ومخططات التدخل لمحاربة آثار موجة البرد وفتح الطرقات وتهييء المآوي التي يلجأ إليها المسافرون عند انقطاع الطرق، فيما يعود سكان المرتفعات إلى طقوسهم المعهودة مع انطلاق موسم الأمطار والثلوج، تبدأ بتفقد مخازن المواد الأولية الأساسية كالأطعمة وحطب التدفئة وكلأ الماشية وكل ما يحتاجونه لمواجهة البرد والحصار الذي يفرضه عليهم سوء الأحوال الجوية والانقطاع المتكرر للطرق والمسالك بسبب الثلوج والفيضانات، حيث نجا أطفال المدارس من موجة الثلج لتزامنها مع العطلة البينية الأولى، فيما باغت الاضطراب الجوي الحكومة، والتي تأخرت بحسب ما يظهر على الأرض، في تنزيل خطة القطاعات الحكومية الخاصة بالتدابير المتخذة والموارد البشرية واللوجستيكية التي تم تسخيرها للتدخل بالمناطق النائية للتخفيف من آثار موجة البرد على السكان..