عاد عدد من النشطاء لانتقاد مشروع الخدمة العسكرية الإجبارية، والطريقة التي تم بها الإعلان عن مضامينه، وذلك بعد اقتراب موعد مناقشتة مضامينه والمصادقة عليه داخل البرلمان. عبد لله عيد، أحد الشباب الذين أطلقوا المجموعة الفايسبوكية “التجمع المغربي ضد الخدمة العسكرية الإجبارية”، قال إن هذا المشروع تم الإعلان عنه بسرعة قياسية، “خلال مجلس حكومي انعقد يوم الاثنين، بينما ينعقد عادة يوم الخميس، ثم انعقاد مجلس وزاري بعد ساعتين من ذلك، للمصادقة عليه”. وأضاف، خلال ندوة صحافية، أول أمس بالرباط، أن هذه الطريقة التي تم بها عرض المشروع تؤشر على أن البرلمان سيصادق عليه بالسرعة نفسها، مسجلا أن ضغط الرافضين للمشروع، وهم شباب على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرهم، جعل الحكومة تتريث قبل تمرير المشروع بشكل نهائي. من جهتها، لم تسجل الأحزاب أي اعتراض على مضامين هذا المشروع، بل اعتبرته عدد منها آلية لتأطير الشباب وخلق فرصة لتكوينهم، فيما دعت أخرى قليلة إلى فتح النقاش مع هذه الشريحة التي يهمها المشروع خلال مرحلة مناقشته بالبرلمان وإقناعها بأهمتيه. أما الملك محمد السادس، فقال عن المشروع، خلال خطاب افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان، إن “الخدمة العسكرية تقوي روح الانتماء للوطن، كما تمكن من الحصول على تكوين وتدريب يفتح فرص الاندماج المهني والاجتماعي أمام المجندين الذين يبرزون مؤهلاتهم، وروح المسؤولية والالتزام”. وأكد أن كل المواطنين المعنيين بهذه الخدمة، أي بين 19 و25 سنة، سيخضعون للتجنيد بالتساوي، مهما اختلفت انتماءاتهم الاجتماعية. وخلال الندوة، عاد الصحافي والناشط، عمر الراضي، سنوات إلى الوراء، ليذكر بسياق تطبيق التجنيد الإجباري خلال عهد الملك الراحل الحسن الثاني، إذ أكد أنه “تم استهداف المناضلين، والأشخاص الذين أطروا الحركة الطلابية”، مضيفا أن هذه المقارنة لا يمكن أن نستبعدها حاليا، لأن السياق الذي جاء فيه المشروع اتسم “بحراك الريف وحراك جرادة وحراكات أخرى ساهم فيها الشباب بشكل أساسي في الاحتجاج”. وحول دوافع المشروع، يرى الراضي أن عددا من الاحتجاجات التي شهدها المغرب خلال السنوات الأخيرة، سواء على خلفية هدم دوار صفيحي بالدار البيضاء أول مقتل الشابة حياة برصاص البحرية الملكية وغيرها، أصبح خلالها المواطنون يوجهون الخطاب مباشرة إلى الملك، أي أن هناك تراجعا في دور الأحزاب التي كانت دائما تلعب دور الوساطة. مبرزا أن هذا التحول بالنسبة إلى الدولة، معناه أن منسوب الوطنية أصبح يتراجع. أما عبدالحميد أمين، الرئيس السابق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فانتقد الأسباب التي قدمتها الدولة لعودة التجنيد الإجباري، معتبرا أنها غير متماسكة. فبالنسبة إليه، لن يساهم التجنيد في تخفيض نسب البطالة، التي تصل في صفوف شباب المدن إلى أزيد من 40 في المائة، مسجلا أن 10 آلاف شخص التي ستخضع للتجنيد سنويا لا تمثل إلا 1 على 1000 بالنسبة إلى الساكنة. وعلى المستوى السياسي، قال أمين، إن تجربة الخدمة العسكرية في السابق لم تفلح في “تدجين” جيل الشباب الرافض للسياسات الرسمية، لافتا الانتباه إلى أن شباب اليوم، عبر عن ألمه جراء الأوضاع التي يعيشها، وانتقد “الحكرة” و”التهميش”، مردفا أن أشهرا من التجنيد لن تفلح في تخريج شباب “خنوعين”. وسيشمل التجنيد الإجباري، حسب المشروع، عشرة آلاف شاب سنويا مقابل تعويض شهري بقيمة 2000 درهم. ويتراوح سن الفئات المستهدفة بين 19 و25 سنة، على أن يخضع شاب واحد من كل أسرة لهذا البرنامج، فيما سيتم استثناء النساء المتزوجات، وإعفاء من يعانون مشكلات صحية، وكذلك، من يتابعون دراستهم على أن يخضعوا للخدمة بعد نهاية الدراسة.