باتت كندا الأربعاء أوّل دولة من مجموعة العشرين تشرّع استهلاك القنب الهندي لأغراض الترفيه، في خطوة تثير حماسة المستهلكين والأسواق المالية في هذا البلد. ومنذ منتصف الليل بالتوقيت المحلي (2,30 بتوقيت غرينيتش)، تحدّى عشرات الأشخاص البرد في مدينة سانت جونز (شرق) لساعات لشراء الغرامات الأولى من القنب الهندي “الشرعي” في متجر تابع لسلسلة “تويد” فُتح خصيصا للاحتفاء بهذا الحدث التاريخي في البلد. وقد انتظر أيان باور فتح المتجر منذ الثامنة. وهو قال: “كنت أحلم بأن أصبح أول شخص يشتري أول غرام شرعي من القنب الهندي. وها أنا هنا اليوم. وأنا جدّ متحمس ولا أشعر بالبرد بتاتا”. فمع دخول هذا القرار حيّز التنفيذ في السابع عشر من أكتوبر 2018، يكون الليبرالي جاستن ترودو قد حقّق أحد أبرز وعود حملته الانتخابية بعد ثلاث سنوات على انتخابه رئيسا للحكومة، ومن ثمّ باتت كندا ثاني بلد في العالم يسمح باستهلاك الماريجوانا لأغراض الترفيه بعد أوروغواي سنة 2013. وفي الولاياتالمتحدة، أصبح استهلاك القنب الهندي لأغراض الترفيه قانونيا في ثماني ولايات، فضلا عن العاصمة واشنطن. وأصبحت كاليفورنيا في الأول من يناير 2018 أكبر سوق في العالم للماريجوانا الشرعية. وقد نزع عدد من الدول مثل هولندا وإسبانيا الصفة الجرمية عن حيازة الماريجوانا واستهلاكها أو شرّع القنب الهندي لأغراض العلاج. ولا شك في أن هذا القرار سينعكس على نتائج الانتخابات التشريعية السنة المقبلة التي لا تزال غير واضحة المعالم. وسيتابع تطبيقه عن كثب حلفاء أوتاوا الذين أجاز بعضهم استهلاك القنب الهندي لأغراض العلاج. متاجر تديرها الدولة وتركت الحكومة الكندية لكلّ مقاطعة حرّية اختيار سبل تنظيم هذه السوق المربحة جدّا التي يقدّر حجمها بحوالي 6 مليارات دولار كندي في السنة (4 مليارات دولار أميركي). ففي كيبيك، تفتح المتاجر التي تديرها الدولة التابعة لشركة القنب الهندي في كيبيك (اس كيو دي سي) أبوابها عند الساعة العاشرة (14,00 بتوقيت غرينيتش). ولهذه الشركة 12 متجرا راهنا، لكنها تطمح إلى تشغيل 150 في غضون ثلاث سنوات. وفي المقابل قررت مثلا مقاطعتا مانيتوبا (الوسط) وألبرتا (الغرب)، تحرير هذا القطاع وتفتح بعض نقاط البيع الخاصة أبوابها الأربعاء. في شارع سانت كاترين في مونتريال، وهو من أهمّ الشوارع في وسط المدينة، وصل نحو عشرة زبائن في عزّ الليل للانتظار على الرصيف حاملين معهم كراسي قابلة للطي لتمرير الوقت … وهم يدخنون سيجارة كيف. وصحيح أن القنب الهندي بات مشروعا منذ منتصف الليل، إلا أن تدخين المخدرات أو التبغ على مسافة لا تتخطى تسعة أمتار على الأقلّ من متجر ما لا يزال محظورا. وقال دوني: “عندما كنت أزاول التدريس، كان لا بدّ من أن أتحلّى بالجدية لكنني الآن أستمتع بالحياة”. وقد صعّدت المعارضة المحافظة في برلمان أوتاوا وتيرة هجومها على هذا التدبير خلال الأيام الأخيرة. فخصوم ترودو وبعض الأطباء يعتبرون أن إقرار هذا الإجراء جرى على عجالة مع غضّ الطرف عن بعض المخاطر المحدقة بالصحة والأمن العام. الحشيش الال وردّ ترودو على هذه الانتقادات الثلاثاء بالقول: “نعمل منذ سنتين على الأقلّ مع الحكومات المحلية المختلفة”، مشددا على أنه من شأن التشريع أن يحدّ من نفاد القاصرين لهذه المخدرات الخفيفة وأن “يسحب البساط من تحت أقدام المنظمات الإجرامية”. ومن المرتقب أن تعلن حكومته منذ الأربعاء عن مشروع عفو لمن حُكم عليهم بحيازة كميات قليلة من القنب الهندي قبل التشريع، بحسب كلّ حالة على حدة، وفق ما أفادت وسائل الإعلام الكندية. القضاء على السوق السوداء كان ترودو قد أقرّ خلال حملته الانتخابية في العام 2015 بأنه دخّن سجائر كيف في شبابه وحتى عندما كان نائبا في المعارضة. لكنه أكّد أنه لم يعد يقوم بذلك وأوضح مكتبه لوكالة فرانس برس “أنه لا ينوي شراء القنب الهندي أو استهلاكه وقت تشريعه”. لكن بالنسبة للكنديين يبقى السابع عشر من أكتوبر 2018 يوما مفصليا. ومن المرتقب إقامة عشرات الحفلات الأربعاء للاحتفاء بهذه المناسبة لا سيما في تورنتو ومونتريال. وانعكس صدى هذا القرار إيجابا على بورصة تورنتو حيث استثمرت مليارات الدولارات في الأشهر الأخيرة في هذا القطاع الواعد. وقد ارتفعت مثلا قيمة مجموعة “كانوبي غروث” الأولى في السوق بنسبة 448 % في خلال سنة وباتت تساوي 13,88 مليار دولار. وبحسب الإحصاءات الرسمية، دخّن 16 % من الكنديين سيجارة حشيشة سنة 2017، ما يمثّل 773 طنا من القنب الهندي. ولا شك في أن المنتجين المرخصين راهنا البالغ عددهم 120 سيتعذّر عليهم تلبية الطلب في المستقبل المنظور. غير أن بيل بلير الوزير المكلّف تخفيض الجريمة المنظمة، يرى أنه من الممكن الاستحواذ على 25 % من السوق السوداء بحلول نهاية 2018 وعلى نصفها تقريبا في غضون سنة. وهو قال في تصريحات لوكالة فرانس برس: “طوال قرن من الزمن تقريبا، كانت المجموعات الإجرامية تتحكم بالسوق بالكامل … وهي جنت أرباحا بمليارات الدولارات. ولن تتفكك هذه المجموعات بين ليلة وضحاها”. وبحسب وزارة العدل، يستغرق القضاء على السوق السوداء أربع سنوات على الأقل.