رسم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقريره السنوي الأخير الذي قدمه للملك محمد السادس صورة قاتمة عن الوضع الاجتماعي في المغرب، مشددا على أن الحركات الاحتجاجية التي عرفها البلد، خلال العام الأخير، كان سببها المباشر هو نقص فرص الشغل اللائق، داعيا إلى محاولة استعادة ثقة المواطنين في المؤسسات لتجاوز الوضع. وقال التقرير، إن الحركات الاجتماعية المسجلة خلال الفترة الأخيرة، سببها الفقر والبطالة في صفوف الشباب والإقصاء، والفوارق أضحت ظواهر ينظر إليها المواطنون بشكل متزايد بصفتها شكلا من أشكال الحيف، وربط التقرير الرفض المتزايد للفوارق بالمغرب بالتغييرات التي شهدها المجتمع المغربي. وفي هذا السياق، وبالنظر إلى أن تفاقم الفوارق ينعكس على التماسك الاجتماعي للبلاد، فقد خصص المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الموضوع الخاص لتقريره السنوي برسم سنة 2017 لمسألة الفوارق الاجتماعية والمجالية، مقترحا في هذا الصدد جملة من المداخل ذات الأولوية، منها استعادة ثقة المواطنين في قدرة المؤسسات والسياسات العمومية على تحسين ظروف عيشهم، وتعزيز قيمة الاستحقاق، والحد من حجم الفوارق، وذلك من خلال تركيز الجهود على محاربة الفساد، وتعميم مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وجزر الممارسات المنافية للتنافس، ومحاربة الامتيازات، وتقليص الآجال الفاصلة بين اعتماد القوانين وبين إصدار النصوص التطبيقية المتصلة بها. وبخصوص قدرة المجالات الترابية على مقاومة الصدمات الاقتصادية، كشف التقرير أن الاحتجاجات التي شهدتها بعض أقاليم المملكة هذه السنة كجرادة، والتي كان من بين أسبابها نقص فرص الشغل اللائق وموارد الدخل المستقرة، محدودية نماذج التنمية القائمة في بعض المجالات الترابية والمعتمدة على مورد طبيعي واحد أو التي تتوفر على بنية إنتاجية غير متنوعة بالقدر الكافي، داعيا إلى بلورة استراتيجية حقيقية لتنويع الأنشطة القطاعية وفرص الشغل في هذه المناطق. كما يقترح المجلس، إعادة إحياء الارتقاء الاجتماعي، عن طريق إعادة تأهيل المدرسة العمومية بما يمكنها من توفير تعليم ذي جودة ومتاح للجميع، وتوسيع القاعدة الضريبية وإرساء نظام ضريبي منصف ومتدرج يضمن إعادة توزيع المداخيل والثروات، بالإضافة إلى تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية، من خال تسريع عملية توجيه المساعدات العمومية للمواطنين وفق مبدأ الاستهداف، واستكمال إرساء نظام الحماية الاجتماعية الشاملة، وتجميع أنظمة التقاعد، بالإضافة إلى تقليص الفوارق المجالة عبر تحسين الحكامة والديمقراطية المحليتين، وتعزيز آلية التضامن المجالي.