بغض النظر عن صحة وأهداف النشر على نطاق واسع لفيديوهات توثق رحلة عدد من المهاجرين المغاربة يركبون “مقبرة المتوسطّ” من أجل بلوغ الفردوس الأوروبي، إلا أن تقارير منظمات دولية لا يمكن التشكيك في مصداقيتها، وجمعيات محلية وإقليمية وأرقام رسمية أوروبية، تؤكد أن الشباب المغاربة عادوا إلى الهجرة السرية بقوة من جديد بعد سنوات من الهدنة، بحثا عن حياة أفضل. أمام هذا الأزمة غير المسبوقة في القرن الحالي بين المغرب وإسبانيا، احتضنت مدينة الصويرة يوم أمس الجمعة قمة مصغرة مغربية إسبانية تطرقت إلى آخر تطورات الهجرة بين المملكتين والبحث عن سبل محاربتها، لاسيما شبكات تهريب البشر المستقرة بين البلدين، والتي تحاول الترويج في هذه الأيام بين الشباب المغاربة لفكرة أن أبواب إسبانيا مفتوحة على مصراعيها أمام الحرّاكة. في هذا الصدد، كشفت تقرير حديث أصدرته منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، أن المغاربة يتربعون على عرش المهاجرين السريين الذين وصلوا، بحرا، إلى إسبانيا منذ يناير الماضي إلى حدود التاسع من الشهر الجاري. وأوضح أن عدد المغاربة يزيد عن 6000 حرّاك، متبوعين ب4800 حراك من غينيا كوناكري، و4150 حراكا من مالي، و2000 حراك من ساحل العاج، فيما لم يتجاوز عدد الغامبيين والكاميرونيين وغيرهم 2000 حراك عن كل بلد. التقرير كشف، كذلك، أن الطريق الغربية للبحر الأبيض المتوسط، الجزائر والمغرب وإسبانيا، تحولت منذ يناير الماضي إلى البوابة الرئيسية للمهاجرين الأفارقة والمغاربيين الراغبين في العبور إلى الضفة الشمالية للمتوسط، مؤكدة وصول 32 ألف مهاجر، من بينهم مغاربة، إلى إسبانيا عبر هذه الطريق. ويمثل عدد المهاجرين الواصلين إلى إسبانيا عبر البوابة الغربية للمتوسط 43 في المائة من أصل 73 ألف مهاجر وصلوا إلى القارة العجوز منذ يناير الماضي انطلاقا من البحر الأبيض المتوسط: 32 ألفا وصلوا إلى إسبانيا، و20430 إلى اليونان، و20319 إلى إيطاليا، و714 إلى مالطا، و211 إلى قبرص. كما أشار التقرير إلى أن رقم 73 ألف مهاجر سري الذين وصلوا إلى أوروبا عبر المتوسط هذه السنة، يبقى منخفضا مقارنة مع ال128993 شخصا سنة 2017 و298663 شخصا سنة 2016 الذين وصلوا إلى أوروبا. تقرير المنظمة الدولية يؤكد أنه منذ غشت المنصرم (40 يوما) وصل إلى الجنوب الإسباني بحرا 9100 مهاجر سري، بمعدل 227 مهاجرا في اليوم. كما أنه ما بين الفاتح والتاسع من هذا الشهر كان يصل 300 مهاجر في اليوم إلى الجنوب الإسباني. تقرير إسباني حديث ذكر أن ما يقارب 5000 قاصر مغربي غير مصحوب تسللوا إلى إسبانيا، دون احتساب الذين يتسكعون في الشوارع ممن لم يشملهم الإحصاء الرسمي. علاوة على أن مجموع عدد “الحرّاكة” المغاربة– ليست لديهم أوراق الإقامة- بإسبانيا يزيد عن 250 ألف شخص. بدورها، أشارت وكالة مراقبة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي (فرونتيكس)، إلى أن 19 في المائة من المهاجرين السريين الذين وصولوا إلى إسبانيا سنة 2017 هم مغاربة، مرجعة ذلك إلى البطالة التي يعاني منها الشباب، علاوة على أزمة الريف التي انفجرت في أكتوبر 2016 بعد مقتل طحنا بائع السمك محسن فكري، حسب صحيفة “آ ب س”. على صعيد متصل، انعقدت قمة أمنية مصغرة مغربية إسبانية، يوم أمس الجمعة، بمدينة الصويرة، ترأسها خالد الزروالي، مدير الهجرة ومراقبة الحدود المغربية، وكاتبتا الدولة الإسبانية للأمن والهجرة، أنا بوطايا وكنسويلو رومي، حيث تم تدارس آخر تطورات الهجرة السرية بين المملكتين في ظل أكبر أزمة من هذا القبيل تشهدها سواحل البلدين، كما شدد على ضرورة محاربة شبكات تهريب البشر بين البلدين، حسب مصادر إسبانية.