خيمت لغة التشاؤم على آراء العديد من الفاعلين السياسيين والحقوقيين وفعاليات في المجتمع المدني، بشأن التحديات المطروحة خلال الدخول السياسي الحالي. معظم التحليلات تعبر عن المخاوف والتوجس من التراجع الحقوقي، وثقل المحاكمات المتعلقة بالاحتجاجات والأحكام التي صدرت، والتضييق على الصحافة المستقلة، فضلا عن تحديات التعليم والصحة… معظم التصريحات التي استقتها «اليوم24» تعتبر أن المخرج يكمن في تحقيق انفراج جدي، بإطلاق بقية المعتقلين، أسوة بمن غادروا السجن بعفو ملكي، وبإعادة قطار الديمقراطية إلى سكته. وفعلا سيكون الدخول السياسي هذا العام ذا طابع خاص، بالنظر إلى حجم الملفات المطروحة والإشكالات التي تطرحها، وحجم الانتظارات بشأنها. من جهة، هناك محاكمات شباب الحراك، ومحاكمة الصحافي توفيق بوعشرين، التي وصفت بمحاكمة القرن، والتي وصل صداها وخروقاتها إلى العالم، ومحاكمة الصحافي حميد المهداوي، كما أن هناك ملفات ساخنة مطروحة للنقاش، أبرزها ملف التجنيد الإجباري، وسياق إعادة فرضه، وهل الأمر يتعلق بإذكاء روح الوطنية ودعم اندماج الشباب في المجتمع، أم إنه حل «أمني» لمواجهة «الانفلات» في صفوف الشباب. كذلك هناك موضوع إصلاح التعليم، والجدل الذي يثيره حول لغة التدريس والمجانية. وهناك التحديات المطروحة على القطاع الصحي، الذي أصبح بدوره مصدرا للاحتجاجات الاجتماعية، خاصة في المناطق النائية، بسبب تدهور الخدمات. معظم التصريحات التي جمعتها الجريدة ضمن هذا الملف تعتبر أن كل هذه الملفات مترابطة فيما بينها. فالملف الحقوقي له علاقة بفشل النموذج السياسي وبالتراجع الديمقراطي، وهو ما يؤثر على الجانب الاجتماعي. وحسب كريم التازي، فإن التدهور الحقوقي الذي يعيشه المغرب خلق «أزمة ثقة» في الدولة، وأثر على الجانب الاجتماعي والاقتصادي، مشيرا إلى أن المواطن أصبح يعيش الخوف بعد محاكمات نشطاء الحراك والصحافي بوعشرين، سواء كان هذا المواطن عاديا أو ناشطا جمعويا أو رجل أعمال… في الاتجاه نفسه، يرى نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن منطلق الإصلاح هو «إطلاق نفس ديمقراطي جديد»، وذلك للخروج من حالة «الحيرة والقلق التي تعبر عنها أوساط متعددة في المجتمع، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو فنية». أما عبد العزيز أفتاتي، عضو الأمانة العامة للبيجيدي، فيرى أن إصلاح التعليم، مثلا، لا يمكن أن ينجح دون إصلاح سياسي وديمقراطي. في ظل هذه التحليلات، وغيرها، ضمن صفحات هذا الملف، توجد الحكومة في وضع صعب ومرتبك بسبب ما تعرضت له من هزات. فقد جرى تشكيل هذه الحكومة بعد مرور أزيد من 6 أشهر على إجراء انتخابات 7 أكتوبر 2016، وبعد البلوكاج الحكومي الذي أدى إلى إعفاء عبد الإله بنكيران. وشُكلت الحكومة في 6 أبريل 2017، وأعفي أربعة من وزرائها في 24 أكتوبر 2017، بسبب تحقيقات مشاريع الحسيمة، ثم أعفي وزير المالية محمد بوسعيد، وكاتبة الدولة شرفات أفيلال في 20 غشت الماضي. وفي الحالتين الأخيرتين، لم يوضح سبب الإعفاء. فكيف يمكن أن تنهض حكومة ضعيفة بمسؤولية مواجهة هذه التحديات الكبيرة ونحن على أبواب الدخول السياسي؟.