بعد التحركات المكثفة التي قامت بها الحكومة والهيآت المعنية بتأمين الملكية العقارية، خاصة بعد الرسالة الملكية الشهيرة الموجهة إلى وزير العدل بهذا الخصوص؛ أفرجت الأمانة العامة للحكومة عن نص مشروع القانون الخاص بتعديل قانون الالتزامات بالعقود، والذي يتضمن خطة حكومية شاملة لسد الثغرات التي تتسلّل عبرها المافيات المتخصصة في الاستيلاء على العقارات. المشروع الذي يفترض أن يكون المجلس الحكومي لمساء أمس قد صادق عليه، يتضمن تعديلات ترمي إلى درء أوجه القصور التي تشوب تنظيم عقد الوكالة، إلى جانب التنظيم القانوني للشركات المدنية، “لا سيما تلك التي يكون محلها عقارات”، تقول المذكرة التقديمية المرفقة بالمشروع. الخطوة التشريعية الجديدة، تأتي بعد تلك التي تمّت قبل عام واحد، في نهاية غشت 2017، حين صدر في الجريدة الرسمية نص القانون المعدّل للمادة 4 من القانون الخاص بمدونة الحقوق العينية، والذي أضاف عقد الوكالة إلى العقود التي يجب تحريرها بموجب محرر رسمي أو من طرف محام مؤهل لذلك. المشروع الجديد سيسمح، حسب معديه، للجهات المكلفة بالتوثيق والمحافظات العقارية، من الحصول على مرجعية قانونية واضحة، تضبط بشكل دقيق سلطات وصلاحيات الممثل القانوني للشركات المدنية التي يكون محلها أموال عقارية حين يتصرف في أموال الشركة، “وهو ما من شأنه أن يسهم في تعزيز الأمن التوثيقي والتعاقدي وحماية الحقوق وتحصين الممتلكات، وتفادي مضاعفات ما قد يترتب عن استمرار الوضع الحالي من مشاكل”. الوثيقة تقول إنه وتنفيذا للتعليمات الملكية التي تضمنتها الرسالة الموجهة إلى وزير العدل في دجنبر 2016، “شكلت وزارة العدل لجنة تضم ممثلي القطاعات الحكومية المعنية والمهن القانونية والقضائية، والتي قامت بتشخيص وفق منظور شمولي ومقاربة تشاركية، للأساليب المستعملة في عمليات الاستيلاء على عقارات الغير والعوامل والظروف المؤدية إلى تفشي هذه الظاهرة، واقترحت على ضوء ذلك عدة تدابير وقائية تشريعية وتنظيمية”. أهم تلك التدابير التي تحوّلت إلى مشروع قانون، تتمثل في إعادة النظر في تنظيم تسجيل عقد الوكالة، المتعلقة بنقل الملكية أو إنشاء الحقوق الأخرى، أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها، بسجل الوكالات المتعلقة بالحقوق العينية وتحديد الأثر القانوني المترتب عن هذه العملية. المشروع ينص على إحداث سجل خاص بالوكالات المتعلقة بالحقوق العينية، يمسك من طرف كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التابع لها مكان تحرير عقد الوكالة. وينص المشروع على إخضاع هذه العملية لمراقبة رئيس المحكمة أو من ينوب عنه، على أن يصدر نص تنظيمي لاحق لتحديد كيفيات تنظيم ومسك هذا السجل. أما الشق المتعلق بالشركات المدنية، فينص المشروع على تعديل المقتضيات الخاصة بإنشاء وتسجيل هذا النوع من الشركات، وذلك حين يكون محلها أموال عقارية. المشروع ينص صراحة على اكتساء هذا النوع من الشركات للشخصية الاعتبارية، بهدف إلزامها بالتسجيل في سجل الشركات المدنية العقارية. وتفاديا لأي تحايل، تقول مذكرة تقديم مشروع القانون، “ينص المشروع على إلزام هذه الشركات متى ثبت أنها تمارس المضاربة العقارية، بتغيير شكلها القانوني إلى إحدى الشركات التجارية حسب شكلها، والمنظمة قانونا، داخل أجل محدد، تحت طائلة حلها من قبل المحكمة المختصة”.