مازالت قضية شرطي الفرقة السياحية بفاس، الذي أسقطه أخيرا الرقم الأخضر لمحاربة الرشوة، تعد بمزيد من التطورات الجديدة، حيث شهدت أول جلسة لمحاكمته، جرت نهاية الأسبوع المنصرم بالغرفة الجنحية التلبسية لدى المحكمة الابتدائية بفاس، خروجا مثيرا للشرطي المعتقل وهو يتهم عناصر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بما سماه «فبركة» واقعة اعتقاله متلبسا بحيازة المخدرات وبتلقي رشوة بمبلغ 300 درهم من شاب يمتهن الإرشاد السياحي غير المرخص. وفي هذا السياق، قال الشرطي مخاطبا المحكمة، خلال استنطاقه بشأن المنسوب إليه، إن الشاب الذي أسقطه عبر التبليغ به للرقم الأخضر، التحق به يوم اعتقاله إلى حي واد فاس، بعدما أنهى عمله بالمنطقة الأمنية الأولى بالبطحاء، حيث طلب منه الشاب أن يفصح عنه ويتركه يعمل بحرية في مرافقة السياح، غير أن الشرطي كما قال ثار في وجهه وطرده، نافيا أن يكون قد تسلم منه ظرفا به مبلغ مالي، قبل أن يفاجأ، حسب كلامه للمحكمة، بوقوف سيارة مدنية، نزل منها أشخاص بزي مدني أطلعوه على صفتهم بكونهم من الفرقة الجهوية للشرطة القضائية، فقاموا بتفتيش سيارته وواجهوه بالمبلغ المالي المحجوز، غير أنه نفى علمه به، حيث صرخ الشرطي أمام المحكمة قائلا: «لا أعرف من أين أتوا بالمبلغ»، في إشارة من الشرطي على أن المبلغ دُس في سيارته لاعتقاله متلبسا به. كما شكك محاميه في محاضر الشرطة التي رفض موكله، كما قال، توقيعها، ما دفعه إلى مطالبة المحكمة بإبطالها. ورد وكيل الملك بقوة على الاتهامات التي حاول الشرطي توجيهها إلى عناصر الشرطة للتملص من واقعة اعتقاله متلبسا، بأن محاضر الشرطة والفيديوهات التي التقطت خلال توقيفه في الكمين، الذي هيأته الشرطة بإشراف من النيابة العامة، تظهر أن الشاب ضحية الابتزاز التقاه، وتحدث معه وسلمه ظرفا بداخله المبلغ، حيث تسلم الشرطي المبلغ بيده اليمنى قبل أن يضعه بالكرسي الخلفي المحاذي لمقعده، وردد الكلام نفسه المشتكي وفاضح الشرطي، حين أكد، في شهادته أمام المحكمة، أن الشرطي ظل يعرضه للابتزاز منذ صيف 2010 للسماح له بمرافقة السياح دون رخصة، غير أن تزايد طلبات الشرطي دفعه أخيرا إلى الاتصال بالرقم الأخضر، وإبلاغهم بواقعة الارتشاء، فيما دافع وكيل الملك في مرافعته عن محاضر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية وحجيتها في متابعة الشرطي المعتقل، مؤكدا أن النيابة العامة والمحكمة متعت المتهم بكافة شروط المحاكمة العادلة، بدءا بمحاضر المعاينة والإيقاف، مرورا بأبحاث الضابطة القضائية معه، وصولا إلى إحالته على المحاكمة. وبعد المواجهة الحامية التي أجراها القاضي بين الشاب المشتكي والشرطي المعتقل، حيث تشبث كل واحد منهما بأقواله، قرر القاضي استدعاء شاهد يشتغل شرطيا بالدائرة الأمنية الرابعة لمنطقة بنسودة، بعد أن التمس دفاع المتهم حضوره للإدلاء بشهادته بجلسة الخميس من الأسبوع المقبل، بخصوص علاقة الشرطي بالشاب الذي يمتهن الإرشاد السياحي دون رخصة، حيث اتهمه بتدبير مكيدة للانتقام منه، وهو ما يعول عليه الشرطي المعتقل لدفع واقعة الارتشاء عنه. وبخصوص جنحة «حيازة المخدرات» التي يواجهها الشرطي المعتقل، فإنه واجه صعوبة في تبرير كمية مخدر «الشيرا»، الذي حجزته عناصر الشرطة خلال تفتيش سيارة زميلهم، حيث وجدوا جزءا منها بداخل علبة للسجائر، والجزء الكبير منها، والذي قدرته مصادر «أخبار اليوم» ب30 غراما، عثروا عليه بالصندوق الخلفي للسيارة، حيث اعترف الشرطي بعلمه بالجزء المخبأ بعلبة السجائر، حيث قال إنه سبق له أن حجزه لدى أحد الشباب خلال قيامه بعمله، لكنه لم يسلم المحجوز لرؤسائه، فيما نفى علمه بالجزء الثاني من المخدرات، متهما جهة مجهولة بوضعه في سيارته لتوريطه، وهو ما أغضب وكيل الملك الذي ثار في وجه المتهم، مؤكدا أن محاولاته للتملص من التهم الموجهة إليه فاشلة. يذكر أن الإدارة العامة للأمن الوطني سارعت، بعد ساعات قليلة من اعتقال عنصر شرطتها السياحية بفاس، نهاية شهر يوليوز الماضي، متلبسا بتلقي رشوة بمبلغ 300 درهم، إلى إصدار بلاغ أعلنت فيه توقيف الشرطي عن العمل، وتجريده من جميع وسائل العمل، في انتظار ما ستسفر عنه محاكمته التي يواجه فيها تهما ثقيلة تخص «الارتشاء وحيازة المخدرات دون مبرر قانوني»، حيث ستلجأ الإدارة العامة للأمن الوطني، حسب بلاغها، في حال إدانة عنصرها قضائيا بالمنسوب إليه، إلى ترتيب المسؤوليات التأديبية التي ستصدرها مصالحها الإدارية في حق الشرطي المعتقل..