بموازاة مع ارتفاع درجات الحرارة بمختلف مناطق جهات المملكة، تتواصل موجة الأمطار الطوفانية التي اجتاحت منذ الأسبوع الماضي عدة مناطق بجنوب الأطلس المتوسط والجنوب للشرقي وبعض مناطق الجهة الشرقية، خصوصا بإقليم فجيج، حيث عاشت هذه المناطق حالة طقس مضطرب جدا، بعدما تسببت أمطار رعدية قوية في سيول طوفانية قطعت العديد من المحاور الطرقية بسبب فيضان الأودية، وخلفت خسائر مادية، فيما جرفت السيول امرأة في عقدها السادس بضواحي مدينة ميدلت قضت في الحادث يوم الثلاثاء الماضي. وفي هذا السياق، أوضح الحسين يوعابد، رئيس مصلحة التواصل بالمديرية الوطنية للأرصاد الجوية، في اتصال هاتفي أجرته معه «اليوم24»، أن «الأطلس ومناطق الجنوب الشرقي للبلاد ضربتها عواصف رعدية قوية، تسبب فيها ارتفاع درجات الحرارة الآتية من الصحراء الكبرى، مخترقة مناطق الجنوب الشرقي والأطلس، قبل أن تمتد إلى المناطق الداخلية، حيث تحمل معها سخونة تعم الأجواء السفلى في حركة عمودية لتلتقي الهواء البارد بالطبقات العليا، وهو ما نتجت عنه -يضيف يوعابد- كتل من الرطوبة أعطت عواصف رعدية قوية، ساعدها ارتفاع تضاريس الأطلس ومناطق الجنوب الشرقي، والتي تسهم بشكل كبير في رفع الهواء الساخن نحو الأعلى البارد في حركة عمودية تنتج سحبا ركامية قوية الرطوبة. وتوقع رئيس مصلحة التواصل بالمديرية الوطنية للأرصاد الجوية أن يستمر الاضطراب الجوي المصحوب بالعواصف الرعدية والزخات المطرية بالأطلس ومناطق الجنوب الشرقي حتى يوم الأحد المقبل، لكن بدرجات أقل، فيما ستعود الأجواء الصيفية الحارة إلى حالتها العادية ابتداء من يوم الاثنين المقبل، بارتفاع في درجة الحرارة بزيادة قد تصل إلى 3 درجات، يورد الحسين يوعابد. بإقليم ميدلت، تسبب العواصف الرعدية في وفاة امرأة خمسينية، بعدما جرفتها مياه وادي «تيقاجوين» بجماعة «تونفيت» القريبة من مدينة ميدلت، حيث كشفت المعلومات، التي استقتها «اليوم24» من مصدر قريب من الموضوع، أن المرأة المتوفاة كانت على متن دابة عائدة مساء يوم الثلاثاء الفائت من رحلة البحث عن أكوام من الحطب تستعمله في طهي أكل أطفالها الستة الأيتام بأحد دواوير جماعة «تونفيت»، حيث فاجأتها في طريقها زخات مطرية ضربت المنطقة، ما جعلها تسرع بعبور وادي «تيقاجوين» نحو الضفة الأخرى التي يوجد بها مقر سكناها، غير أن فيضان الوادي تسبب في محاصرتها وسط مجراه، فلم تجد المرأة وسيلة للفرار بمعية دابتها المثقلة بأكوام من الحطب، حيث جرفتهما السيول بعيدا عن الدوار، فيما أشعر أحد الشهود ممن عاينوا غرقها في الوادي، سكان قريتها والسلطات المحلية، فانطلقت عملية البحث عن جثة الخمسينية شارك فيها شباب المنطقة وعناصر الوقاية المدنية لميدلت، أسفرت عن العثور على الجثة صبيحة يوم أول أمس الأربعاء، وقد علقت بأغصان أشجار ضفة الوادي على بعد أزيد من كيلومترين عن الدوار الذي تقطن به الهالكة بجماعة «تاندينت»، مخلفة وراءها ستة أطفال تركتهم ينتظرون بالمنزل عودتها. وبمدينة الراشيدية، نجا أزيد من خمسين راكبا، من بينهم أطفال ونساء وشيوخ، من كارثة إنسانية، كاد يتسبب فيها سائق الحافلة بعدما غامر بعبور وادي «إكلي» بضواحي مدينة الراشيدية قادما إليها من مدينة تنجداد، قبل مواصلة الرحلة إلى الرباط، حيث فاجأته سيول الوادي وهو يعبره، ما أدى إلى انحراف الحافلة وسقوطها بأسفل القنطرة التي كان انحدارها، من حسن حظ الركاب، غير عميق، حيث هرع سكان الدوار القريب من مكان الحادث إلى إغاثة الركاب المحاصرين داخل الحافلة المنقلبة، حيث عمدوا إلى تكسير نوافذ الإغاثة لإخراجهم قبل أن يرتفع منسوب مياه الوايد. وبالمنطقة الجنوبية من إقليم ميدلت، وبالتحديد بمدينة الريش وضواحيها، عزلت الأمطار وفيضان الأودية والأنهار عددا من المناطق، التي حولتها إلى جزر معزولة، بعدما غمرت مياه الأودية قرية إملشيل الواقعة بمرتفعات أسفل جبال الأطلس المتوسط، كما أربكت فعاليات المهرجان الصيفي للقرية، الذي يسبق مهرجان الخطوبة الشهير «إسلي وتيسليت»، المنتظر تنظيمه نهاية شهر شتنبر المقبل، وعاشت مناطق أخرى بضواحي مدينة ميسور وأوطاط الحاج بإقليم ميسور-بولمان المشاهد نفسها، حيث أدى فيضان «واد أوطاط الحاج» إلى قطع عدد من المسالك الطرقية، كما جرف في طريقه المحاصيل الفلاحية بحقول الفواكه الصيفية التي يعول عليها فلاحو المنطقة لرفع مداخيلهم، منها المشمش والخوخ والفراولة والبطيخ والعنب وغيرها. أما بإقليم فجيج، وبالتحديد بمدينة تالسينت على الحدود مع أقاليم الريش وميسور والراشيدية، عرفت هذه المنطقة، نتيجة الأمطار الرعية، عزل عدد من الدواوير بسبب فيضان الأودية التي تخترقها، كما تضررت بها الطرق والمسالك، أما بوسط مدينة تالسينت، فقد تحولت أحياؤها إلى برك مائية ومستنقعات تجمعت بها مياه الأمطار، ما أربك حركة المرور بالعديد من الطرق بالمدينة، وذلك بسبب غياب قنوات صرف مياه الأمطار، التي عرت، حسب شهود من المنطقة، الغش في المشروع الملكي الخاص ببرنامج التأهيل العمراني والحضري لمدينة تالسينت، والذي أعلنه الملك، وأعطى انطلاقة أشغاله خلال الزيارة الملكية للمنطقة في مارس 2014، حيث أنجز منه الشطر الأول بقيمة 13 مليارا و34 مليون سنتيم، فيما توقف الشطر الثاني عقب وفاة مستشارة الملك زليخة نصري منتصف شتنبر 2015، بعدما أشرفت على تتبع المشروع الملكي، تقول المصادر. من جهتها، شهدت عدة مناطق بإقليمي زاكورة وتنغير، منذ بداية الأسبوع الماضي وحتى منتصف الأسبوع الجاري، سقوط كميات مهمة من الأمطار الناتجة عن العواصف الرعدية، ما تسبب في فيضان الأودية والشعاب بحمولة غير مسبوقة، أدت إلى شل حركة السير بالعديد من الطرق بالإقليمين، منها المحور الطرقي المؤدي إلى مدينة تنغير وبومالن دادس، بسبب فيضان «وادي اميضر»، كما عزلت السيول سبعة دواوير بهذه الجماعة المشهورة بمنجمها من الفضة، وقطعت الطريق بين قرية «ألنيف» ومدينة تنغير بسبب فيضان وادي «آيت الفرسي»، قبل أن تتدخل مصالح مندوبية التجهيز بزاكورة وتنغير لفتح الطرق وإخلائها من الأحجار والأتربة، حسب المعلومات التي حصلت عليها «اليوم24» من مصادرها هناك.