رار استضافة عرس كروي عالمي مثل مقابلة كأس السوبر الإسبانية التي تحتضنها عروسة الشمال مدينة طنجة، المنطقة الدولية في عهد الحماية، اليوم الأحد على الساعة التاسعة مساء، بين فريقي برشلونة وإشبيلية، على أرضية ملعب "ابن بطوطة"، لا يمكن أن يتخذه رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم، فوزي لقجع، أو وزير الشباب والرياضة، الطالب العلمي، بمفرده، بل جهات عليا، أو على الأقل الحصول على موافقتها، لاسيما في ما يتعلق بالجانب الأمني. هذا ما أكدته ل"اليوم24" مصادر مغربية وإسبانية رفضت ذكر أسمائها. كما أن الخلفيات السياسية والاقتصادية والثقافية لتنظيم مقابلة من هذا الحجم في طنجة القريبة من منطقة النفوذ الإسبانية في عهد الحماية، تتضح بشكل جيد من مضامين الندوة الصحافية التي نظمها لقجع ولويس مانويل روبياليس رئيس الجامعة الملكية الإسبانية لكرة القدم يوم الثلاثاء الماضي. بدوها، كشفت وكالة الأنباء الإسبانية "إيفي"، أن المؤتمر الصحافي الذي احتضنته الرباط، اتسم ب"نبرة سياسية جدا"، مشيرة إلى أن تنظيم كأس السوبر في طنجة، هو "مشروع انغمست فيه الدولتان، وليست فقط الجامعتان الرياضيتان"، ما يعني أن تنظيم المباراة في المغرب يتعدى سلطات الجامعتين. وأردف قائلا: "المغرب يوجد في طليعة كرة القدم، هو المرجع إفريقيا، علاوة على ذلك فهو بلد شقيق ثقافيا وسياسيا وتجاريا: كنا دوما موحدين، وكرة القدم لا يمكن أن تبقى في الهامش". بدوره، يعتقد منصف اليازغي، الباحث الرياضي المغربي، في تصريح ل"أخبار اليوم"، أن "عدم اتخاذ الجامعة قرار الاستضافة لوحدها، أمر لا نقاش فيه، إذ لا يمكنها أن تقرر في مثل هذا اللقاء الكبيرة دون العودة إلى الجهات العليا"، لكن منصف لا يربط مُوافقة الجهات العليا بما هو سياسي، بل بما هو أمني. كما أن رئيس الاتحاد الإسباني لم يستبعد إمكانية أن تكون هاته المقابلة بداية تعاون قوي رياضيا في أفق تنظيم تظاهرات رياضية دولية من مستوى عال. كما أكد حين سؤال حول إمكانية التقدم بملف مشترك تنظيم كاس العالم 2030، قائلا: "نقوم بكل ما استطعنا إليه سبيلا من أجل تحسين التعاون بيننا، لكن يجب أن نتقدم خطوة خطوة (…) هذا التعاون بدأ اليوم ولكن سيستمر في الزمن". فيما أكدت مصادر قريبة من رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم أن مشروع تقديم ملف ترشح مشترك بين إسبانيا والمغرب لتنظيم مونديال 2030 يوجد على الطاولة. منصف اليازغي أوضح أن تنظيم الاتحادات الكروية الأوروبية لكأس السوبر خارج البلد، "أصبح ‘موضا' في السنوات الأخيرة"، لكن اختيار طنجة أملته العديد من العوامل من بينها: أولا، طنجة لديها رمزيتها باعتبارها كانت منطقة دولية، ومناطق الشمال المجاورة لها كانت تابعة للنفوذ الإسباني، الشيء الذي خلق لدى الناس جاذبية ثقافة وكرة القدم الإسبانيتين، إلى جانب اهتمام الإسبان بالشمال. ثانيا، كانت تطوان في عهد الحماية استضافت فرقا من حجم الريال والبارصا عندما كانت الحمامة البيضاء تلعب في "الليغا" الإسبانية إبان الحماية. ثالثا، يسعى المسؤولون الإسبان للترويج أكثر لكرة القدم في المغرب، كما الأندية الكبيرة مثل مدريدوبرشلونة ترغب في توسيع رقعة مشجعيها في المملكة وضمان مداخل اقتصادية إضافية. رابعا، يمكن للمغرب أن يستفيد ماديا من عائدات نزول آلاف المشجعين من مختلف مناطق العالم بطنجة. رئيس الجامعة الإسبانية لكرة القدم، أكد أن اللقاء يبين عمق العلاقات التاريخية التي تجمع بين المغرب وإسبانيا في جميع المجالات. وأضاف أنه "كان قرارا سهلا باختيار المغرب، ومدينة طنجة بالتحديد، لاحتضان هذا اللقاء". كما أشار إلى أن الإمكانيات المرصودة والبنية التحتية، تستجيبان للمعايير التي يتطلبها تنظيم هذه المباراة التي ستجمع بين بطل الدوري (الليغا) وكأس ملك إسبانيا. فيما يعتقد منصف اليازغي أن تنظيم اللقاء بالمغرب هو "هدية" إسبانية، إذ يحمل ثلاث نقاط إيجابية: أولا، يؤكد أن المغرب بلد آمن، وقادر على احتضان تظاهرات عالمية؛ ثانيا، المغرب يتوفر على بنيات تحتية لاستضافة تظاهرات دولية؛ ثالثا، سيخلق رواجا اقتصاديا بمدينة طنجة. في المقابل، استبعد أن يكون تنظيم المقابلة بطنجة مرتبطا ما يروج حول إمكانية تقديم ملف مشترك.