التحالف الديمقراطي الاجتماعي العربي يدعم الوحدة الترابية المغربية    تقرير: 17% فقط من الموظفين المغاربة منخرطون فعليا في أعمالهم.. و68% يبحثون عن وظائف جديدة    وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تدعو المواطنين إلى توخي الحذر بخصوص بعض الإعلانات المتداولة بشأن تأشيرة الحج    مسؤول أممي: الوضع في غزة أشبه بيوم القيامة جراء أزمتها الإنسانية والمجاعة التي تفرضها إسرائيل    سيميوني يستفز برشلونة قبل مباراتهما في نصف النهائي    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    ابن يحيى: الأسرة تحظى بأولوية كبرى تنفيذا للتوجيهات السامية لجلالة الملك    طنجة.. حملات أمنية مكثفة استعدادًا لموسم الصيف وتعزيز السلامة العامة    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    إيقاف روديغر ست مباريات وفاسكيز مباراتين وإلغاء البطاقة الحمراء لبيلينغهام    الداخلة تفتح أبواب الاستثمار الأخضر أمام العالم انطلاقًا من لندن    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    دوري أبطال أوروبا (ذهاب نصف النهاية): باريس سان جرمان يعود بفوز ثمين من ميدان أرسنال    الثقافة المقاولاتية لدى الشباب: من الفكرة إلى المشروع كيف أصبح مقاولاً ناجحاً؟    الأهلي يقصي الهلال ويتأهل إلى نهائي كأس دوري أبطال آسيا للنخبة    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    نجاح اشغال المؤتمر الاول للاعلام الرياضي بمراكش. .تكريم بدرالدين الإدريسي وعبد الرحمن الضريس    مغربية يحتجزها زوجها المصري في 'سبيطار المجانين' بمصر.. الأسرة تستعطف 'سيدنا الله ينصره' التدخل لتحريرها    مسيرة تجوب العاصمة الاقتصادية بشعار "المساواة في الأعمال المنزلية"    التخطيط المجالي المستدام في صلب النقاش الأكاديمي بتطوان: محاضرة وتكريم للدكتور محمد يوبي الإدريسي    صناع فيلم "البوز" يعرون النجومية الافتراضية وزيف "السوشل ميديا"    ارتفاع مبيعات الاسمنت بنسبة 4,5 في المائة خلال الفصل الأول من سنة 2025    إحراق 19 طنا من المخدرات و652 قرصا مهلوسا كانت محجوزة لدى الجمارك بأسفي    استئنافية خريبكة تؤيّد الحكم بسنة حبسا في حق البستاتي بسبب تدوينات مناهضة للتطبيع وداعمة لفلسطين    العفو الدولية تندد ب"إبادة جماعية" في غزة "على الهواء مباشرة"    وسام ملكي للسيد محمد البهجة الفاعل السياحي الكبير بطنجة    بوريطة يتباحث مع رئيس الكونغرس ومجلس الشيوخ الكولومبيين    باريس سان جيرمان يهزم أرسنال في ذهاب نصف نهائي أبطال أوروبا    نقابي: البطالة سترتفع بتطوان بعد عزم شركة إسبانية طرد أكثر من 220 عامل وعاملة    أمريكا تهنئ حزب رئيس وزراء كندا    هكذا انهارت الشبكة الكهربائية لإسبانيا في خمس ثوان.. أسباب محتملة    وزارة الأوقاف تحذر من إعلانات متداولة بشأن تأشيرة الحج    المغرب يساعد إسبانيا على تجاوز أزمة انقطاع الكهرباء عبر تزويدها بطاقة كهربائية هامة    رئيس الحكومة يترأس اجتماعا لتتبع تنزيل خارطة طريق قطاع التشغيل    البيضاء…..ختام فعاليات الدورة السادسة من مهرجان إبداعات سينما التلميذ للأفلام القصيرة    كيف يمكن لشبكة كهرباء أن تنهار في خمس ثوان؟    أورنج تهدي مشتركيها يوما مجانيا من الإنترنت تعويضا عن الانقطاع    المغرب يدين أكاذيب الجزائر بمجلس الأمن: هوس مرضي وتزييف الحقائق    "النهج": الحوار الاجتماعي يقدم "الفتات" للأجراء مقابل مكاسب استراتيجية ل"الباطرونا"    خبر مفرح للمسافرين.. عودة الأمور إلى طبيعتها في مطارات المغرب بعد اضطرابات الأمس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    هذا المساء في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: المؤرخ ابن خلدون … شاعرا    الديبلوماسية الموازية مهمة جوهرية للحزب    يضرب اليوم موعدا مع تنزانيا في النهائي القاري .. المنتخب النسوي للفوتسال يحقق تأهل مزدوجا إلى نهائي كأس إفريقيا وبطولة العالم    أخبار الساحة    خبير اقتصادي ل"رسالة 24″: القطار فائق السرعة القنيطرة مشروع استراتيجي يعزز رؤية 2035    مؤسسة المقريزي تسدل الستار على الأسبوع الثقافي الرابع تحت شعار: "مواطنة تراث إبداع وتميّز"    عودة حمزة مون بيبي : فضيحة نصب تطيح بمؤثر شهير في بث مباشر وهمي    لقاء علمي بجامعة القاضي عياض بمراكش حول تاريخ النقود الموريتانية القديمة    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقهى الصويرة..
نشر في اليوم 24 يوم 08 - 08 - 2018

"سأرفض بعد اليوم أن أسمع أحدا يقول لي إن بنسالم حميش والأشعري ونور الدين أفاية ومحمد سبيلا وعبد السلام بنعبد العالي،، وحتى العروي مثقفون، لأن المثقف كما يقول جيل دولوز، وتعتبر مقولته مرجعا بؤريا في تحديد "المثقف"، هو الذي ينزل إلى الحدث، وهو ما مارسه بيير بورديو، وأي حدث جلل يستفز المثقف (لو وجد) أكبر مما يشهده الريف، ومعه عديد سهول وهضاب ونجود القهر والحرمان، نحن شعب يتيم، يتيم وظيفة رفيعة شديدة التأثير، هي وظيفة المثقف، نتيجة ضراوة الاغتيال الرمزي للمثقف الحقيقي من جهة، والنجمنة المقيتة للأشباه من جهة أخرى،"
هي كلمات قاسية في حق بعض ممن لا أنكر شخصيا تلمذتي مباشرة عنهم، أو عبر مؤلفاتهم، ومساهماتهم في النقاش العمومي، كلمات لم يكتبها مناضل عدمي، أو كويتب من الكتبنجية الجدد، بل هي صرخة أطلقها عاشق للسوسيولوجيا وأدوارها، اسمه: الحسين بوكبير..
لعلكم لم تسمعوا بهذا الاسم من قبل، وقد تستغربون إذا علمتم أنه صاحب مقهى بحي شعبي بالصويرة،، وقد تتساءلون: كيف ل"قهوجي" أن يتطاول على قامات فكرية وهامات فلسفية؟
الحسين بوكبير من القلة التي ما زالت تلتهم الكتب التهاما، ولم يصب لا بتخمتها، ولا بعسر هضمها لحد الآن، لذلك حول مقهاه إلى وزارة ثقافة في حي شعبي مهمل منسي في الخطاطة الثقافية الرسمية. في مقهى الصويرة يمكنك أن تقضي يومك كله دون أي إحساس بالملل،، فهو يضم أكثر من ألف كتاب موضوع رهن إشارة الزبناء، وطاولة بيلياردو في زاوية أخرى، ورقع شطرنج لعاشقي الرياضة الذهنية، كما يمكنك التملي بمشاهدة قطع تذكارية من دول وثقافات مختلفة خصوصا الأمريكو لاتينية والإفريقية، وصور من ماضي الصويرة في حقبتها الكولونيالية و"الهيبية "لاحقا، ولوحات تشكيلية، وبورتريهات لعظماء أثروا في مسرى التاريخ البشري (غاندي، ماركس، غيفارا، الخطابي)، في المقهى ملصقات بأقوال لمفكرين وفلاسفة كبار، المقهى باختصار متحف للتحرر والالتزام بمعناه التقدمي.
يقاوم الحسين بوكبير الرداءة بطريقته الخاصة، يضع مقهاه في خدمة أساتذة متطوعين لتقديم دروس دعم مجانية للتلاميذ المعوزين، يحتضن حفلات لتوقيع الكتب، يحول المقهى أحيانا لقاعة سينما تعرض أفلاما وثائقية أو سينمائية في حدود إمكانيات العرض المتواضعة التي قد تسمح بها المقهى، لكنه يضمن لك فرجة باذخة، حين يفتح نقاش بعد انتهاء العروض، نقاشات بطعم السياسة والفلسفة والجماليات،
مقهى الصويرة كذلك هي استوديو مفتوح لتدريب الأذن على الموسيقى، استوديو للسفر انطلاقا من الوجع الكامن في البلوز، نحو القدرة المدهشة للأمريكو لاتينيين على اجتراح الفرح، مرورا بغضب الأغنية الملتزمة والاحتفالية الكناوية، وصولا للهدوء الصوفي.. لا يوجد هناك شيئ منذور للصدفة… وحين يكون مزاج السلطة رائقا و"متسامحا" يقيم الحسين لرواد مقهاه أمسية فنية تعود بك للزمن الطلابي الثمانيني بميسمه الأوطامي..
في حي شعبي بالصويرة، يقدم الحسين درسا للأحزاب والجمعيات والمثقفين والراديكاليين في معنى الالتزام، يفتح شباب حيه القريب منه مجاليا على ممكنات الدهشة والمعرفة والفهم،، ويعود بنا نحن مجايليه لزمن الحلم واليوتوبيات التي كانت تحفزنا على الممانعة، ففي كل ركن من المقهى آثار لصرخة فرانز فانون :"يا معذبي الأرض، اتحدوا.."، وللموت التراجيدي لغيفارا، ولنظارات غاندي الذي رأى العالم من عين المقاومة اللاعنفية، وفي المقهى طبعا صورة لمولاي امحند بنعبد الكريم الخطابي، كانت قبل حراك الريف، وما زالت هناك عنوانا على الوفاء للذاكرة.
خلفية الحسين الفكرية خلفية سوسيولوجية، وقد درسها في زمنها الجميل، أيام كان المرحوم محمد جسوس يحذر من مستقبل جيل للضباع قادم، وبعد أن أنهى دراساته العليا، عاد الحسين لمدينته "المجذوبة"، وأقام جامعته الخاصة بدون ضجيج، يقدم يوميا دروسا في فلسفة الحياة والجمال والمقاومة، ظل قلبه كما دائما يخفق جهة اليسار،، لكنه اليسار الذي ينقصنا،
في فورة المنتديات الاجتماعية مطلع الألفية الثالثة، تحولت عبارة "ممكن" لدليل انتماء لهذا الأفق الذي فتحة ميثاق بورتو أليغري، فتناسلت شعارات: عالم آخر ممكن، مغرب آخر ممكن، يسار آخر ممكن، وحده الحسين كان متواضعا،وقال: مقهى آخر ممكن، وكان عند الوعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.