قدمت لجنة التقصي البرلمانية حول استيراد النفايات من إيطاليا، أمس الثلاثاء، تقريرها النهائي، وذلك بعد مضي 7 أشهر من بدءها التحقيق في ترخيص الحكومة لاستيراد 2500 طن من هذه النفايات لأهداف صناعية. اللجنة التي تم تأسيسها بناء على طلب 42 مستشارا برلمانيا في يوليوز 2016، قبل أن يتعثر تشكيلها وبدء عملها لأزيد من سنة، أفضت إلى تقرير مغرق بالتفاصيل والشهادات دون توجيه إدانات واضحة في القضية إلى الأطراف المعنية بها، رغم الجدل الواسع الذي أثاره الموضوع بين مختلف الفاعلين بسبب الخطر الذي يمكن أن تشكله النفايات الصناعية على البيئة والمواطنين. وإجمالا كان أهم ما أورده التقرير إشارته إلى عدم تعاون وزارة الداخلية مع لجنة التقصي، حيث لم يتم إطلاعها على نتائج التحقيق الذي باشرته الوزارة في الموضوع، كما تضمن التقرير على لسان أحد الشهود المستمع إليهم، إدانة لوزارة الصناعة في المسؤولية عن استيراد مواد خطرة، لكن التقرير لم يعتمد هذه الإدانة لوزارة مولاي حفيظ العلمي. النفايات المعنية وعدم تعاون وزارة الداخلية وذكرت اللجنة أن النفايات المعنية بالشحنة المذكورة هي نفايات RDF المشتقة كوقود بديل، وهي مجموع النفايات والنواتج الثانوية ذات القيمة الحرارية القابلة للاسترداد، التي يمكن استخدامها كوقود بديل في الأفران، لتعويض بعض أنواع الوقود الأحفوري التقليدي، مثل الفحم، إذا استجابت لمواصفات صارمة. وفي إشارة إلى عدم تعاون وزارة الداخلية في هذا التحقيق، قالت اللجنة إنها لم تتوصل بجواب من الوزارة على المراسلة المتعلقة بتزويدها بالتقرير الذي أعدته خلال التحقيق الذي باشرته بخصوص شحنة النفايات الإيطالية، بعد تفجر الموضوع. كما أشارت إلى عدم توفر أي جهة مسؤولة ذات الصلة بالملف على نسخة من التقرير المنجز من طرف وزارة الداخلية في إطار التحقيق الذي قامت به حول عينة من الشحنة المستوردة من إيطاليا. الشهود يؤكدون "السلامة القانونية لاستيراد النفايات" وذكرت اللجنة أنها أقامت 12 جلسة استماع إلى المسؤولين عن القطاع الوصي، حيث أبرزت أن مختلف الشهود أكدوا أن "القطاع الوصي على البيئة التزم بكافة المساطر القانونية الدولية والوطنية أثناء عملية استيراد النفايات"، وأنه "لا يستورد إلا ما يتم تصنيفه في خانة النفايات غير الخطرة". وصرح الشهود بوجود الضمانات الكافية التي تنص عليها "اتفاقية بازل" بكون هذه النفايات غير خطيرة بشهادة من مختبرات محلية وأجنبية معتمدة". بخلاف ذلك، أشار التقرير إلى تقصير حكومي في ضبط تدبير النفايات غير الخطرة التي يتم استيرادها بهدف تدويرها أو استعمالها، حيث أورد أن القانون المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها يشترط إصدار مسوم يحدد المواد المسموح باستيرادها، وهو المرسوم الذي لم ينشر في الجريدة الرسمية إلى اليوم على رغم من أنه عرض في مجلس حكومي. كما أشار التقرير إلى أن المغرب شرع في استيراد العجلات المطاطية المقطعة (Pneus déchiquetés) من طرف الشركات الاسمنتية، انطلق منذ سنة 2003، في حين بدأ المغرب باستيراد نفايات RDF كطاقة بديلة سنة 2012، رغم غياب نص تنظيمي يؤطر هذه العملية. كميات هائلة من النفايات الخطرة لا يعرف مآلها من جهة أخرى، أفاد التقرير أن أغلبية النفايات الخطرة التي ينتجها المغرب سنويا لا يعرف مصيرها أو مآلها، حيث أفاد أحد الشهود أن المغرب ينتج 6 مليون طن من النفايات الصلبة سنويا، منها 340 ألف طن من النفايات الخطرة، ومن ضمنها 40 ألف طن من زيوت الرادياتور المسماة PCB، حيث لا يعرف مآل هذه النفايات، ومكان حرقها، مستخلصا أن 340 ألف طن من النفايات الخطرة لا يصدر منها المغرب سنويا إلا 17 ألف طن عن طريق الشركات المتعددة الجنسية، في حين يجهل مصير الباقي داخل بلادنا على مستوى مكان الحرق أو مع أي مكونات أخرى يتم حرقها. وزارة حفيظ العلمي مدانة بالتقصير وحمل أحد الشهود الذين استمعت إليهم اللجنة المسؤولية المباشرة لوزارة التجارة والصناعة في استيراد مادة متلاشيات الحديد (la ferraille) قصد تدويرها في معامل صوناسيد، دون تنسيق أو مراقبة مع وزارة البيئة بحكم إمكانية حمل هذه المادة لمكونات مشعة وسامة. وأفاد بعض الشهود أن الحكومة اتخذت في مرحلة أولى قرارا بتوقيف استيراد جميع أنواع النفايات بعد ضجة النفايات الإيطالية، قبل أن يتم في مرحلة ثانية إيقاف هذا القرار ليسري فقط على استيراد نفاياتRDF. شحنة النفايات مثار الجدل لازالت في المخازن وتهدد الفرشاة المائية كما نبه التقرير إلى أن شحنة 2500 طن من النفايات الإيطالية، التي قررت الحكومها وضعها تحت المراقبة في انتظار استكمال التحريات التي فتح بشأنها تحقيق من أجل اتخاد قرار نهائي، لازالت إلى اليوم في المخازن، حيث لم ترخص الحكومة بحرقها "مما جعل الشحنة معلقة بمنطقة التخزين غير المؤهلة لحماية الفرشة المائية والهواء"، يضيف التقرير. خلاصات التقرير وخلص التقرير إلى صياغة عدد من الخلاصات، حيث سجل وجود ضعف البنيات والتجهيزات الأساسية المتخصصة في معالجة النفايات الخطرة مقارنة مع حجم ما ينتج منها في المناطق الحرة بالمغرب، بالإضافة إلى وجود خصاص في الموارد البشرية بالقطاع الوصي على البيئة والاقتصار على بعض المضامين المسطرية لاتفاقية بازل والانسجام مع مقتضياتها. كما أشار إلى محدودية قدرة الوزارة الوصية على القطاع البيئي في المراقبة التقنية للنفايات التي تنتجها الوحدات الصناعية في عمليات الحرق، مجلا ارتباكا وتدبدب الحكومة في التعاطي مع الشحنة المستوردة من إيطاليا المتعلقة ب RDF، حيث أنها أوقفت استيراد جميع أنواع النفايات في مرحلة أولى وأكدت على أن RDF نفايات غير خطرة وتستعمل كوقود بديل مما أثر سلبا على تعاطي الرأي العام الوطني. وذكر تقرير اللجنة أن توقيف عملية الاستيراد للنفايات المستعملة داخل الوحدات الصناعية قد خلف "أضرارا اقتصادية مما جعل الحكومة تتراجع عن منع استيراد النفايات وبقي مشمولا بنفايات RDF فقط". كما اعتبرت اللجنة أن ارتكاز الحكومة على استيراد النفايات الخطرة وغير الخطرة على مشروع مرسوم 2.14.505، المصادق عليه في المجلس الحكومي، وغير المنشور في الجريدة الرسمية يعد خرقا قانونيا واضحا. كما طالبت اللجنة ضرورة التسريع بتأهيل الوحدات الصناعية المغربية، وملائمة المعايير الوطنية فيما يخص انبعاث الغازات مع المعايير الدولية.