دعت لجنة تقصي الحقائق حول "ترخيص الحكومة باستيراد النفايات"، التي شكلها مجلس المستشارين، بضرورة تنسيق الحكومة في كل عمليات تصدير واستيراد النفايات غير الخطرة مع القطاع الوصي على البيئة. وطالبت اللجنة، في تقريرها الذي تم تقديمه مساء أمس الثلاثاء خلال جلسة عامة عقدها مجلس المستشارين، أيضا الحكومة باتخاذ "قرار عاجل وواضح بخصوص الشحنة الإيطالية المحجوزة بمنطقة التخزين ببوسكورة". وأكدت اللجنة على ضرورة دعم المختبر الوطني للدراسات ورصد التلوث، بموارد بشرية كفأة وذات الاختصاص في المجال البيئي، ومده بإمكانيات لوجيستيكية للقيام بمهامه. كما دعت التوصيات، المتضمنة في التقرير، إلى تمكين الشرطة البيئية من الوسائل البشرية، والإمكانيات اللوجيستيكية، ومن الحماية اللازمة التي تساهم في قيامها بمهامها بالنجاعة المطلوبة. وشددت على ضرورة تنظيم القطاع غير المهيكل في مجال تثمين النفايات (فرز وتثمين النفايات المنزلية، العجلات،الزيوت المحروقة، البطاريات،...)، من خلال إصدار إطار قانوني ينظم الفئة الاجتماعية العريضة التي يشكل التثمين موردا أساسيا من موارد رزقها، داعية أيضا إلى تمكين الجماعات الترابية من الإمكانيات الضرورية لمعالجة وتثمين وتدوير نفاياتها. وبخصوص منهجية عمل اللجنة، أوضح التقرير أنه تم تخصيص أربعة اجتماعات للتمكن من جميع جوانب الموضوع، من خلال الاستماع ومناقشة مجموعة من العروض شملت عرضا حول المساطر والإجراءات القانونية لسير وتدبير عمل اللجان النيابية لتقصي الحقائق، وعرضا حول الإطار القانوني لعملية استيراد النفايات، وعرضا تقنيا حول أنواع النفايات المستوردة وكيفية معالجتها وفوائدها وأضرارها على البيئة. واعتمدت اللجنة في عملها على رصيد وثائقي مهم شمل النصوص القانونية وتقارير المراقبة المعدة من طرف المختبرات المعتمدة ومساطير إدارية محددة من طرف الوزارة وكذا العروض المقدمة من طرف الخبرات وغيرها. وكان مجلس المستشارين قد قرر في 27 دجنبر الماضي تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول ترخيص الحكومة باستيراد النفايات، وذلك في ضوء السجال الذي صاحب استيراد إحدى شحنات النفايات من الخارج وهي الشحنة التي تورطت فيها وزيرة البيئة السابقة حكيمة الحيطي، والتي خلقت حينها ضجة واسعة دفعت مجلس المستشارين إلى التحري حول تدبير النفايات المستوردة من الخارج، التي تستعمل بديلا للطاقة في مصانع الإسمنت. وأشار تقرير اللجنة إلى أن القطاع الوصي على البيئة، الذي كانت تدبره الوزيرة الحركية حكيمة الحيطي، التزم بكافة المساطر القانونية، الدولية والوطنية، أثناء عملية استيراد النفايات، وأنه لا يستورد إلا ما يتم تصنيفه في خانة النفايات غير الخطرة، مؤكداً أن السلطات المغربية تقتصر على بعض المضامين المسطرية لاتفاقية بازل، فيما تم رصد محدودية قدرة الوزارة الوصية على القطاع البيئي على المراقبة التقنية للنفايات، التي تنتجها الوحدات الصناعية في عمليات الحرق. وتبين، حسب مضامين التقرير البرلماني، أن الحكومة اعتمدت في استيراد النفايات الخطرة وغير الخطرة على مشروع مرسوم 2.14.505، المصادق عليه في المجلس الحكومي، وغير المنشور في الجريدة الرسمية، وهو ما اعتبرته اللجنة خرقاً قانونياً واضحًا. وكشفت لجنة تقصي الحقائق حول ترخيص الحكومة باستيراد النفايات النقاب عن النقص المهول في الوسائل اللوجستيكية والموارد البشرية للشرطة البيئية مقارنة بالمهام الموكولة إليها، حيث لا يتجاوز عدد أفرادها 70 عنصرًا على المستوى الوطني. كما كشفت أن الحكومة رخصت باستيراد الشحنة الإيطالية التي أثارت الضجة، دون الترخيص بحرقها إلى حدود اليوم، مما جعل الشحنة معلقة بمنطقة التخزين غير المؤهلة لحماية الفرشة المائية والهواء. وأشارت إلى عدم توفر أي جهة مسؤولة ذات الصلة بالملف على نسخة من التقرير المنجز من طرف وزارة الداخلية في إطار التحقيق الذي قامت به حول عينة من الشحنة المستوردة من إيطاليا. وأوضحت اللجنة البرلمانية أن توقيف عملية استيراد النفايات المستعملة داخل الوحدات الصناعية نتجت عنه أضرار اقتصادية، مما جعل الحكومة تتراجع عن منع استيراد النفايات، وبقي ذلك مشمولا بنفايات RDF فقط. وأمام هذا الوضع، دعت اللجنة ذاتها إلى التسريع بتأهيل الوحدات الصناعية المغربية، وملاءمة المعايير الوطنية مع المعايير الدولية فيما يخص انبعاث الغازات.