هو واحد من الكتب المثيرة، يصنف وثيقة تاريخية من قلب العمل المسلح لحزب الاتحاد الوطني القوات الشعبية، ويضم وثائق مهمة بعضها ينشر لأول مرة، يحمل شهادة حية من كواليس التحضير لانتفاضة 3 مارس 1973، وتنظيم «الاختيار الثوري». امحمد التوزاني راوي هذه الأحداث يصفه رفيق دربه أحمد الطالبي المسعودي، بأنه «الشهيد الحي»، غاص في لجة أحداث وتجارب وأسرار ثورة لم تكتمل، بكل انتصاراتها وخيباتها ودروسها وتضحيات جيل وجد نفسه في مواجهة مفتوحة.. من أجل الحرية والديمقراطية. مؤلف الكتاب التقى المهدي بنبركة بالمغرب، وسيحاوره فيما بعد في دمشق قبيل التحاقه بمعهد الدراسات العسكرية بسوريا، كما سيلتقيه وهو في أوج عطائه، يجوب عواصم العالم تحضيرا لمؤتمر القارات الثلاث. انخرط التوزاني مع ثلة من مناضلين فلسطينيين وعرب من مختلف البلدان العربية في التكوين العسكري، كما انخرط في النضال الفلسطيني، وقام بنضال مشترك مع رفيقه غسان كنفاني، ومع تخرجه سيكون ضمن المستخرجين لرفات الأمير عبد القادر الجزائري من قبره في دمشق، وسيكون ممن حمل نعش الأمير عبد القادر إلى ساحة المرجة، حيث سيستلمه وزير الخارجية عبد العزيز بوتفليقة، لينقله إلى مثواه بالجزائر الشقيقة. أشرف على التكوين العسكري لقوافل المناضلين الأوفياء: عمر دهكون، محمد بنونة، أحمد بنجلون، اليزيد بركة.. وغيرهم من المناضلين الذين تم إعدامهم ومن هم معنيون بمحاكمة مراكش الكبرى، ومحاكمة القنيطرة، ومحاكم مدن أخرى. في مرحلة أخرى سيكون التوزاني المذيع اللامع بإذاعة التحرير «صوت الجماهير»، والتي كانت تبث من ليبيا، وكان يشرف عليها كل من ذ. عبد الرحمان اليوسفي والراحل الفقيه البصري، بعد استشهاد رفاقه سيغادر ليبيا ليولي وجهه تجاه الجزائر، ثم باريس، حيث تابع رحلته للالتزام بالخط الذي شق طريقه المهدي بنبركة ورفاقه الشهداء لتحرير الوطن وتحقيق سيادة الشعب. في هذه المذكرات التي تمتد من سنة 1962 إلى سنة 1984، يسلط التوزاني الضوء على أحداث ساخنة عاشها أو كان من صانعيها، مقدما معطيات لا نملكها ووثائق سرية تنشر لأول مرة، لكن الاتجاه العام كما يسرد التوزاني في شهادته على العصر، كان يسير بسرعة إلى تركيز سلطة مطلقة تحت مظلة دستور غير ذاك الذي كان الشعب المغربي يريده أن يؤسس لنظام ديمقراطي، وهكذا نجح الخط الرجعي بإقرار دستور مخزني يحفظ كل مظاهر سيادة القديم في سنة 1962، وتوالت منذ هذا التاريخ إعادة إنتاج نفس الدستور بأشكال مختلفة.