فتح تصويت الجزائر لصالح ترشح المغرب لتنظيم مونديال 2026، فرصة جديدة لتطبيع العلاقات بين البلدين، والتي تعرف توترا بسبب قضية الصحراء، وإغلاق الحدود الشرقية بين البلدين قبل 24 عاما. الملك محمد السادس لم يفوت الفرصة، ورد برسالة شكر وتقدير إلى الرئيس بوتفليقة، كشفها السفير المغربي، حسن عبد الخالق، علانية في حوار مع قناة «البلاد» الجزائرية، وهو أول حوار مع قناة جزائرية للسفير المغربي منذ تعيينه في منصبه. الرسالة الملكية وصفت التصويت الجزائري لصالح الملف المغربي بأنه «يعكس قيم الشهامة والوفاء والصدق، التي يتحلى بها فخامة الرئيس بوتفليقة»، ويعكس «عمق أواصر الأخوة والتضامن التي تجمع بين الشعبين الشقيقين». وعبر الملك عن حرصه على العمل مع فخامة الرئيس من أجل «تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين، في جميع الميادين، والارتقاء بها إلى مستوى طموحات الشعبين». أكثر من هذا تردد أن الرسالة تضمنت اقتراحا من الملك لبوتفليقة لتقديم ترشح مشترك لتنظيم مونديال 2030. قبل التصويت الجزائري، وقعت إشارات جزائرية أخرى تجاه المغرب، فقد وافق نجم المنتخب الجزائري لكرة القدم في الثمانينات، لخضر بلومي، على أن يكون سفيرا لدعم ملف ترشح المملكة لمونديال 2026، وتوج ذلك بتصويت خير الدين زطشي، رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، لملف المغرب، وإعلانه ذلك. وكل هذه المواقف لم تكن لتقع لولا دعم السلطات العليا في الجزائر. تصويت الجزائر لصالح المغرب جاء بعد الضجة التي أثيرت بشأن اتهام المغرب سفارة إيران في الجزائر بدعم البوليساريو من خلال حزب الله اللبناني، ورد الفعل الجزائري العنيف على هذا الاتهام. وهو تصويت خلف ارتياحا في الأوساط الكروية في البلدين ووسط الجماهير، وانعكس على التعليقات في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تبادل الجمهوران المغربي والجزائري رسائل الود، وجرى تداول فكرة تقديم ترشح مشترك مغربي جزائري لتنظيم مونديال 2030. فهل يمكن أن تمهد هذه الخطوات الطريق لتقارب بين البلدين، تلعب فيه الكرة دورا مهما؟ المسؤولون المغاربة والجزائريون يعرفون بعضهم البعض منذ سنوات طويلة، فرغم أن العلاقات بين البلدين تمر بأحلك الظروف، فإنه تقع بعض الانفراجات وبعض الإشارات بين الفينة والأخرى، لكنها لا تمس في العمق المواقف المرجعية القديمة للجزائر من نزاع الصحراء ودعمها البوليساريو. لذلك، يلاحظ أنه كلما وقع انفراج بين البلدين، صدرت بسرعة تصريحات تذكر بأن المشكل لايزال قائما، وأن ما حدث من انفراج لا يعني حدوث تغيير جذري في المواقف. لذلك، لم تمر سوى أيام على الرسالة الملكية التي خلفت ردود فعل إيجابية في الأوساط الإعلامية والشعبية في الجزائر، حتى خرج رئيس الحكومة، أحمد أويحيى، للتذكير بدعم الجزائر للبوليساريو، مرددا، خلال اختتام الدورة الخامسة للمجلس الوطني لحزب التجمع الوطني الديمقراطي الحاكم، أن الجزائر تدفع ضريبة تمسكها «باستقلالية قراراتها، ومساندتها الصحراويين». مع ذلك، فالمغرب ينظر بإيجابية إلى موقف الجزائر وإلى اقتراح تنظيم مشترك للمونديال وإحياء الاتحاد المغاربي، حسب ما نقل عن السفير المغربي. والجزائر أيضا طرحت، على لسان رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، فكرة التنظيم المشترك. فهل يمكن الرهان على الكرة لتحقيق ما فشلت فيه الجهود الدبلوماسية؟.