مع اقتراب موعد انتخاب المجلس الوطني للصحافة في22 يونيو الجاري، اندلعت مواجهة قضائية مثيرة للجدل من شأنها أن تهدد إخراج هذا المجلس، بعدما وضع صحافيون ثلاثة طعون أمام المحكمة الإدارية بالرباط ضد عملية انتخاب المجلس، الذي يعتبر أول تجربة في المغرب في مجال التنظيم الذاتي للمهنة. النقابة الوطنية للصحافة اتهمت مدير وكالة المغرب العربي للأنباء، خليل الهاشمي، بالوقوف وراء الطعون. ويجري الحديث عن قيام مسؤولة في الوكالة بإرسال رسالة عبر البريد الإلكتروني، إلى الصحافيين العاملين في مكاتب الوكالة في الخارج، تطلب منهم توقيع "توكيل" يسمح لمحامي الوكالة بالطعن باسمهم لأنه لم تتخذ إجراءات تسمح لهم بممارسة حقهم في التصويت، أي إن القانون يفرض على صحافي الوكالة ولو كان مراسلا أن يحضر شخصيا للتصويت. عدد من المراسلين وقعوا التوكيل الذي تم تحويله إلى القسم القانوني للوكالة، والذي كلّف محامي الوكالة بوضع طعن أمام المحكمة الإدارية في الرباط. مصدر مطلع قال إن هذا الطعن "غير إرادي"، وإنما تم إملاؤه من مدير الوكالة خليل الهاشمي، معتبرا ذلك "فضيحة". لكن ليس هذا هو الطعن الوحيد الذي يواجه انتخاب المجلس الوطني، بل هناك طعنان آخران، الأول ضد ترشيح يونس مجاهد في لائحة النقابة، والثاني ضد ترشيح نور الدين مفتاح ضمن فئة الناشرين. أصحاب الطعن يقولون إن المرشحين يوجدان في حالة التنافي، لأنهما عضوان في "لجنة الإشراف"، التي قامت بالتحضير لهذا الانتخابات. جميع هذه الطعون تفيد المصادر قدمها صحافيون من الوكالة. لكن أي مصلحة للهاشمي في "التحريض" على الطعن في هذه الانتخابات وتكليف محامي الوكالة بوضع الطعون. مدير الوكالة كان يرغب في الترشح لعضوية المجلس الوطني ضمن فئة الناشرين، وقدم ترشيحه أمام لجنة الإشراف، باعتباره مدير نشر مجلة "دفاتر الوكالة"، لكن لجنة الإشراف التي يرأسها قاض، رفضت هذا الترشيح، معتبرة أن "دفاتر الوكالة" مجرد نشرة داخلية. ولهذا يقول المصدر، فإن الهاشمي لجأ إلى دفع عدد من صحافيي الوكالة في الخارج للتقدم بطعن استعجالي. عبدالله البقالي، رئيس النقابة، واحد من المرشحين في لائحة النقابة قال ل"أخبار اليوم"، اعتبر أن وكالة المغرب العربي كمؤسسة عمومية "متورطة" في الطعون ضد انتخاب المجلس الوطني، لأن الوكالة هي التي "طلبت من المراسلين توقيع توكيل لوضع الطعن"، وهي التي "كلفت محاميها الرسمي بوضع الطعون"، وتابع قائلا: "هذا يعني أن مدير الوكالة ينصب نفسه باسم الدولة طرفا في هذا النزاع"، مستغربا تحرك الهاشمي في هذا التوقيت رغم مرور مدة على إصدار القانون المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة. وبخصوص مضمون الطعون قال إن "القانون منع التصويت بالتوكيل"، أي إنه إذا أراد مراسلو الوكالة التصويت، فعليهم الحضور لمكاتب التصويت في المغرب. أما في ما يهم حالة التنافي، فقد قال إن كلا من يونس مجاهد ونور الدين مفتاح، كانا عضوين في لجنة الإشراف، لكنهما استقالا بعد ذلك لتقديم ترشيحهما. لكن ما يعمق أزمة انتخاب المجلس، هو أن هذه الطعون "المدعومة من الوكالة" لقيت دعما من لائحتين مرشحتين للمجلس الوطني، وهما اللائحة التي يتزعمها علي بوزردة، المدير السابق للوكالة وتحمل اسم "التغيير"، واللائحة التي يتزعمها عبدالصمد بنشريف، مدير "قناة المغربية"، وتسمى "لائحة الوفاء والمسؤولية". كلا اللائحتين وقعتا بيانا نشرته الوكالة الرسمية في 15 يونيو، يعلن "مساندتهما للطعون الاستعجالية" واحتفاظهما "بحقهما في اتخاذ الموقف المناسب في التعامل مع مختلف التطورات والمستجدات، بما في ذلك اللجوء إلى طعون جديدة أمام القضاء الإداري الاستعجالي ورفع عرائض إلى المحكمة الدستورية والمقاطعة، إن اقتضى الحال". وطعنت اللائحتان في المرجع القانوني لإجراء هذه الانتخابات، معتبرة أنها "تجري وفق قرار للجنة الإشراف وليس بمقتضى مرسوم وزاري.. مما يجعل اللائحتين تتساءلان عن الأسباب التي جعلت السلطة الحكومية، ممثلة في وزارة الثقافة والاتصال، تتخلى عن مهامها في إصدار مرسوم ينظم هذه الانتخابات، وذلك لفائدة لجنة مهمتها الإشراف وليس وضع قرار يخص تنظيم هذه الانتخابات التي تشارك فيها نقابة هي عضو في اللجنة، في ضرب صارخ لمبدأ الحياد والاستقلالية والنزاهة". كما انتقدت قرار اعتماد نمط اللائحة في التصويت على فئة الصحافيين في المجلس، واعتبرته "نمطا لاديمقراطيا ولادستوريا ويعبر عن رغبة في الإقصاء تم وضعه من لدن أطراف رغبتها وهاجسها الوحيدين، هو الاستيلاء على مقاعد المجلس بمختلف الأساليب والطرق". كما اعتبر البيان أن هذه الانتخابات "تجرى في ظروف استثنائية لم تراع فيها اللجنة لا الشهر الفضيل ولا فترة عيد الفطر ولا منافسات كأس العالم بروسيا، التي يغطيها عشرات الصحافيين المغاربة الذين تم حرمانهم من حق التصويت". من جهتها، هاجمت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء، خليل الهاشمي الإدريسي، واتهمته بتعميم مطبوع على الصحافيين للتوقيع عليه، لإرساله إلى المسؤولة عن القسم القانوني، قصد توكيل مطلق لمحامي الوكالة، من أجل الطعن في عمل لجنة الإشراف عن انتخابات المجلس الوطني، واتهمته بتكليف صحافيين من الوكالة لرفع دعاوى ضد عمل لجنة الإشراف. ويرأس هيئة الإشراف، حسب القانون قاضي منتدب من المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وممثل عن وزارة الاتصال وممثل عن جمعية هيآت المحامين، وممثل عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وممثل عن الهيأة الأكثر تمثيلية للصحافيين وممثل عن الهيأة الأكثر تمثيلية للناشرين.النقابة اتهمت المدير العام للوكالة، بالتدخل بشكل "سافر وغير قانوني"، في مسلسل انتخابات هيأة ينبغي أن تكون مستقلة، كما تنص على ذلك مبادئ الدستور، وكذا القانون المنظم". وأشارت النقابة إلى أن الهاشمي"حاول التسلل إلى هذه المؤسسة الخاصة بالتنظيم الذاتي للصحافيين عبر تقديم ترشيحه، ضمن فئة الناشرين، بعدما ادعى أنه مدير نشر مجلة"، في حين أن "الأمر كان يتعلق بنشرة داخلية تصدرها وكالته ولا ينطبق عليها قانون الصحافة والنشر، وقد رفضت اللجنة هذا الترشيح". النقابة أبلغت "كلا من رئيس الحكومة ووزير الاتصال، بهذه الوقائع الخطيرة، التي تشكل انتهاكا واضحا لمبدأ الحيادية، الذي ينبغي أن يتحلى به الموظفون العموميون، وتؤكد أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الممارسات اللاقانونية، التي تحاول نسف مسلسل هذه الانتخابات، لمنع إخراج هذا المجلس من الوجود". هذا، وينتظر أن تنظر المحكمة في الطعون الاستعجالية قبل موعد الانتخابات المقررة في22 يونيو، ما يعني أن انتخاب المجلس الوطني بات مهددا.