مع حلول شهر رمضان، تنطلق دعوات العديد من الفعاليات الحقوقية والمدنية، تطالب بإلغاء الفصل 222 من القانون الجنائي، القاضي بتجريم الإفطار العلني في رمضان، إلا أن أنها تصطدم مع دعوات أخرى ترى في الأمر استفزازا صريحا لدين المجتمع وخصوصيته التي تحترمها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. في نظر عبد الصمد مرداس الداعية الإسلامي، فإن رمضان هو أوامر علوية من الله إلى المكلفين من عباده، ينبغي أن تتم وفق الطريقة التي يأمر بها الله عز وجل. إلا أنه يرى بأن المخالفين والأقليات هم أحرار في ما يفعلون ولا يوجد في الدين ما يلزمهم بأن يتعبدوا دينا لا يريدونه، لأن الإسلام مبني على الحرية، "لا إكراه في الدين". حسب مرداس، الله لا يريد أعناق عبيد بل يريد قلوب عباد، نافيا وجود صيام مجتمعي من أجل إرضاء الناس، ومؤكدا على أن الأمر يتعلق بعبادة لا بد لها من حرية، إلا أنها تتنافى في نظره مع دعاة الإفطار العلني في رمضان، الذين يخلطون بين الحقائق، متسائلا عن أسباب إثارتهم للبلبلة في مجتمع مسلم وجب عليهم احترام خصوصياته الدينية وفي مقدمتها الإسلام وإمارة المؤمنين، مادام أنه ليس هناك ما يلزمهم بالصيام. واصفا جهرهم بالإفطار ب"العصيان وزعزعة الأمن الروحي". بالنسبة للشيخ حسن الكتاني، هناك فرق بين حرية التدين واستفزاز المجتمع بالإفطار العلني في رمضان، لأن الأصل فيمن أراد أن يخالف المجتمع أن يتكتم على ما يفعله لا أن يجاهر به، موضحا أن دعاة الإطار العلني في رمضان يتعمدون استفزاز المجتمع، بكسر هيبة وحرمة شهر رمضان، مشددا على أن من حق الدولة أن تمنعهم من فعل ذلك. الكتاني لا يعتقد بوجود تعارض بين الآية التي تشدد على أنه لا إكراه في الدين ومنع المجاهرين بالإفطار، لأنها تفهم على غير وجهها الصحيح، لأنها تتعلق بعدم إكراه اليهود والنصارى على دخول الإسلام. حسب المفكر السلفي محمد عبد الوهاب رفيقي، فإن مناقشة الإفطار العلني في رمضان ينبغي أن تتم بعيدا عن الاستغلال السياسي والإيديولوجي، لأنها تتعلق بحرية الأفراد في ممارسة شعائرهم الدينية بالشكل الذي يريدون، معتبرا أنه ليس من حق الدولة أو المجتمع التدخل فيها. وكشف رفيقي، أن الإفطار العلني في رمضان من المواضيع الحديثة على المجتمعات الإسلامية، بما فيها المجتمع النبوي الأول الذي لم يكن فيه تشدد ولا حساسية من هذا الأمر، حيث كان ذوو الأعذار يفطرون علانية في الفضاءات العامة، أمام الصائمين كما جاء في روايات حديثية، "لا يعيب منا الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم". حسب وجهة النظر القانونية للناشط الحقوقي عبد المالك زعزاع، فإن الحريات الفردية بالمغرب مؤطرة دستوريا انطلاقا من الفصل الثالث الذي ينص على أن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام، الذي يوضح الهوية العربية الإسلامية للدولة المغربية، فحسب الدستور دائما لا يمكن مراجعة الإسلام والملكية، فهما من الثوابت التي لا تخضع للاستفتاء أو المناقشة، ومن تم هناك حماية جنائية لهذه الثوابت والمقدسات. وشدد المحامي زعزاع على أن تدمير خصوصيات الشعوب، هو تدمير للشعوب وطمس لمعالم حضارتها وهويتها وتاريخها، مؤكدا على حق الأفراد في ممارسة حريتهم ما دامت حريتهم مقيدة بثوابت المجتمع انطلاقا من الدستور، والمواثيق الدولية التي تنص على خصوصيات الشعوب. معتبرا أن النقاش ينبغي أن ينصب أساسا على احترام خصوصية الشعوب، وعدم السماح لكل المبادرات المعزولة، أن تستفز مشاعر المغاربة وأن تمس بقدسية رمضان، مؤكدا أن دعاة الإفطار العلني ينفخون في رماد لا يمكن لأي أحد أن يوافقهم على ما يفعلون، كما هو الشأن بالنسبة لدعاة المثلية الجنسية، وهي الممارسات التي تمجها أخلاق المجتمع والحضارة الإسلامية.