رغم مرور أكثر من سنة على كشف إدريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، عن توقيف الحكومة لبرنامج "تيسير" الذي يتضمن دعما ماليا للأسر الفقيرة في العالم القروي، شريطة تمدرس الأبناء، لازال هذا البرنامج متوقفا إلى اليوم لأسباب غامضة. فمنذ سنة 2015، أي قبل الانتخابات التشريعية والبرلمانية السابقة، لم تتوصل الأسر في العالم القروي بالدعم رغم أن الحكومة رددت في أكثر من مناسبة بأنها رفعت مبلغ الدعم ووسعت قاعدة المستفيدين. برنامج تيسير أدرج لأول مرة ضمن المخطط الاستعجالي 2009-2012، ووضع له هدف "تحقيق تكافؤ الفرص لولوج التعليم الإلزامي، وخاصة بالنسبة للتلاميذ المنحدرين من أسر معوزة". وسعى للحد من ظاهرة الهدر المدرسي بالتقليص من الوقع السلبي لبعض العوامل المؤثرة على طلب التمدرس، كالكلفة المباشرة لتحفيز الأسر على تسجيل أبنائها في المدرسة. وتم فيه استهداف الجماعة القروية بناء على ثلاثة معايير وهي: نسبة الفقر تساوي أو تفوق 30%، ونسبة الهدر المدرسي تساوي أو تفوق 8%، إضافة إلى التركيز على مجال تدخل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وتستفيد من البرنامج جل المؤسسات التعليمية للسلك الابتدائي المتواجدة بتراب الجماعة القروية المستهدفة. ويشترط في الأسر التوفر على طفل واحد متمدرس على الأقل بإحدى المؤسسات التعليمية المستفيدة من البرنامج، شريطة احترام المواظبة بالسلك الابتدائي المحددة في 4 غيابات في الشهر. وكانت التحويلات المالية تتم عبر الوكالات البريدية، ويتراوح مبلغ المنحة بين 60 درهما في الشهر لكل تلميذ بالمستويين الأول والثاني ابتدائي، و140 درهما في الشهر للتلميذ بالنسبة للإعدادي. البرنامج بدأ في مرحلة تجريبية لمدة سنتين انطلاقا من موسم 2008-2009. وهمت 132 جماعة قروية. ونظرا لنتائجه الإيجابية، تقرر توسيع المجال الجغرافي للمرحلة التجريبية ليصبح عدد الجماعات المستفيدة 242 جماعة. وخلال موسم 2010-2011، تم توسيع البرنامج، لينتقل عدد الجماعات القروية المستهدفة إلى 434 جماعة (تم تحديد نسبة الفقر في 14% انطلاقا من خريطة الفقر لسنة 2007). إضافة إلى إدراج السلك الثانوي الإعدادي بصورة تدريجية. هكذا انتقل عدد الأسر المستهدفة من 47.052 أسرة سنة 2008-2009 إلى حوالي 460.500 أسرة خلال موسم 2017-2018. وبلغ متوسط عدد الأطفال المستفيدين من البرنامج: 1,7 لكل أسرة. فيما المتوسط السنوي لمبلغ المنح المحولة لكل أسرة: 1.300 درهم. وانتقل عدد التلاميذ المستفيدين من 87.795 تلميذا في موسم 2008-2009 إلى حوالي 774.000 تلميذ سنة 2017-2018. منهم حوالي 47% من الإناث. من حيث التمويل، فقد تم من 2008 إلى 2013، تمويله من الميزانية العامة للدولة من خلال الباب المتعلق بالنفقات المشتركة. وبلغ حجم الميزانية المرصودة: 1,854 مليار درهم. ولكن ابتداء من السنة المالية 2014، أصبح البرنامج يمول صندوق "دعم التماسك الاجتماعي". وبلغت الميزانية المرصودة من الصندوق 2 ملايير درهم. هذا البرنامج حسب وزارة التربية الوطنية ساهم في تقليص نسبة الهدر المدرسي بحوالي 60%، خاصة بالنسبة للفتيات وبالمدارس الفرعية، وإعادة تمدرس حوالي 37% من التلاميذ المنقطعين عن الدراسة. ورغم نتائجه الإيجابية، فإن هذا البرنامج اليوم متوقف منذ أزيد منذ 2015. لحسن الداودي، الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، قال ل"أخبار اليوم"، إن سبب توقيفه "مؤقت"، وهو انتظار وضع آليات الاستهداف، عبر "السجل الاجتماعي الموحد"، مشيرا إلى أنه تقرر ألا يستفيد منه سوى من يحمل "بطاقة راميد". لكن مصادر كشفت أن التوقيف له علاقة بصعوبات مالية يعانيها صندوق التماسك الاجتماعي، الذي تجاوزت مصاريفه حجم مداخيله سنة 2017، حسبما كشف وزير المالية محمد بوسعيد في لجنة برلمانية أول أمس.6