خرجت، أمس الخميس، أول أيام شهر رمضان، نساء حي "ولا الكيشية" التابع لأحد أرقى أحياء الرباط، ليشكين إقصاءهن وعائلاتهن من الاستفادة من الحق في إعادة الإسكان بعد هدم بيوتهم، لتتحول حياتهم من العيش في بيوت تحترم الكرامة الإنسانية، إلى خيام في العراء، ومطاردات مستمرة. حكت النسوة، صباح أمس، في ندوة صحافية نظمنها وسط العاصمة الرباط، تحت عنوان "في هي المساواة"، للمطالبة بحقهن في الاستفادة من الوعود السابقة التي أعطتها لهم الدولة بضمان مساكن لهن، بعد هدم البيوت القديمة. في شهادات مؤثرة، تحدثت النساء عن القهر الذي يعانين منه، وهن أمهات وزوجات، يعشن في خيام بلاستيكية على قارعة الطريق، حيث تغيب كل مظاهر حفظ كرامتهن، ويفتقر أطفالهن لكل مقومات حياة الطفولة السوية، بسبب عدم تمكنهم من الالتحاق بالمدارس، والاستفادة من كل الخدمات الاجتماعية والصحية، ما بات يهدد مستقبل جيل من أبناء ولاد "الكيشية" بأكمله. ومن بين أكثر العبارات ترددا على لسان النساء المتضررات "واش حنا فالعاصمة وساكنين فالميكا" تعبيرا عن تساؤلهن حول أسباب فشل القائمين على تسيير العاصمة الإدارية في إيجاد حلول لأولاد "الكيشية"، الذين كانوا يسكنون في أحد أرقى أحياء العاصمة، حي الرياض، وتحولوا إلى ساكني "أعشاش" كما يسمونها، على قارعة الطريق، تحت أكياس بلاستيكيك لا تقيهم حر الصيف ولا صقيع البرد. وتعود فصول قصة أولاد الكيشية إلى شهر مارس من العام 2014، حيث شرعت قوات الأمن في هدم منازل السكان المتبقين من دوار أولاد دليم، الذين يقطنون وسط حي الرياض، وجميعهم يطلق عليهم "أولاد الكيشية"، حيث سبق للدولة أن وعدتهم بتوفير سكن لهم سنة 2006، كتعويض على عملية تفويت أراضي "كيش لوداية" لصالح شركة تهيئة حي الرياض، التابعة لصندوق الإيداع والتدبير. عاش السكان طوال سنة 2014، في أراضيهم داخل خيم بلاستيكية، في انتظار أن تتم تسوية وصعية سكنهم، لكن السلطات لم تلتزم بالوعود التي قدمتها لهم، وفي دجنبر 2014، قامت بمصادرة كل الأراضي، وتم إجبارهم على العيش في الشارع لما يربو عن أربع سنوات، ومازالوا يعيشون إلى حد الآن في خيم بلاستيكية على جانب الطريق في انتظار أن يتم إسكانهم. غير أن نقطة التحول في الملف وقعت في 8 من شهر ماي الجاري، حيث قامت السلطات بتدمير الخيم التي تعيش فيها عائلات بشكل مؤقت، لتعلوا أصوات أولاد كيش لوداية اليوم، لمطالبة الدولة بالالتزام بعهودها، وتنفيذ الاتفاق الذي تم عقده سنة 2006، والمرتبط بالتعويض عن السكن، فيما استطاعت قضيتهم حشد دعم حقوقي كبير.