خلص تقرير تشاركي، أنجزته 13 منظمة غير حكومية مغربية، إلى أن التمييز ما يزال قائما في عدد من المجالات، وتعاني منه فئات مختلفة، على رأسها النساء والشباب. التقرير الذي عرضه المجلس المدني لمناهضة كل أشكال التمييز، خلال ندوة صحافية، صباح أمس بالرباط، سجّل أن "المغرب قام بمجهودات كبيرة في سبيل القضاء على كل أشكال التمييز"، غير أن "السيرورة التشريعية التي تلت دستور 2011، شهدت عدم ملاءمة عدد من النصوص المعتمدة مع الالتزامات الدولية للمغرب". وفي الوقت الذي ينص فيه الدستور على مبدأ عدم التمييز بسبب الجنس أو اللون أو المعتقدات أو الثقافة أو الأصل الاجتماعي أو الإقليمي أو اللغة أو الإعاقة أو أي ظرف شخصي، أبرز التقرير عددا من الخروقات التي ما تزال قائمة بهذا الخصوص. على مستوى مشاركة الشباب في الحياة السياسية، هنالك ضعف كبير، بحيث لا يتعدى عدد الشباب المنخرطين في الأحزاب السياسية 1 في المائة، وهي نفس نسبة الشباب المنخرطين في النقابات. ويرجع ذلك إلى "ضعف تحقيق عملية انتخابية ديمقراطية نزيهة تضمن انخراط الشباب، نظرا إلى استمرار استعمال المال في توجيه الأصوات"، بالإضافة إلى "طريقة منح التزكيات ووجود نخب ضعيفة تخدم فقط، مصالحها ولا تحمل مشروعا مجتمعيا". التقرير شدد على أن "القطيعة مع نموذج الديمقراطية الموجهة، يتطلب إصلاحات عميقة تهم ربط صناعة القرار بإرادة الناخب وربط المسؤولية بالمحاسبة وفرز مؤسسات قوية بالانتخابات". الأشخاص في وضعية إعاقة يعانون بشكل أكثر، بحيث يشمل التمييز في حقهم الخطاب المستعمل سواء من طرف المسؤولين أو من طرف المجتمع. هناك تمييز، أيضا، على مستوى الولوج إلى التعليم، و"ذلك بعدم توفر الولوجيات، والإجابة عن حاجياتها على مستوى المقررات والبيداغوجيات ونقص الأطر المؤهلة لمرافتهم". وبالرغم من الخطط الوطنية في هذا المجال، إلا أن التقرير اعتبرها "غير منعكسة على جودة حياة الأشخاص في وضعية إعاقة"، حيث إن "مستويات التنفيذ تفتقد لعناصر التنزيل والأجرأة في غياب أدوات عملية وثقافة تحد من أدوار هؤلاء في المشاركة وصناعة القرار". هناك تمييز قائم، كذلك، في حق الأطفال بدون هوية. ففي الوقت الذي يعتبر التسجيل في الحالة المدنية حقا دستوريا وفق المقتضيات الدستورية، تبقى هذه الإجراءات تعترضها صعوبات كثيرة بالنسبة إلى أطفال الأمهات العازبات، حيث إن هناك خوفا من طرف هؤلاء الأمهات من الإعلان عن الحالة الاجتماعية لحظة الوضع، مخافة المتابعة بالفصل 490 من القانون الجنائي، الذي يجرّم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، الشيء الذي يطرح تناقضا بين القانون الجنائي ومدونة الأسرة على هذا المستوى. التقرير خلص إلى تحقيق نموذج تنموي جديد في المغرب غير ممكن في ظل استمرار الأشكال المختلفة للتمييز، مضيفا أن التعامل الإيجابي مع هذه الإشكال من التمييز يقتضي شجاعة سياسية وإرادة قوية، وتعديل التشريعات الموجودة، لتصبح ملائمة للمعايير الدولية التي صادق عليها المغرب.