على غرار التقارير الإعلامية الغربية التي تقدم صورة سوداوية عن المغرب، بخصوص حرية الصحافة والتعبير والتنمية وأزمة الهجرة، قدم تقرير إعلامي جديد لوكالتي الأنباء الدوليتين "رويتر" و"أوروبا بريس"، صورة سلبية عن المغرب بسبب انتهاك حقوق القاصرات، اللواتي يتم تزويجهن في سن مبكرة. وأشار التقرير إلى أن معدل زواج القاصرات في المغرب مرتفع مقارنة مع دول في الجوار مثل الجزائر وتونس. وكشف التقرير أن 16 في المائة، تقريبا، من المراهقات اللواتي يتزوجن في المغرب يقمن بذلك قبل السن القانوني، 18 ربيعا، مقارنة بالجزائر وتونس، حيث لا لا يتجاوز المعدل 3 في المائة، وفق إحصائيات ناشطين حقوقيين في مجال مكافحة زواج القاصرات. التقرير ضرب المثل بفتاة مغربية تدعى مريم "كانت في سن ال16، عندما أجبرتها أسرتها على الاقتران برجل يكبرها بعشرين عاما في زيجة لم تدم سوى ثلاثة أشهر وأسفرت عن رضيع في شهوره الأولى". وأضاف أن حالة مريم: "تبرز مدى الصعوبة التي تواجهها السلطات لمنع زواج القاصرات في ظل التفاف العائلات على الضوابط القانونية لمجاراة العادات الاجتماعية في المناطق الريفية والتغلب على الفقر". وتعليقا على قرار تزويجها في سن مبكرة، أوضحت مريم قائلة: "كنت أعتبر الزواج حفلة بهيجة يجتمع فيها الأهل والأحباب، وأن ألبس أجمل الحلل وأبدو في غاية الجمال، لم أكن أدري أن للزواج كل هذه التبعات والمشاكل بعد انقضاء الحفل وانصراف الجميع إلى حال سبيله". نفس وضعية مريم عاينتها "أخبار اليوم" في منطقة الأطلس المتوسط، حيث إن العديد من الأسر تلجأ إلى تزويج بناتها القاصرات، لا لشيء إلا لأن بنيتها الجسمانية اشتدت، وكثرة طلبات الزواج، وسط مجتمع يعتقد أن "الزواج المبكر مثل الاستيقاظ في الصباح المبكر الذي يوصف بأنه ذهب مشري". محمد سائق طاكسي كبيرة بمدينة مريرت أكد ل" اليوم24″، أنه زوج اثنتين من بناته دون أن يبلغا سن الرشد. وأوضح: "كلاهما تزوجتا في سن ال16 ربيعا. الأولى قضت عند زوجها 3 سنوات عاد دارو عقد الزواج، والعلاقة الزوجية مزيانة دابا، أكثر من ذلك راه عندهم الدراري"، وبخصوص الثانية يقول: "هي صغيرة من الأولى، هي دابا راه مع والدي زوجها، وراها معهم منذ أكثر من سنة، ومازال مادرنا عقد الزواج". وعن الضمانات التي تلقاها مقابلة القبول بالمغامرة بمستقبل ابنته في مجتمع محافظ، أكد قائلا، هذه المرة بالأمازيغية: "نحن ننظر إلى والدي الزوج، نختار العائلة الأصيلة، والحمد الله الكل معهم على ما يرام". وبالعودة إلى قضية مريم، قالت أمها فاطمة التي تزوجت هي نفسها في سن الرابعة عشرة إنها لم تر غضاضة في زواج ابنتها في هذه السن، لأن الزواج المبكر في مصلحة الفتاة. وأردفت، كذلك، أن الزوج وعدها بالاعتناء بابنتها إلى حين بلوغها السن القانونية، على أن يتم حينها تحرير عقد زواج رسمي، لكنه تخلى عن زوجته وطفله "لأتفه الأسباب"، لأن مريم رفضت العيش في ذات البيت مع والدته وأسرته التي عاملتها كخادمة. مواطن أخرى في ضواحي خنيفرة أكد ل"أخبار اليوم"، أنه زوج ابنته في سن 17 ربيعا دون عقد زواج، لأن القاضي لم يسمح بتزويجها. وأضاف قائلا: "وخا هكداك درنا العرس، ومشات معاه إلى مدينة أكادير حيث يعمل في الضيعات الفلاحية، وبعد سنة عادا ووثقا زواجهما، وهما الآن لديهما طفلان". على صعيد متصل، أوضح تقرير رويترز و"أوروبا بريس" أن النشطاء الحقوقيين يطالبون بإلغاء بنود من قانون الأسرة تترك للقاضي بعض الاستثناءات فيما يتعلق بتزويج القاصرات، كأن يكون سن القاصر يقارب سن زوجها وتجمعهما علاقة حب، وألا يقل عمرها عن 16 عاما، مع وجود مؤهلات جسدية وصحية تتمثل في تحمل الزواج والإنجاب. الناشطة الحقوقية والمحامية عائشة الحيان قالت: "بعد 14 سنة من التطبيق، أصبح مطلب التعديل الشامل للمدونة مطلبا ملحا واستعجاليا لضمان الانسجام بينها وبين مستجدات الدستور وضمان المساواة الفعلية ". في المقابل، هناك قضاة لا يقبلون بعض الاستثناءات التي يسمح بها القانون، مثلا في حالة مريم رفض القاضي إتمام الزواج، لأن الزوج كان أكبر منها بعشرين عاما ولم تقابله من قبل قط، لكن عائلتها مضت قدما في الأمر، حسب تقرير "رويترز". وأضاف أنه بعد الجدل الذي أثاره ارتفاع نسبة زواج القاصرات، دعت النيابة العامة في المغرب في السادس من أبريل جميع المحاكم إلى "عدم التردد في معارضة طلبات الزواج التي لا تراعي مصلحة القاصر". لكن حقوقيين يرون هذه الإجراءات غير كافية في ظل إجبار العائلات لبناتها على الزواج بسبب الفقر. وعلى عكس حالة مريم، فإن خديجة (17 عاما) ابنة بلدة صفرو الجبلية، تعتبر نفسها محظوظة لأنها بعد نحو عامين من سيل من المحاكمات كان يتغيب فيها الزوج عن حضور الجلسات، توصلت إلى إثبات زواجها وحصولها على وثيقة الطلاق من رجل اقترنت به قبل بلوغ السن القانونية. وفي تحد نادر لمجتمع محافظ، تمكنت خديجة من مواصلة تعليمها بعد تعاطف معلماتها معها وقبول مدير المدرسة الثانوية رجوعها لمقاعد الدراسة وسط احترام زملائها. وقالت "كانت الأمور في البداية صعبة جدا، ظننت أن مستقبلي قضي عليه.. سأنتظر زوجا آخر وقد أنسى بعد سنوات ما قاسيته من عنف واضطهاد. لكنني لا أريد أبدا أن أربط مستقبلي مرة أخرى بالزواج". ورفعت الحكومة سن الزواج من 16 إلى 18 عاما في 2004، على أمل مكافحة زواج القاصرات، لكن بيانات وزارة العدل أظهرت أن الأرقام استمرت في الزيادة لتصل إلى 27205 حالات في 2016، بزيادة تقارب 50 في المائة عما كانت عليه قبل رفع السن. بل إن النشطاء يقولون إن النسبة أعلى